هدنة الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تؤثر على تفكير المستثمرين؟
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية هدنة مؤقتة أعلنتها موسكو من جانب واحد ولمدة 36 ساعة، في تطور يتابعه المستثمرون عن كثب للوقوف على تداعياته.
وتمثل الهدنة تحولا غير مسبوق في ظل حرب اقتربت من إتمام عام كامل، بالتوازي مع فشل عميق للجهود الدبلوماسية التي حاولت جمع أطراف النزاع على طاولة مفاوضات واحدة.
- الأرقام تكشف الرابحين من حرب أوكرانيا.. رعاة لافتة "نبيع لمن يدفع أكثر"
- سعر البنزين في مصر بعد صعود الدولار.. التوقعات ترجح زيادة جديدة
كما تمثل الهدنة بارقة أمل للاقتصاد العالمي الذي بدا أنه ينكمش ويتجه للركود استنادا إلى تحليلات قالت إن مثل هذه الحرب قد تمتد إلى عقد كامل مع حالة من اللانصر واللاهزيمة.
كيف يفكر المستثمرون في الهدنة؟
مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية أوائل العام الماضي اتخذ المستثمرون مباشرة أوضاعا دفاعية، فانسحبوا تقريبا من كل الأصول التي تحمل مخاطرة عالية، وتخندقوا خلف الأدوات المتينة وعلى رأسها الدولار.
تزامن هذا مع موجة تضخم رهيبة اكتسحت العالم، وتلاها موجة رفع كبيرة لأسعار الفائدة بقيادة الولايات المتحدة، ثم بدا أن العالم يستعد للدخول في موجة ركود طويلة لا يُعرف تحديدا متى تبدأ ومتى تنتهي.
في الأثناء، واصل المستثمرون تكدسهم في الملاذات الآمنة كسندات الخزانة الأمريكية، لكنهم أيضا عاودوا اختبار بعض الأصول الأقل مخاطرة كالذهب الذي عادت له الحياة مطلع 2023 بعد عام غير موفق في 2022.
وحتى الآن لم تستفق أصول أخرى بعد تكبدها خسائر مهولة في 2022، وعلى رأسها العملات المشفرة وسندات وعملات الأسواق الناشئة.
لكن كل هذا قد يتغير في ظل "حديث الهدنة".
الهدنة.. مدد اقتصادي محتمل
ستتوقف تحركات المستثمرين مستقبلا على مدى رؤيتهم وتحليلهم لحقيقة هذه الهدنة.
والهدنة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس ودخلت حيز التنفيذ اليوم الجمعة، هي أول هدنة على الإطلاق منذ اندلاع الحرب.
وفي حال تم تحليل الهدنة على أنها بداية لإيقاف المدافع والسماح بالجهود الدبلوماسية، فإن الأمر سيكون له تأثير مباشر وفعال على كل دوائر الاقتصاد والاستثمار حول العالم.
ووفق بلومبرغ، فإن ما يرجح كفة القرب من التفاوض، أن أوكرانيا تمكنت خلال الأشهر الماضية من تحسين وضعها العسكري وبالتالي تقوية موقفها التفاوضي.
وأوضحت الوكالة: "في الأيام الأولى لم يكن لدى أوكرانيا سوى القليل من الأدوات، وكان التفاوض بمثابة استسلام، وفي وقت من الأوقات عرض الرئيس فولوديمير زيلينسكي فعليا على نظيره الروسي صفقة، تضمنت أن تصبح أوكرانيا محايدة بشكل دائم -أي التخلي عن العلاقات مع الناتو إلى الأبد- لكن بوتين لم يكن مهتما".
وتابعت "لقد تغير الكثير الآن.. يبدو أن الزخم العسكري في صالح أوكرانيا، إذ تتلقى تدفقا ثابتا من أحدث الأسلحة والذخيرة من المعدات من أصدقائها الغربيين، ويتعلم جنودها في وقت قياسي كيفية استخدام كل هذه المعدات لإحداث تأثير مميت، وأصبحت أوكرانيا تأمل في انتصار من نوع ما، وإذا بدأت المفاوضات هذا العام فستكون في موقف تفاوضي أقوى بكثير".
ولا يتطلب الاقتصاد العالمي المتردي سوى بصيص أمل بجلوس الطرفين إلى طاولة مفاوضات واحدة، وعندها ستزيد الآمال وستنشط سلاسل الإمداد وعمليات الإنتاج والتجارة، وربما يخفف هذا من أثر التضخم ويجنب العالم ويلات الركود.
سيناريو "العشرة الكئيبة"
ومع ذلك، يتشكك الكثيرون في أن يكون لهذه الهدنة معنى حقيقي يمكن التعويل عليه.
تذهب تحليلات أخرى إلى أن مثل هذه الحروب يعتقد أطرافها أنها لا تنتهي لا بالقتال ولا بالمفاوضات، إذ قد تستمر لعشر سنوات وتبقى في حالة من الجمود وانعدام الحسم.
وفي هذه الحالة -ووفقا للمجلس الأوروبي- سيستمر العالم يتخبط بين ارتفاع أسعار السلع الأساسية وصدمات الطاقة، والعواقب الجيوسياسية الناشئة لصراع في قلب أوروبا، تنخرط به دولة مسلحة نوويًا وعضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وحسب المجلس، فإن أكثر البلدان ضعفاً من حيث التعرض الاقتصادي المباشر لروسيا وأوكرانيا هي في الغالب تلك التي لها قرب جغرافي وتاريخي من روسيا (بيلاروسيا وأرمينيا وقيرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان).
كما تتأثر أيضا البلدان من المناطق الأخرى سلبا من خلال التأثيرات العالمية بسبب اعتمادها على واردات السلع والتحويلات والسياحة مثل الأردن وجزر المالديف وسانت فنسنت وجرينادين وجامايكا.
وتتأثر دول أخرى من خلال ضعف المرونة بسبب مستويات الديون المرتفعة الموجودة مسبقًا والضغوط التضخمية وسوء الإدارة، مثل سوريا واليمن والسودان لبنان، وأقل البلدان نموا مثل غامبيا وجزر القمر وسيراليون.