الرئيس ترامب وهو الشخصية المثيرة للجدل كان محظوظا للغاية فقد توافق انتخابه رئيسا مع سيطرة جمهورية على الكونجرس بشقيه
في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث الديمقراطية "المختلفة والفريدة من نوعها"، والتي كتبنا عن كثير من جوانبها، يحدث أن يكون حزب الرئيس هو الذي يسيطر على الكونجرس بشقيه، أي مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهذا هو حلم كل رئيس أمريكي؛ إذ يمنحه ذلك حرية أكبر في اتخاذ القرارات، وتمرير المشروعات ذات الطابع الجدلي، أما إذا كانت الأغلبية في أحد المجلسين أو كليهما ليست من حزب الرئيس، فإنه يكون في وضع لا يحسد عليه؛ إذ يطلق عليه في هذه الحالة مصطلح "البطة العرجاء"، وقد عانى كثير من الرؤساء الأمريكيين من هذه الحالة، وكان آخرهم باراك أوباما؛ إذ إن المسألة تتحول، في غالب الأحيان، إلى مناكفات حزبية لا تؤدي إلى أي نتيجة، وهذا يعطِّل استصدار القوانين، التي يؤدي تأخيرها إلى معاناة شعبية، يتسبب بها من تم انتخابهم لخدمة الشعب!
لو تمكَّن الديمقراطيون من تنظيم صفوفهم، واستغلال الانحياز الإعلامي الشرس ضد ترامب حالياً، فإن هناك احتمالية بأن يصبحوا الأغلبية في الكونجرس، وهذا سيجعل السنتين الأخيرتين من حكم ترامب في غاية الصعوبة، لأن موقفهم من ترامب يشبه، في كثير من الوجوه، المواقف العقدية التي لا تقبل التفاهم
الرئيس ترامب وهو الشخصية المثيرة للجدل، كان محظوظاً للغاية، فقد توافق انتخابه رئيساً مع سيطرة جمهورية على الكونجرس بشقيه، ولك أن تتخيل حجم المعاناة التي كان سيمر بها، لو أن خصومه الديمقراطيين كانوا هم الأغلبية البرلمانية، ومع ذلك فإن هذا الأمر مؤقت، إذ تحل الانتخابات التشريعية لانتخاب كامل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، في نهاية عام 2018، وفيما لو تمكَّن الديمقراطيون من تنظيم صفوفهم، واستغلال الانحياز الإعلامي الشرس ضد ترامب حالياً، فإن هناك احتمالية بأن يصبحوا الأغلبية في الكونجرس، وهذا سيجعل السنتين الأخيرتين من حكم ترامب في غاية الصعوبة؛ لأن موقفهم من ترامب يشبه، في كثير من الوجوه، المواقف العقدية، التي لا تقبل التفاهم.
قبل أيام، احتفل الديمقراطيون بفوز مرشحهم للانتخابات الخاصة لمجلس الشيوخ في ولاية ألاباما، والتي تمت لملء مقعد السيناتور الجمهوري السابق، جيف سيشون، الذي عيَّنه ترامب وزيراً للعدل، وهذه الولاية تقع في عمق الجنوب الأمريكي الزراعي المحافظ، والذي له تاريخ حافل بالعنصرية.
وكانت ولاية ألاباما هي قلب المعارضة لقانون المساواة بين الأمريكيين السود والبيض، خلال ستينات القرن الماضي، كما كانت إحدى الولايات التي عارضت تحرير السود من العبودية، أثناء حكم الرئيس التاريخي إبراهام لينكولن (1860- 1865)، وانفصلت، مع عدة ولايات، عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت جزءاً من دولة الولايات الكونفيدرالية الأمريكية! وهي الدولة التي هزمها لينكولن، وأعاد توحيد أمريكا من جديد، وبما أن ولاية ألاباما كذلك، فإنها ولاية جمهورية "ترامبيّة" خالصة، فكيف فاز فيها مرشح ديمقراطي على خصمه الجمهوري، المدعوم من ترامب، وماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل ترامب؟! هذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل!
نقلا عن صحيفة "الجزيرة" السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة