لقد عمل الرئيس ترامب على سياسة خطيرة تمثلت في اعتقاده أن هذا العالم يتم حمايته من قبل أمريكا التي هو يمثلها، وقد هاجم الكثير من الدول.
أصبح من الواضح أن الرئيس الأمريكي ترامب يجهل في السياسة أو يتجاهل كثيراً وبدرجة أبعد مما توقعه العالم عنه، فخلال السنوات الماضية عبر ترامب عن نقص تقني في الأدوات وفي الفهم السياسي. فقد عمل كطبيب تنقصه الخبرة الذي سرعان ما واجه الصعوبات أثناء العمليات الجراحية استأصل الأعضاء بأكملها لكي يتخلص من المشكلة بغض النظر عن نشوء مشكلة جديدة.
أي مساس غير متزن لقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية تحديدا وأرض الجولان والمنطقة العربية شبه المحرومة سياسيا من حقوقها، قد يؤدي إلى نمط من المقاومة غير معهود تستثمر فيه الأخطاء السياسية لتبرير العنف والانحراف
منذ قدوم ترامب إلى البيت الأبيض وهو يشن عمليات استئصالية لمواقفه السياسية في منطقة الشرق الأوسط، إلى درجة أن هناك سفارات أمريكية بلا سفير في معظم الدول العربية، فهو يعتقد أن جميع الرؤساء الأمريكان السابقين كانوا جهلة وغير أَكْفَاء في اتخاذ المواقف السياسية، وقد ردد ذلك في خطاباته المتكررة، فمنذ اعترافه بالقدس كعاصمة أبدية لدولة إسرائيل إلى اعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان نشهد إمكانية ظهور وعد بلفور من جديد وهذا ما يشكل أزمة معقدة.
لقد عمل الرئيس ترامب على سياسة خطيرة تمثلت في اعتقاده أن هذا العالم يتم حمايته من قبل أمريكا التي هو يمثلّها، وقد هاجم الكثير من الدول بما فيها دول أوروبية وشرق أوسطية وآسيوية كبرى، وتحدث عن دور أمريكي يمارسه هو في الحفاظ على استقرار ذلك الكون ولا يمكن أن يصاب بأذى تحت رقابته.
الأزمة الكبرى أن الرئيس ترامب لا يمارس مهنة السياسة بنفس الطريقة الاحترافية التي كانت أمريكا تمارسها عبر التاريخ. إن السياسة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب تعتمد على عملية الاستئصال لمواقفها السياسية، والحلول المطروحة دائما في السياسة الأمريكية خلال فترة الرئيس ترامب قاطعة وتعتمد على قطاع الأعمال، حيث الربح والخسارة المباشرة، ولكن الحقيقة التي نخشى منها دائما أن قطاع الأعمال بطبيعته معرض للإفلاس وقد تصاب السياسة الأمريكية بذلك.
إمكانية اعتماد العالم على قوى حديثة وصاعدة في ممارسة التوازن السياسي في النظام الدولي ممكنة، وهي قريبة من الظهور. ولم تعد القوة الصلبة كفيلة بتحييد المواقف مع الدول الكبرى في العالم التي تشعر بذات القوة التي يمتلكها غيرها. وهذا في اعتقادي أنه ما يفسر تسرع الرئيس الأمريكي في خلط الأوراق في قضايا مهمة مثل قضية الشرق الأوسط، لأنه يشعر بأن كثيرا من المتعلقات القانونية في القضية الفلسطينية على سبيل المثال يمكن حلها على طريقة الرئيس ترامب.
كل القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي حول الشرق الأوسط تحديدا لن تمر ببساطة وبلا مقاومة سياسية، فالعالم محكوم بقوانين سيتم العودة إليها سريعا عندما تحتدم الأزمات وتتصاعد المواجهة. في الحقيقة إن أي مساس غير متزن لقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية تحديدا وأرض الجولان والمنطقة العربية شبه المحرومة سياسيا من حقوقها، قد يؤدي إلى نمط من المقاومة غير معهود تستثمر فيه الأخطاء السياسية لتبرير العنف والانحراف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة