ورقة المهاجرين.. ترامب يتعهد بـ«كارثة اقتصادية» لأمريكا
حذر تحليل نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية من خطة ترحيل دونالد ترامب الجماعية للمهاجرين ستكون بمثابة «كارثة اقتصادية» لأمريكا.
واعتبر التقرير أن خسارة العمال المهاجرين من شأنها أن تؤدي إلى خسائر في الإنتاجية مما يؤدي إلى ظهور ضغوط تضخمية جديدة.
ووعد ترامب أنصاره بتنفيذ "أكبر عملية ترحيل في تاريخ أمريكا". وبعد ردود الفعل العنيفة على سياسات جو بايدن الحدودية، تبنت الديمقراطية كامالا هاريس الدعوة إلى القيود الحدودية والحاجة إلى الحفاظ على حدود طالبي اللجوء. لكن أيا من المرشحين لا يدرك حقائق الهجرة إلى الولايات المتحدة.
- بينيشيو ديل تورو ينتقد خطاب التحريض ضد المهاجرين: ليسوا جميعا سيئون
- ترحيل المهاجرين.. كوابيس اقتصادية تنتظر الدول المتقدمة
كارثة اقتصادية
وقال زيكي هيرنانديز، أستاذ الاقتصاد في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، عن تهديد ترامب بالترحيل: "ستكون كارثة اقتصادية لأمريكا والأمريكيين ولن يتضرر المهاجرون فحسب، بل سوف يتضرر الشعب الأمريكي اقتصاديا".
ومع تقاعد تدريجي للأمريكيين في ظل انخفاض أعداد المهاجرين، ستكافح الحكومة الأمريكية للحفاظ على الناتج الاقتصادي، إذ يحتاج أصحاب العمل في الولايات المتحدة إلى توظيف 240 ألف شخص شهريا على مدى السنوات الخمس المقبلة فقط لاستبدال أولئك الذين يغادرون، وفقا لدراسة حديثة.
ويشير هيرنانديز، إلى أن المهاجرين يساهمون بالموهبة والاستثمار والابتكار والاستهلاك وإيرادات الضرائب. ووفقا له: "إذا فقدت البلاد هذه الأشياء، فسيكون هناك عدد أقل من الوظائف، وينكمش الاقتصاد ويصبح أقل تنوعا".
ومن بين المهاجرين غير المسجلين، هناك ما بين 8 و9 ملايين في القوى العاملة يقومون بوظائف أساسية لا يريد الأمريكيون القيام بها أو يعملون في قطاعات لا يوجد فيها عدد كاف من العمال.
وتقدر دراسة أجراها مركز دراسات الهجرة أن العمال غير المسجلين يساهمون بنحو 97 مليار دولار في الضرائب الفيدرالية والولائية والمحلية، وأن إبعادهم عن القوة العاملة سيكون له تأثير كبير على الاقتصادات المحلية، بما في ذلك دفع ما يقرب من 10 ملايين مواطن أمريكي إلى صعوبات اقتصادية.
وتتأثر الأسر أيضًا بشكل عميق، لأن نحو 5.8 مليون أسرة أمريكية يوجد في كل منها على الأقل مقيم واحد غير مسجل أو موثق، والترحيل الجماعي من شأنه أن يفرق ما يقرب من 5 ملايين أسرة أمريكية.
كما أن تكاليف تربية الأطفال المولودين في الولايات المتحدة الذين تم إبعاد مقدمي الرعاية عنهم تبلغ 116 مليار دولار، وسيتعين على دافعي الضرائب أن يتحملوا هذه الفاتورة.
ووفقا لتحليل شبكة "سي بي إس نيوز" للبيانات الفيدرالية، فإن القبض على مليون شخص فقط وترحيلهم من بين ما يقدر بنحو 11 مليونا إلى 12 مليون مهاجر غير موثق في الولايات المتحدة قد يكلف دافعي الضرائب نحو 20 مليار دولار، أو 19599 دولارا للشخص الواحد -ويستغرق الأمر وقتا أطول كثيرا من مدة إدارة ترامب التي تستمر أربع سنوات.
وكان قادة الأعمال هادئين إلى حد ما بشأن خطط ترامب -ربما خوفا من الانتقام- ولكن بعض جماعات الضغط بدأت في إحصاء تكاليف الترحيل الجماعي. ويوظف قطاع البناء ما يقدر بنحو 1.5 مليون عامل غير موثق، أو 13% من إجمالي قوته العاملة ــ وهي حصة أكبر من أي قطاع آخر، وفقا لبيانات مركز بيو للأبحاث.
وتحذر شركات البناء، التي تواجه بالفعل نقصا في العمالة، من أن فقدان العمال المهاجرين من شأنه أن يدفع أسعار المساكن الجديدة إلى الارتفاع. وتعتبر الرابطة الوطنية لبناة المساكن أن العمال المولودين في الخارج، بغض النظر عن وضعهم القانوني، "مصدرًا حيويًا ومرنًا للعمالة".
وكان المهاجرون دائمًا جزءًا رئيسيًا من روح الإبداع في أمريكا. ويتفق الغالبية العظمى من خبراء الاقتصاد وقادة الأعمال على أن الهجرة مفيدة للاقتصاد الأمريكي.
تجربة سابقة
ووجدت دراسة أجريت عام 2023 أن ترحيلا سابقا لما يقرب من نصف مليون شخص، أدى إلى انخفاض المنافسة الوظيفية التي يواجهها العمال المولودون في الولايات المتحدة .
وقد لوحظ نفس التأثير خلال إدارتي ترامب وبايدن عندما تسببت جائحة كوفيد في انخفاض عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة بنحو مليون شخص، مما أدى إلى نقص العمالة وانخفاض الناتج، والمساهمة في الضغوط التضخمية.
ووفقًا لهرنانديز، ساهم ارتفاع معدلات الهجرة بعد الوباء في انخفاض التضخم. ويقول: "سمحت الهجرة للشركات بتوظيف المزيد من العمال ورفع الناتج إلى ما يطلبه السوق، لذلك عادت الأسعار إلى طبيعتها".
ووفقا للمراقبين، فإن الأساطير السلبية حول الهجرة اللاتينية ليست سوى "خطاب محض، إذ يعرف ترامب أن معظم القوة العاملة التي تحتاجها الولايات المتحدة لمواصلة النمو تأتي من اللاتينيين".
وتشير إحصاءات وزارة العمل التي تُظهر أن العمال اللاتينيين في قوة العمل قد نما من 10.7 مليون في عام 1990 إلى 29 مليونًا في عام 2020، ومن المتوقع أن يصلوا إلى 36 مليونًا في عام 2030.
وفي عام 2030، تتوقع هيئة إحصاءات العمل أنهم سيشكلون واحدًا من كل خمسة عمال في قوة العمل، بنسبة 21.2%، أو 78% من العمال الجدد الصافين بحلول عام 2030.