«النفوذ الرقمي».. كيف توظف هاريس «الجيل زد» في الانتخابات الأمريكية؟
«الجمهور الرقمي.. غرفة الحرب الرقمية.. ميمز.. الجيل زد.. فرق الاستجابة الرقمية السريعة».. كلها مصطلحات باتت رائجة، في السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض.
وكما توقع الكثيرون أصبح موقع "تيك توك" فرس الرهان في الانتخابات الأمريكية، المزمع عقدها في الخامس من نوفمبر/تشرين الأول المقبل.
وسلط أحدث تقرير طالعته "العين الإخبارية" في "واشنطن بوست"، الضوء على استراتيجية نائبة الرئيس كامالا هاريس الرقمية، التي استطاعت من خلالها التفوق على منافسها في الانتخابات الرئيس السابق، دونالد ترامب، رغم زيادة عدد متابعي الأخير إلى الضعف مقارنة بمنافسته.
- «انقلاب جمهوري».. ماذا ينتظر ترامب حال خسارته الانتخابات؟
- زخم المناظرة يفتح شهية هاريس على «الولايات الحمراء».. خطة لـ«النصر»
وبحسب الصحيفة الأمريكية، بينما كان ترامب يتفاعل مع الصحفيين في غرفة "التحليل" بفيلادلفيا، بعد المناظرة الرئاسية الأخيرة، كان فريق تيك توك الخاص بنائبة الرئيس كامالا هاريس، مشغولًا بالتوجه إلى الجمهور الرقمي، بحسب واشنطن بوست.
"هذه الحملة من الشباب إلى الشباب".. هكذا قال باركر باتلر، مدير فريق الاستجابة الرقمية السريعة، لكامالا هاريس البالغ من العمر 24 عامًا، مضيفا أن هذا الفريق يراقب جميع خطابات ترامب، ويمكنه نشر مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي في لحظة "نحن هنا للعمل الجاد".
ويتبنى فريق هاريس، وفقا لـ"واشنطن بوست"، أسلوبًا أكثر مرحًا، مستخدمين محتوى لاذعًا، ومبهجًا يهدف للانتشار السريع، مدللة على ذلك، بكشف فريقها في ليلة المناظرة، أكاذيب ترامب على "ثريدز" و"إكس"، والترويج لأقوى تصريحات هاريس على "إنستغرام" و"تيك توك".
وتصف رايتشل كارتين، مستشارة وسائل التواصل الاجتماعي، هذا النهج بقولها: "يديرون الأمر وكأنه حساب معجبين، وليس كحملة سياسية، يتحدثون بنفس الطريقة التي يتحدث بها الجمهور، حتى إن العناوين تبدو وكأنها موجهة مباشرة للشباب: "عليكم مشاهدة هذا".
في الصدد، اعتبرت الصحيفة الأمريكية، أن استراتيجية هاريس الرقمية مكنتها من تجاوز الأسئلة الصعبة للصحافة التقليدية، والوصول إلى ملايين الناخبين الذين يعتمدون على وسائل التواصل كمصدر للأخبار.
وتظهر الأرقام أن هذه الاستراتيجية تحقق نتائج ملموسة، فوفقًا لتحليل بيانات من شركة"Zelf"، حصلت حملة هاريس على 100 مليون مشاهدة أكثر من ترامب على "تيك توك"، رغم أن عدد متابعيها نصف عدد متابعيه.
صناعة الأخبار بدلًا من متابعتها
رغم أن فريق وسائل التواصل الاجتماعي، الخاص بكامالا هاريس، يُعد جزءًا صغيرًا من عملية حملتها الرقمية، التي تضم 250 شخصًا، فإنه الأكثر بروزًا.
ويتكون فريق الاستجابة السريعة من 13 شخصًا، يراقبون جميع الأحداث السياسية الرئيسية للجمهوريين، والديمقراطيين عبر جدول مشترك، ويعملون بنظام المناوبات، لضمان عدم تفويت أي لحظة.
على سبيل المثال، عندما صرح ترامب بأن "المهاجرين سمموا البلاد"، سارع الفريق لنشر مقطع فيديو للحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تمتد ساعات عملهم حتى ما بعد منتصف الليل.
ويقول باتلر، مدير الفريق: "لم تعد الحملات مجرد ردود أفعال. وظيفتنا هي صناعة الأخبار." وتعتمد استراتيجية عمل الفريق على تخصيص كل واحد لمنصة معينة، ويقدم محتوى يتناسب مع جمهورها وثقافتها الخاصة. على سبيل المثال، يختص أحد الاستراتيجيين بإدارة حساب فيسبوك، حيث يتفاعل المحتوى بشكل جيد مع الجيل "z"
نائب مدير الحملة، روب فلاهيرتي، الذي وصف الفريق بمجموعة من "الشباب الوحشيين في الـ25 من عمرهم"، قال إن الاستراتيجية بدأت تتشكل العام الماضي عندما شعرت الحملة بالقلق من أن الناخبين ربما نسوا من هو ترامب، ما دفعهم لتبني "صوت أكثر قوة وحزمًا" لتذكيرهم.
الفريق يعمل بحد أدنى من إجراءات الموافقة على المحتوى، حيث قال فلاهيرتي: "كل شيء يتم بعد إنذار لمدة خمس دقائق. عليك أن تثق بفريقك. معدل أخطائنا منخفض جدًا مقارنة بأي نظام مراجعة متعدد الطبقات".
أحد الأساليب الناجحة
أحد أساليبهم الناجحة هو دمج ترامب في مقاطع فيديو كوميدية، واستخدام ألعاب شهيرة مثل "Subway Surfers" بجانب تصريحاته لجذب انتباه المتابعين. كما نشروا مقاطع تصنف الصور بناءً على ما يُعرف بـ"نقاط الهالة" وفقًا لتعبيرات تيك توك.
الفريق يقوم بتسجيل وتحرير الفيديوهات على هواتفهم ثم يرسلونها عبر Slack إلى مدير الفريق، الذي يراجعها ويعطي موافقته في أقل من 15 دقيقة. رغم أن العمل يبدو عشوائيًا، إلا أن الفريق يعامل استراتيجيته بحذر ودقة.
يُعد تيك توك واحدًا من أكثر التطبيقات شعبية في العالم، حيث يضم 170 مليون حساب في الولايات المتحدة وحدها. وأفاد نحو 40% من مستخدميه الأمريكيين بأنهم يتابعون السياسة أو الأخبار من خلاله، وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث الشهر الماضي. ويعمل فريق حملة ترامب على إدارة فريق تيك توك خاص به أيضًا.
لكن بالنسبة لهاريس، هناك عقبة محورية، تتمثل في دفع إدارة بايدن، أمام المحكمة عن حظر محتمل على تيك توك على مستوى البلاد، بحجة أن التطبيق المملوك للصين يشكل تهديدًا للأمن القومي.
ويمتثل فريق هاريس لهذا الحظر باستخدام تيك توك على هواتف مخصصة، لا تحتوي على أي تطبيقات أخرى، التزامًا بالقواعد الفيدرالية التي تحظر استخدام التطبيق على الأجهزة الحكومية.
نمو رقمي كبير
في الصدد نفسه، أوضحت "واشنطن بوست" أن حملة هاريس شهدت نموًا هائلًا في التفاعل الرقمي، حيث ارتفعت نسب التفاعل على تيك توك، من 10% خلال فترة بايدن إلى 25%، وأرجعت ذلك إلى منح الجيل الجديد من مبدعي جيل "زد، "السيطرة على المحتوى، كما قالت أبريل أيشماير، أستاذة مساعدة في دراسة الاتصال السياسي بجامعة سانت توماس في مينيسوتا.
وأضافت: "الشباب تحت سن 25 لم يعرفوا عالمًا دون الإعلام الرقمي، إنهم يفهمون كيف يتفاعل الناس على تيك توك لأنه جزء من ثقافتهم."
ورغم أن إنتاج الفريق يبدو أحيانًا عشوائيًا وغير احترافي، إلا أنه يخفي وراءه استراتيجية معقدة، كما تقول لارا كوهين، المديرة التنفيذية السابقة في "إكس": "كل مقطع فيديو واسع الانتشار، يساعدهم في الدخول إلى مساحات غير سياسية، والوصول إلى الناخبين المترددين أو غير المهتمين"، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتضيف كوهين "الأفكار العظيمة قد تموت إذا طالت عملية الموافقة. سيقلق شخص ما من تنفيذ شيء جريء، وهذا الفريق بالتأكيد لا يخشى ذلك."
مع تنامي التجارب الرقمية لحملة هاريس، تلاشت الحدود بين حضورها على الإنترنت وخارجها. فمقاطع الفيديو القصيرة على تيك توك أصبحت تظهر في الإعلانات التلفزيونية، وصور السيلفي التي تلتقطها هاريس في مقرات الحملات المحلية تظهر بزوايا متعددة على إنستغرام.
حتى قبعة "هاريس-والز" المموهة التي تباع بـ40 دولارًا، أصبحت تظهر في فيديوهات تيك توك وارتدتها ابنة زوج هاريس، إيلا إيمهوف. كما أن هاريس ورفيقها في الحملة، تيم والز، بذلا جهدًا ليكونا حاضرين في كل مكان.
وخلال المؤتمر الديمقراطي، شاركت هاريس في مسابقة لتخمين الأغاني على أحد البرامج الرقمية وأعلنت أن وجبتها المفضلة في شيكاغو هي ساندويتش اللحم الإيطالي. أما والز، فقد ظهر في برنامج "Subway Takes"، حيث شارك في نقاشات فكاهية حول الأمور المثيرة للجدل، وأشاد بأهمية صيانة المزاريب المنزلية.
لكن الاختبار الحقيقي سيأتي في نوفمبر/تشرين الأول، حيث ستكشف الانتخابات ما إذا كان هذا النفوذ الرقمي سيتحول إلى قوة حقيقية في العالم الواقعي. ومع اقتراب يوم الانتخابات بأقل من شهرين، اتجه محتوى حساب هاريس على تيك توك نحو مواد أكثر جدية، بما في ذلك سلسلة من الأجزاء التي توضح الروابط بين حلفاء ترامب ومشروع 2025.
aXA6IDQ0LjIyMC4yNTEuMjM2IA== جزيرة ام اند امز