الماضي يلاحق هاريس.. وترامب يعزف على وتر بنسلفانيا
عندما ترشحت في الانتخابات التمهيدية للسباق الرئاسي، لأول مرة عام 2019، اندفعت كامالا هاريس إلى اليسار وهي تكافح من أجل جذب انتباه الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي.
لكن بعد انسحابها في ذلك الوقت، اجتاحت الاحتجاجات من أجل العدالة الاجتماعية والعرقية البلاد في صيف عام 2020، وانضمت هاريس إلى ديمقراطيين آخرين في دعم الأفكار التقدمية خلال ما بدا أنه إعادة تنظيم وطنية بشأن العدالة الجنائية.
ومع عودة هاريس للسباق الرئاسي منذ أقل من أسبوع، يستحضر الجمهوريون من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقاطع فيديو لتصريحاتها ومقابلاتها القديمة، بهدف تقديمها كـ"متطرفة يسارية خارج نطاق الناخبين المتأرجحين"، بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وينتقد المرشح الجمهوري دونالد ترامب مواقف هاريس وتصريحاتها السابقة في تجمعاته الانتخابية. ويوم الإثنين بدأت حملته في حجز الوقت للإعلانات التلفزيونية التي من المرجح أن تعيد عرض مقاطع فيديو لهاريس تتضمن تصريحات لها في عامي 2019 و2020.
يقول براد تود، الاستراتيجي الجمهوري وصانع الإعلانات الذي يعمل مع ديفيد مكورميك، مرشح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ في بنسلفانيا، من بين حملات أخرى: "الأرشيف عميق".
مضيفا "سوف ينفد الوقت قبل أن تنفد مقاطع الفيديو لكامالا هاريس وهي تقول أشياء ليبرالية غريبة في كاليفورنيا".
التكسير الهيدروليكي
ومن بين تصريحات هاريس التي يستحضرها الجمهوريون، قولها إنها تعارض التكسير الهيدروليكي؛ وستفكر في إلغاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك.
ووصفت فكرة إضافة المزيد من ضباط الشرطة بأنها "تفكير خاطئ"، ورحبت بفكرة السماح للمجرمين بالتصويت، وقالت إنها تدعم "برنامج إعادة الشراء الإلزامي" لبعض الأسلحة. كما دعت إلى إلغاء التأمين الصحي الخاص. وفق ما أوردته الصحيفة.
ويُعد التكسير الهيدروليكي قضية صعبة بشكل خاص بالنسبة لهاريس، حيث كان حظره أحد بنود برنامجها للطاقة في السباق التمهيدي لعام 2020.
لكن التكسير الهيدروليكي يظل عنصرا أساسيا في الاقتصاد في ولاية بنسلفانيا، وربما تكون الولاية الأكثر أهمية في ساحة المعركة هذا العام.
وترامب يعزف على "حجر الأساس"
وفي تجمع حاشد، يوم السبت الماضي، في مينيسوتا، علّق ترامب على تصريحات هاريس في هذه الجزئية، قائلا: "لقد تعهدت بحظر التكسير الهيدروليكي - لا للتكسير الهيدروليكي، أوه، هذا سيحقق نتائج جيدة في بنسلفانيا، أليس كذلك؟".
ومخاطبا سكان الولاية، تابع: "تذكروا، لقد قالت ذلك. إنها لا تريد التكسير الهيدروليكي. وهذا مسجل. الشيء الجميل في التكنولوجيا الحديثة هو أنه عندما تقول شيئا، فأنت في ورطة إذا كان سيئا".
وتعد ولاية بنسلفانيا بمثابة مفتاح الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية. ويعتقد الجمهوريون والديمقراطيون أن الرئيس المقبل للولايات المتحدة هو من سيفوز بأصوات هذه الولاية.
وتُعرف بنسلفانيا بلقب "حجر الزاوية"، الأمر الذي يعكس مكانتها المحورية في السياسة الأمريكية.
ولم تكن بنسلفانيا دائما ولاية متأرجحة، حيث دعمت المرشحين الجمهوريين بشكل ثابت من عام 1860 حتى 1932. قبل أن تتغير الأمور في أربعينيات القرن الماضي، في التحول نحو دعم الديمقراطيين.
وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، استعاد الجمهوريون أصوات بنسلفانيا لتصبح واحدة من الولايات المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية.
وعند التنافس على بنسلفانيا في الواسم الانتخابية، يحضر ملف الطاقة، خاصة الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي والفحم.
وعلى المرشح الرئاسي أن يقدم برنامجا مقنعا يساهم في الحفاظ على هذه الصناعة المزدهرة، والتي يعتمد عليها السكان في هذه الولاية.
حملة هاريس توضح
وقبل خطاب ترامب، كانت حملة هاريس قد أعلنت، الجمعة، أن نائبة الرئيس لم تعد تريد حظر التكسير الهيدروليكي، وهو تحول كبير عن موقفها قبل أربع سنوات ولكنه متسق مع سياسات إدارة الرئيس جو بايدن.
وقال مسؤول في الحملة اطلع على الخطط ولم يكن مخولا بمناقشتها علنا، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن حملة هاريس ستدحض معظم هجمات الجمهوريين بالقول إنهم يبالغون أو يكذبون بشأن سجلها.
كما تخطط حملتها للاستناد إلى سجلها كمدعية عامة محلية ومدعية عامة للولاية لتلميع صورتها كمرشحة لها علاقات عميقة مع إنفاذ القانون.
بالإضافة إلى تغيير موقفها بشأن التكسير الهيدروليكي، لفت مسؤولو الحملة إلى أنها تدعم الآن طلبات ميزانية إدارة بايدن لزيادة التمويل لإنفاذ القانون على الحدود، ولم تعد تدعم برنامج التأمين الصحي للدافع الفردي، وكررت دعوة بايدن لحظر الأسلحة الهجومية ولكن ليس شرط بيعها للحكومة الفيدرالية.
بريان فالون، المتحدث باسم حملة هاريس، أوضح أن "كامالا هاريس قضت 20 عاما كمدعية عامة صارمة أرسلت مجرمين عنيفين إلى السجن". معتبرا أن "السنوات التي قضتها في إنفاذ القانون وسجلها في إدارة بايدن جعلتها تتحدى محاولات ترامب لتعريفها من خلال الأكاذيب".
الماضي لا يلاحق هاريس وحدها
ويبدو أن هاريس ليست وحدها التي يلاحقها الماضي، فترامب هو الآخر تلاحقه مقاطع فيديو وهو يدلي بتصريحات عام 2016، قال فيها إن النساء اللاتي يسعين إلى الإجهاض يجب أن يواجهن العقوبة.
وبصفته رئيسا حاول منع المهاجرين من العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة وسنّ سياسة فصل الأطفال المهاجرين عن عائلاتهم على الحدود الجنوبية. كما تم تصويره وهو يتفاخر بتحسس النساء.
وفي هذا الصدد، قال مات بينيت، أحد مؤسسي ثيرد واي، وهي مؤسسة فكرية ديمقراطية معتدلة، إنه لم يكن قلقا من أن هاريس تبنت ذات يوم أفكارا يسارية.
واعتبر بينيت أن "هناك فرق هائل بين تغيير أفكار المرء السياسية وتغيير مبادئه. لم تغير هاريس مبادئها. لا تزال تعتقد أن تغير المناخ يشكل تهديدا وجوديا".
ومنذ انضمامها إلى بايدن في عام 2020، نادرا ما طرحت هاريس سياسات تختلف كثيرا عن سياساته.
كذلك، لم تعد تدفع من أجل نظام رعاية صحية أحادي الدافع. ويوم الجمعة قالت حملتها إنها ستحافظ على تعهد بايدن بعدم زيادة ضرائب الدخل على الأشخاص الذين يقل دخلهم عن 400 ألف دولار سنويًا.