تنصيب ترامب.. انطلاقة صاخبة لولاية مختلفة
لطالما قيل إن الانتخابات لها عواقب، وقد لا يوجد مثال أفضل مما حدث في تنصيب ترامب الذي أظهر تصميمه على الوفاء بوعود حملته.
فالرئيس الأمريكي الـ47 دونالد ترامب حوّل مراسم يوم التنصيب التقليدية، أمس الإثنين، إلى شيء غير تقليدي. هكذا ترى صحيفة "واشنطن بوست".
وبينما كان الرئيس السابق جو بايدن يجلس بوجه عابس في مكان قريب، مزّق ترامب سياسات إدارة سلفه، وإدارات الرؤساء الآخرين الحاضرين أيضا، مما وضع مسارا جديدا للبلاد يمثل تغييرا عميقا ومثيرا للجدل.
واعتبر ترامب أن فوزه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يمثل "تفويضا لعكس خيانة فظيعة تماما وكل هذه الخيانات العديدة التي حدثت".
وعود انتخابية
تضمن الخطاب الافتتاحي بعض الزخارف التي تميز الخطاب التوحيدي المعتاد في هذا اليوم. لكن هذه الزخارف- بحسب وصف واشنطن بوست- بدت وكأنها أفكار لاحقة، أضيفت بعد الإعلان عن جوهر الأوامر التنفيذية التي سيوقعها لاحقا.
أوامر تهدف إلى تنفيذ وعود الحملة الانتخابية بشأن الهجرة، بما في ذلك الترحيل الجماعي، والطاقة، والاقتصاد.
وفي هذا الصدد، لفتت الصحيفة إلى أن التعريفات الجمركية ستكون سلاحه الرئيسي "رغم أن خبراء الاقتصاد يقولون إن هذا قد يزيد من التضخم".
وبرر ترامب هذه التغييرات من خلال وصف بلد في أزمة وحكومة غير قادرة على حماية مواطنيها لأنها، في رأيه، "دللّت المجرمين وفشلت في مواجهة اللحظة التي تحدث فيها الأزمات والكوارث الطبيعية".
ورأى أن السياسات الحالية تمول حماية الحدود الأجنبية وليس أمن حدود الولايات المتحدة. كما انتقد نظام الصحة العامة والنظام التعليمي الذي قال إنه يعلم الأطفال "كراهية بلدنا".
كذلك ندد بما أسماه "المؤسسة المتطرفة والفاسدة" والحكومة "التي تتعثر في كتالوج مستمر من الأحداث الكارثية في الخارج".
ووعد بأن ولايته الثانية ستجلب "العصر الذهبي" لأمريكا بعد ما وصفه بفترة من الانحدار.
كما تحدث عن استعادة قناة بنما، وإعادة تسمية خليج المكسيك بـ "خليج أمريكا" واستعادة اسم جبل ماكينلي إلى جبل ألاسكا المعروف اليوم باسم دينالي.
وقال: "سوف يتم استعادة سيادتنا وسلامتنا. وسوف يتم إعادة توازن ميزان العدالة. وسوف ينتهي التسليح الشرس والعنيف وغير العادل لوزارة العدل وحكومتنا. وسوف تكون أولويتنا القصوى إنشاء أمة فخورة ومزدهرة وحرة".
ترامب آخر
ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" أن عدد الأوامر التنفيذية التي وقعها ترامب، يوم أمس، تجاوز بأضعاف مضاعفة ما فعله الرؤساء السابقون. وكان هذا مؤشرا على العمل الذي تم القيام به قبل انتخابه ومنذ ذلك الحين لتحويل الوعود إلى أفعال.
ففي عام 2017، كان بطيئا في ملء إدارته وفي كثير من الحالات جنّد أشخاصا لم يشاركوه وجهات نظره بشأن القضايا.
لكن هذه المرة، لديه ما كان يفتقر إليه قبل ثماني سنوات، وهو مجموعة "مخلصة من المساعدين والمستشارين الذين يشاركونه تشخيصاته وعلاجاته، والذين يبدو أنهم قادرون على التنفيذ المنظم"، بحسب الصحيفة.
ونوهت الصحيفة إلى حضور مليارديرات شركات التكنولوجيا مراسم تنصيب ترامب، حيث كانوا جالسين في المقاعد الرئيسية داخل مبنى الكابيتول، من إيلون ماسك إلى مارك زوكربيرج مؤسس شركة ميتا إلى جيف بيزوس مؤسس أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست.
حضورٌ اعتبرته "واشنطن بوست" بأنه يرمز إلى التغيير بقدر ما يرمز إلى أي شيء آخر.
ما بين يناير 2021 و2025
واستحضرت الصحيفة ما شهدته الولايات المتحدة في مثل هذا الشهر من العام الماضي، في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، حين اجتاح المتظاهرون المؤيدون لترامب مبنى الكابيتول، فحطموا النوافذ واعتدوا على ضباط الشرطة ونهبوا المكاتب، وكل ذلك على أمل تأخير التصديق على فوز بايدن في انتخابات 2020 وإبقاء ترامب في السلطة.
وفي وقت لاحق، أُدين المئات وسُجنوا. وقيل إن أوامر ترامب التنفيذية تتضمن العفو عن المجرمين غير العنيفين وتخفيف العقوبة على آخرين، وفقا للتقارير.
وفي يوم الإثنين، امتلأ مبنى الكابيتول مرة أخرى بالموالين لترامب، على الرغم من أنهم كانوا هذه المرة ضيوفا وكبار الشخصيات ومسؤولين منتخبين وغيرهم.
من جهة أخرى، أعطى قرار نقل مراسم التنصيب من الواجهة الغربية للكابيتول إلى الروتوندا بسبب الطقس البارد الحدث شعورا مختلفا تماما، ونهض العديد من الحاضرين لتشجيع ترامب وهو يحدد أولوياته.
ونتيجة لذلك، كانت نبرة وطاقة هذا التنصيب مختلفة عن تلك التي أقيمت في الهواء الطلق. وفق ما رأت الصحيفة.
وخلصت الصحيفة إلى أن ترامب يريد بداية سريعة، لإظهار أن هذه الفترة ستكون مختلفة. وقد أدى هذا إلى يوم افتتاح مزدحم ودراماتيكي لفترة ولايته الثانية. لكن هذه ليست سوى البداية.
aXA6IDE4LjIxNy4yMy4yMCA= جزيرة ام اند امز