ترامب يتحسس "الزر النووي" في اجتماع الكوريتين
كوريا الشمالية والجنوبية تجريان محادثات ثنائية لمناقشة مشاركة بيونج يانج في الأولمبياد الشتوية المنعقدة في سول.
اليوم، عندما يبدأ ثاني اجتماع بين الكوريتين، منذ أكثر من عامين، وسط حماس متبادل بين سول وبيونج يانج، فإن السؤال الملح عند أكثر المحللين السياسيين: هل كانت واشنطن حقا بالحماس ذاته؟
فالعام الماضي كان عام التصعيد بامتياز، عندما كثّفت كوريا الشمالية تجاربها النووية والباليستية؛ حيث نفذت سادس وأقوى تجربة نووية، فضلا عن تجربة لصاروخ باليستي، قالت إنه قادر على ضرب البرّ الأمريكي الرئيسي.
- ترامب ينفي وجود "علاقة طيبة" تربطه بزعيم كوريا الشمالية
- مزيد من النووي.. سلاح ترامب لردع روسيا وإيران وكوريا الشمالية
وترتب على ذلك، قيادة واشنطن لحملة دولية شملت سلسلة من العقوبات الأممية والأمريكية بحق كوريا الشمالية، في خضمّ ملاسنات غير معهودة بين زعيمها كيم جونج أون ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وكانت الجرأة التي نفذ بها نظام أون تجاربه قد خصمت من تأييد حلفائه القليلين له، لا سيما بكين، شريكته التجارية الرئيسية، في مجلس الأمن الذي أقر حزما متتابعة من العقوبات.
وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه خبراء ومسؤولون أمريكيون بأن الحرب النووية بين بيونج يانج وواشنطن باتت "أقرب من أي وقت مضى"، انقلبت الأمور، عندما أذاع أون خطابه بمناسبة العام الجديد.
في ذلك الخطاب، تبنّى الزعيم الكوري الشمالي لهجة تصالحية مع الجارة الجنوبية، لكنه احتفظ بنبرته العدائية تجاه الولايات المتحدة التي طالما قال إن مشروعه النووي يستهدف لجم عدوانها.
ويُعتقد على نطاق واسع أن الرئيس الشمالي كان يهدف من دعوته للحوار مع سول إلى تقويض حلفها الراسخ منذ نحو 7 عقود مع واشنطن، بالنظر إلى تحفّظ جارته على تغذية التصعيد في شبه الجزيرة الكورية.
وبالنسبة لغالبية المطلعين على الشأن الكوري؛ فإن هذا التحفّظ يعود إلى إدراك الجارة الجنوبية أنها أول من سيدفع الثمن النووي، في حال تفجرت الأوضاع، جراء التهديدات المتبادلة بين أون وترامب.
والحال كذلك، سارعت كوريا الجنوبية إلى الترحيب بمبادرة خصمها التاريخي؛ الأمر الذي ترتب عليه عقد أول اجتماع بين البلدين منذ أكثر من عامين، الثلاثاء الماضي.
وفور الإعلان عن موعد الاجتماع ومكانه، تواترت رسائل الترحيب من الشرق إلى الغرب، مقابل تردد أمريكي، لم يخفه وصف ترامب للخطوة لاحقا، بأنها "أمر طيب"، وأنها من ثمار صرامته ضد أون.
وإن كان الاجتماع، الذي استمر 11 ساعة في نقطة حدودية، قد خُصص بالأساس لبحث مشاركة بيونج يانج في الأولمبياد الشتوي الذي سيستضيفه الجنوب الشهر المقبل، إلا أن الجانبين قد أعلنا في ختامه اتفاقهما على التفاوض لحل خلافاتهما.
ومع ذلك، رفض الوفد الشمالي التفاوض حول ملفه النووي، قائلا إنه موجّه ضد الولايات المتحدة وليس ضد "أشقائنا" في كوريا الجنوبية.
وقال رئيس الجانب الشمالي في المفاوضات ري سون جوين، إن القضية النووية "ليست مشكلة بين كوريا الشمالية والجنوبية، وإن إثارتها ستتسبب في تداعيات سلبية، وتهدد بتحويل كل الإنجازات الطيبة التي تحققت اليوم إلى لا شيء".
بينما قال وزير الوحدة في كوريا الجنوبية إن تحسّن العلاقات بين الكوريتين وتنفيذ سلسلة الخطوات التي جرى الاتفاق عليها، سيمهدان الطريق لحل جذري للقضية النووية مستقبلا.
والسبت الماضي، عندما أُعلن اجتماع اليوم، لم تُبدِ واشنطن ارتياحا مماثلا لحليفتها الجنوبية، إزاء المفاوضات؛ إذ ترهن تأييدها لها بالتمهيد لنزع السلاح النووي، وهو ما يعارضه نظام أون.
وما يدلل على ذلك، وفقا لمراقبين، أن ترامب أجاب عندما سُئل عن موقفه من المفاوضات بين الكوريتين: "سوف ننضم في الوقت المناسب".
وبالطبع يقصد الرئيس الأمريكي ذلك الموعد الذي يكون فيه الملف النووي هو جند المفاوضات، وهو أمر بالنظر إلى تزمت بيونج يانج لا يبدو واردا، لا سيما وسط مرونة سول التي تعطي الأولوية لخفض التصعيد.
وبهذه المعطيات، فإن السؤال الملح: هل نجح الزعيم الشمالي في هزّ حلف جارته مع عدوته أم أنه في الطريق إلى ذلك؟