الدولة الفلسطينية بين التحدي الأمريكي والدعم العالمي.. هل يتراجع ترامب؟

فيما تتوجه الأنظار نحو الأمم المتحدة لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، تتخذ أمريكا موقفا منفردا نسبيا عن غالبية الدول الأعضاء.
فعندما يلقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابه الأول في ولايته الثانية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، غدا الثلاثاء، سيكون على خلاف مع أكثر من نصف الدول الأعضاء، بمن فيهم حلفاؤه الرئيسيون، بشأن الحرب في غزة وإمكانية قيام دولة فلسطينية.
وفي هذا الصدد، تقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن عزلة إدارة ترامب تزداد بشأن هذه القضية مع اقتراب الصراع من عامه الثالث.
الحليف الأقوى
ومع تزايد عدد الدول التي أدانت تصرفات إسرائيل في القطاع، لم تكتف الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب حليفتها، بل وفّرت لها غطاءً سياسيا ودعما عسكريا مستمرا.
أحد الأمثلة التي ساقتها الشبكة الأمريكية على عزلة الولايات المتحدة، سيكون اليوم الإثنين، عندما تستضيف فرنسا والسعودية مؤتمرا مشتركا لحل الدولتين، بدعم من 142 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
لم تشارك الولايات المتحدة في المؤتمر، وكانت واحدة من 10 دول فقط صوتت ضد قرار الجمعية العامة الداعم لهذا التجمع رفيع المستوى.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف بلاده بدولة فلسطينية خلال المؤتمر، مشيرا في الأيام الأخيرة إلى أن هذه الخطوة ستعزل حماس.
وأمس الأحد، أعلنت كل من بريطانيا وكندا وأستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتلت ذلك البرتغال وبلجيكا أيضا، على أن تلتحق دول أخرى بركبها هذا الأسبوع.
هل ستتراجع أمريكا؟
ولا توجد أي مؤشرات على أن الولايات المتحدة ستتراجع عن موقفها الداعم القوي لحكومة بنيامين نتنياهو.
ووقف ترامب بجانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي في المملكة المتحدة، وقال إن خطة بريطانيا للاعتراف بدولة فلسطينية "هي أحد خلافاتنا القليلة".
وبدلا من التنديد بتعليقات المسؤولين الإسرائيليين حول احتمال ضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي خطوة من شأنها أن تنتهك القانون الدولي، جادل مسؤولو إدارة ترامب بأن الاعتراف بدولة فلسطينية سيعزز حماس ويدفع إسرائيل إلى رد الفعل.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الأسبوع الماضي، عقب اجتماعات في إسرائيل: "أعتقد أن جزءا كبيرا من ذلك هو رد فعل على قرار عدة دول حول العالم إعلان دولة فلسطينية من جانب واحد".
وقال: "حذرناهم من أننا نعتقد أن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية. في الواقع، نعتقد أنه قوض المفاوضات، لأنه شجع حماس، ونعتقد أنه يقوض آفاق السلام المستقبلية في المنطقة. رأينا أنه من غير الحكمة القيام بذلك، وأعتقد أنكم ترون ذلك كرد فعل مضاد".
وتجاوزت إدارة ترامب مجرد الخطاب القاسي حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية. بل حاولت أيضا منع المشاركة الفعالة للسلطة الفلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة.
وفي خطوة غير مسبوقة إلى حد كبير، رفضت الإدارة منح تأشيرة دخول لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومسؤولين فلسطينيين آخرين للسفر إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة.
كما وضعت سياسة جديدة لرفض منح معظم أنواع التأشيرات لحاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية.
ونتيجة لذلك، لن يكون هناك وفد رفيع المستوى من السلطة الفلسطينية في نيويورك هذا الأسبوع لحضور اجتماع قادة العالم.
من البديل؟
وفي حين من المتوقع أن يلقي عباس كلمة في مؤتمر يوم الإثنين افتراضيا، فإن عدم حضوره للمحادثات المباشرة له عواقب وخيمة. وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في "سي إن إن".
وقال جيك واليس، السفير الأمريكي المتقاعد الذي شغل منصب القنصل العام في القدس: "إذا تحدثت إلى طرف واحد فقط، فلن تصنع السلام".
وأضاف: "إنه الوجه الدولي للفلسطينيين. إنه يمثل الفلسطينيين في الخارج. يجب عليك على الأقل إجراء حوار معه إذا أردت الوصول إلى أي مكان".
وأوضح مصدر حكومي فرنسي أن مؤتمر الإثنين، سيحدد خارطة طريق للسلام والاستقرار في المنطقة على أساس حل الدولتين. ومن المتوقع أيضا الإعلان عن مساهمات لتحقيق الاستقرار في غزة وتمويل السلطة الفلسطينية لتجنب الانهيار المالي.
وقال مسؤولان أمريكيان إن إدارة ترامب، التي لا تسعى بنشاط إلى حل الدولتين، رغم أنه كان الهدف المعلن للسياسة الأمريكية لعقود، لا تقدم مقترحا مضادا.
تهديدات نتنياهو
وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأخيرة بأنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، ردا على الاعتراف المخطط له في الأمم المتحدة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل تخطط لاتخاذ إجراءات محددة ردا على مؤتمر الإثنين، لكن مسؤولا إسرائيليا لم يستبعد صدور المزيد من إعلانات الضم من جانب حكومته في المدى القريب.
كما أبدت إدارة ترامب استياءها من إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب الدائرة، ولم تُدن عملية نتنياهو الجديدة للسيطرة على مدينة غزة، والتي أثارت استنكارا وغضبا عالميين من عائلات العديد من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
وفي حين اعتبر روبيو بأن "التسوية التفاوضية" لا تزال الخيار المفضّل لدى الإدارة، إلا أنه أشار إلى أن الوقت ربما يكون قد نفد. ومن الجدير بالذكر أنه لم يُدل بتصريحات بشأن الهجوم البري الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة.
والخميس الماضي، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، تحترمه جميع الأطراف" وإطلاق سراح الرهائن.
بينما صوّت جميع الأعضاء الأربعة عشر الآخرين في المجلس القوي لصالح القرار.