ترامب وبوتين في 2018.. اتهامات وخلافات و"اتفاق وحيد"
مع نهاية عام 2018 يكون الرئيس الأمريكي قد شارف على إتمام عامين في الحكم الذي تولى مقاليده يوم 20 يناير 2017.
مع نهاية عام 2018 يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد شارف على إتمام عامين في الحكم الذي تولى مقاليده في يناير 2017، فترة حفلت باتهامات وخلافات متبادلة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي باتت عنوان العلاقات بين البلدين.
وبعد شهور من تولي ترامب رئاسة أمريكا، خرجت اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات؛ الأمر الذي تنفيه موسكو جملة وتفصيلا، رغم استمرار التحقيقات الداخلية الأمريكية، التي لا تزال نتائجها غير واضحة حتى الآن.
الانتخابات مصدر الاتهامات
الكرملين بدوره أكد مرارًا وتكرارًا أن الاتهامات الأمريكية ضد 13 روسيًّا و3 شركات بالتلاعب في انتخابات الرئاسة 2016، لا تحتوي أي دليل على أن موسكو متورطة في مثل هذا النشاط، فيما اعتبرها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأنها "ثرثرة".
النفي الروسي والوصف بـ"ثرثرة"، جاء بعد أن أفادت عريضة اتهام أمريكية بأن ذراعًا دعائية روسية أشرفت على مؤامرة تجسس إجرامية، للتلاعب في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016؛ لدعم الرئيس الأمريكي وتقويض فرص منافسته، آنذاك، هيلاري كلينتون.
هذه الاتهامات صدرت رغم تأكيد الرئيس الأمريكي نفسه أن حملته الانتخابية لم تقم بأي نشاط غير شرعي، وكتب في تغريدة على موقع "تويتر" يقول: "حملتي الانتخابية لم تخالف القوانين.. روسيا بدأت حملتها منذ عام 2014 قبل إعلاني الترشح للرئاسة".
وعلى خلفية الاتهامات، ذهب ترامب إلى أن العلاقات الروسية الأمريكية لم تصل إلى أسوأ ما هي عليه الآن، مؤكدًا أن توتر علاقات البلدين مرده التحقيق الذي يجريه "إف بي آي" حول تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية.
وفي تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر، قال ترامب: "علاقاتنا مع روسيا لم تكن يومًا أسوأ مما هي عليه الآن بسبب سنوات من التهور والحماقة الأمريكية، والآن الحملة السياسية"، في إشارة منه إلى التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر بشأن تدخل موسكو في الانتخابات.
ملفات الخلافات
التدخل في الانتخابات الأمريكية لم يكن السبب الرئيسي في تدهور علاقات واشنطن وموسكو ولكن الملفات الشائكة التي كانت محل خلاف كبير بين البلدين، والتي من بينها الأوضاع في الشرق الأوسط والبنيان المالي الدولي، ونظام التجارة العالمي، والاستقرار الاستراتيجي الدولي وأوكرانيا، وما إلى ذلك من موضوعات على الساحة الدولية.
ويبدو أن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى كان قمة ظهور مدى الخلافات القائمة بين البلدين، وخصوصا خلال الفترة الأخيرة، ومحاولات روسيا إقناع أمريكا بالعدول عن هذا القرار لخطورته على المجتمع الدولي.
ويتوقع المراقبون أن تسفر نتائج انتخابات التجديد النصفي وانتصار الديمقراطيين في مجلس النواب عن حلقة جديدة من التوتر في العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصًا بعد أن أضحت قضية العلاقات مع موسكو تتسبب في توجيه انتقادات متزايدة لإدارة ترامب.
وهو أمر لم يخفه بوتين مؤخرا خلال مؤتمره الصحفي السنوي، حيث أعرب عن قلقه إزاء التأثير الذي أحدثه تغيير السلطة في الكونجرس الأمريكي على آفاق الحوار المباشر بين القادة في البلدين.
الاتفاق الأخير
وسط الخلافات والاتهامات والعلاقات المتوترة بين البلدين، دعا الرئيس الروسي نظيره الأمريكي إلى استئناف المحادثات المباشرة من أجل مناقشة القضايا الملحة المعنية بالأجندات الثنائية والدولية.
دعوة بوتين ربما جاءت أيضًا بعد إعلانه وبشكل صريح وواضح، وربما للمرة الأولى مباشرة، أنه يتفق مع الرئيس ترامب على أن تنظيم "داعش" الإرهابي هُزِم في سوريا.
والاتفاق جاء بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي سحب قوات بلاده من سوريا لأنها نجحت في هزيمة داعش هناك، الأمر الذي اعتبره بوتين صحيحًا رغم تحفُّظه على الانسحاب قائلا: "إنه لم ير بَعدُ أي علامات على الانسحاب الأمريكي من سوريا".
وأشار بوتين إلى أن الولايات المتحدة قالت مرات عديدة إنها ستنسحب من أفغانستان لكنها لم تفعل، مضيفا أن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا غير مشروع.
الرئيس الروسي دائما وأبدا ما يرسل رسائل إلى الإدارة الأمريكية وخصوصا الرئيس ترامب بأنه راغب دائما في لقائه وحريص على استمرار الأبواب المفتوحة، حيث أعرب بوتين مؤخرا عن أسفه لإلغاء نظيره الأمريكي لقاءً كان مقررًا معه على هامش قمة مجموعة العشرين في بوينوس آيرس الشهر الماضي، معتبرا أن الحوار مع ترامب "ضروري بالفعل".
ورغم سياسة حسن النية من جانب الرئيس الروسي؛ فإن المراقبين يقولون إنه من الصعب استئناف الاجتماعات الثنائية رفيعة المستوى؛ حيث تشهد العلاقات بين القوتين العالميتين تدهورا تدريجيا، رغم المحادثات السريعة التي جرت في باريس على هامش احتفالات ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى في العاصمة الفرنسية.
وكان بوتين وترامب قد عقدا أول قمة ثنائية في هلسنكي في يوليو/تموز الماضي، وتعرض الأخير بعدها لانتقادات شديدة في بلاده أخذت عليه تساهله الشديد مع نظيره الروسي.