ترامب.. «الرجل القوي» مع الحلفاء والأعداء على حد سواء
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُفضل القوة الصارمة في التعامل مع الحلفاء والأعداء على حد سواء.
وأضافت أن ترامب لم يضيّع أي وقت، مع كندا والمكسيك والصين وكولومبيا والشرق الأوسط، في التهديد باستخدام القوة الأمريكية لإجبار هذه الدول على التراجع وفعل ما يريد.
ورأت أن القوة الناعمة أصبحت من الماضي وحلت مكانها "القوة الصلبة" منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث أظهر أنه يُفضل الضرب، وليس المساومة، في طريقه لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.
وتعتبر الرسوم الجمركية، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم غد الثلاثاء، بمثابة إعلان حرب اقتصادية ضد أكبر 3 شركاء تجاريين لأمريكا، والذين هددوا بالانتقام في حرب تجارية يمكن أن تتصاعد إلى ما هو أبعد من أي صراع من هذا القبيل منذ أجيال.
والقرار الذي اتخذه ترامب بمواصلة تهديده بالتعريفة الجمركية يزيد من المخاطر في نهجه الصارم "أمريكا أولا" تجاه بقية العالم، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن ترامب أظهر، مع نظرائه من آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية والجنوبية، استعداداً لاستخدام القوة الأمريكية؛ وأداته الفظة المفضلة ليست القوة العسكرية بل الإكراه الاقتصادي، بطريقة لم يفعلها معظم أسلافه المعاصرين.
وفي حال تمكن من جعل الدول المستهدفة تتراجع بسرعة استجابة لمطلبه ببذل المزيد من الجهد لوقف تهريب المخدرات، فسوف يعتبر ترامب ذلك بمثابة تأكيد لاستراتيجيته.
وإذا لم يكن الأمر كذلك، ودخلت التعريفات حيز التنفيذ وظلت سارية لفترة طويلة، فقد يدفع المستهلكون الأمريكيون الثمن من خلال ارتفاع تكاليف العديد من السلع.
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى مع اختياره أساليب القوة، فإن ترامب يستغني عن الأدوات التقليدية الأخرى للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث قام بتعليق الكثير من المساعدات الدولية التي تقدمها الولايات المتحدة وسعى لإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي توقف موقعها الإلكتروني عن العمل منذ يوم السبت الماضي.
وعلى الرغم من أن مثل هذه المساعدات تمثل جزءًا صغيرًا من إجمالي الميزانية الفيدرالية الأمريكية، إلا أنها ظلت لأجيال عديدة تعتبر وسيلة لبناء حسن النية والتأثير في جميع أنحاء العالم؛ ومثالا للقوة الناعمة الأمريكية.
وقد أظهر اندلاع أزمة قصيرة مع كولومبيا قبل أسبوع مدى سرعة استعداد ترامب لتسلق سلم التصعيد.
وعلى الرغم من أن كولومبيا كانت حليفًا مهمًّا للولايات المتحدة، إلا أن ترامب لم يهتم بالدبلوماسية التقليدية، وذهب على الفور إلى اختيار القوة من خلال التهديد بحرب تجارية؛ ويبدو أنه نجح بذلك، إذ أن كولومبيا تراجعت.
وبالمثل، فإن تحذير الرئيس ترامب حتى قبل تنصيبه من أن "كل الجحيم سوف يندلع" في الشرق الأوسط إذا لم تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والذي من شأنه تحرير الرهائن، ساعد في دفع المفاوضين إلى خط النهاية.
وقالت إيفلين فاركاس، المديرة التنفيذية لمعهد مكين في جامعة ولاية أريزونا وهي موظفة سابقة في وزارة الدفاع الأمريكية: "لقد أسفر أسلوب ترامب الاستفزازي عن مكاسب في السياسة الخارجية ويمكن أن يؤدي إلى المزيد من المكاسب - بشرط أن يكون حذرًا بشأن أهداف ضغطه والتهديدات الضمنية أو الفعلية".
وأضافت أ،ه: "يجب أن يكون الهدف هو الضغط على الصين وروسيا، وليس 'التنمر' على حلفائنا وشركائنا أو السعي لانتزاع أراضي دول أخرى".
وأشار العديد من الخبراء إلى أن المكاسب السريعة قد تؤدي إلى أضرار على المدى الطويل. عبر اعتماد العلاقات مع الدول الأخرى على القوة الاقتصادية الغاشمة والمصلحة الذاتية العارية بدلاً من القيم المشتركة والأهداف المتبادلة، قد يدفع ترامب بعض البلدان بعيدًا عن المدار الأمريكي نحو أمثال الرئيس فلاديمير بوتين من روسيا أو الرئيس شي جين بينغ من الصين.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في أغلب الأحيان، يبدو أن ترامب يميل إلى استخدام القوة الاقتصادية بدلا من القوة العسكرية لتحقيق أهدافه.
وبالرغم من تفاخره، خلال حملته الانتخابية العام الماضي، بأنه لم يبدأ أي حروب أثناء رئاسته، وتحدث في خطاب تنصيبه عن أهمية تجنبها، لكنه بينما يصعّد لهجته مثلا تجاه الدنمارك لإرغامها على التنازل عن غرينلاند لصالح الولايات المتحدة أو التصعيد ضد بنما لإعادة القناة، لم يتنصل ترامب بوضوح من استخدام "الخيار العسكري" عندما سأله الصحفيون.
وبالنسبة للرئيس ترامب، فإن الطرق الأمريكية القديمة، الدبلوماسية الهادئة والقوة الناعمة، لم تنجح، وبدلاً من أن تكون مفتاح الهيمنة الأمريكية على العالم، فإنها على مدار أجيال، من وجهة نظره، أدت فقط إلى تدمير البلاد من قبل الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
وفي مدرسته الفكرية "أمريكا أولاً"، تعتبر التهديدات والصرامة أفضل طريقة للتعامل مع عالم يريد الاستفادة من الولايات المتحدة.
وإذا كانت بقية العالم لا تحب ذلك، فقد أوضح ترامب "أنه لا يهتم حقا".
aXA6IDMuMjMuMTAwLjEwNyA= جزيرة ام اند امز