«ولاية ترامب الثانية».. هل تنهي «زعامة أمريكا» للعالم؟
قبل 4 أشهر ، دعا جو بايدن حلفاء الولايات المتحدة في الناتو للاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس الحلف الذي يعد رمزا لزعامة أمريكا للعالم.
والآن، يعود دونالد ترامب للبيت الأبيض وهو المعروف بعدائه للتحالف وعلى العكس من ولايته الأولى يبدو الآن أنه يمتلك الدافع والخطة نحو الوفاء بتعهداته التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" في تحليل طالعته "العين الإخبارية".
وخلال الحملة، قال ترامب إنه "سيشجع" روسيا "على فعل كل ما تريده" لأعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذين لم يساهموا بما يكفي في الميزانية وحتى لو ظلت الولايات المتحدة، على الورق، أحد الأعضاء الرئيسيين في الحلف فإن رؤية الرئيس المنتخب لالتزامات واشنطن قد تكون كافية لتآكل الحلف من الداخل.
ووفقا لـ"نيويورك تايمز"، فإن المهمة الأمريكية التي أعلنها جورج دبليو بوش في تنصيبه الثاني، قبل ما يقرب من عقدين "للسعي إلى دعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل دولة وثقافة"، قد انتهت رسميًا الآن.
ومنذ فوزه في انتخابات 2020، زعم بايدن أن ولاية ترامب الأولى كانت مجرد ومضة في التاريخ الأمريكي، وليست نقطة تحول وأكد في أول اجتماع له مع حلفاء الولايات المتحدة أن "أمريكا عادت"، وتعهد باستعادة عالم يمكن الاعتماد فيه على واشنطن.
وأثبت بايدن رؤيته عندما حشدت الولايات المتحدة الغرب للدفاع عن أوكرانيا منذ اندلاع الحرب في 2022 ومع ذلك، أثبت فوز ترامب في انتخابات 2024 أن ترامب لم يكن مجرد ومضة.
والآن يعتمد تطبيق ترامب لاستراتيجية "أمريكا أولا" إلى حد كبير على "كيفية مزج خطابه الانعزالي برغبته الغريزية في أن يكون اللاعب المركزي في عصره"، وفق الصحيفة.
وقال هال براندز، مؤرخ الحرب الباردة في جامعة جونز هوبكنز "خلال ولايته الأولى، تحدث ترامب غالبًا وكأنه يريد إنهاء تقليد القيادة الأمريكية".
ومنذ هاري ترومان وصولا إلى بايدن، اعتبر رؤساء الولايات المتحدة أن التحالفات الأمريكية هي مصدر للقوة وعلى النقيض من ذلك اعتبرها ترامب عبئا وذكر دائما أنه لا يفهم لماذا تدافع واشنطن عن الدول التي تعاني أمريكا من عجز تجاري معها.
وفي ولايته الأولى، أعلن رفضه لمفهوم أن أوروبا كانت حصنًا ضد الاتحاد السوفياتي أو أن كوريا الجنوبية هي المفتاح لاحتواء كوريا الشمالية.
وبعد مغادرته البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2021، أعلن بايدن على الفور أنه يستعيد الدور التقليدي لأمريكا حيث تضمنت إنجازاته توسيع خريطة التحالفات مثل الشراكة مع أستراليا وبريطانيا فيما يتعلق بالغواصات النووية بهدف احتواء الصين، بالإضافة إلى العلاقات المتجددة مع الفلبين والهند، والشراكة الجديدة بين اليابان وكوريا الجنوبية.
والسؤال الآن يتعلق بكيفية تعامل ترامب مع هذه التحالفات ومن المتوقع أن يأتي الاختبار الأول من أوكرانيا حيث ألمح الرئيس المنتخب ونائبه جي دي فانس أكثر من مرة إلى قطع عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية، مؤكدا أنه إذا كان هناك "صفقة" حول الأراضي الأوكرانية لما اندلعت الحرب.
ويتوقع المسؤولون الأوكرانيون أن يحاول ترامب فرض صفقة عليهم تمكن روسيا من الاحتفاظ بـ20% من الأراضي التي تسيطر عليها حاليا الأمر الذي يمكن أن يُنظر إليه كرسالة عبر أوروبا مفادها أن كل الحدود الدولية قابلة للتفاوض بحسب تعبير "نيويورك تايمز".
أيا كانت اختياره، فإن ترامب سيكتشف أنه يعمل في عصر أكثر تعقيدا بكثير مما كان عليه قبل 4 سنوات خاصة وأنه لم يتحدث خلال حملته عن التغييرات الضخمة في الجغرافيا السياسية خلال السنوات القليلة الماضية مثل الشراكة المتنامية بين روسيا والصين.
وعادة ما يستخدم ترامب عبارات بسيطة للحديث عن البلدين ودائما ما يتكلم بحرارة عن علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويهدد الصين بتعريفات جمركية ويقول إن رئيسها شي جين بينغ لن يأخذ من تايوان شيئا لأنه "يحترمني ويعرف أنني مجنون" ومع ذلك من غير الواضح كيف سيتعامل ترامب مع الزعيمين.
وفي تحليل بمجلة "فورين أفيرز"، كتب بيتر فيفر الأستاذ في جامعة ديوك والذي عمل في مجلس الأمن القومي في إدارة بوش "إن جوهر نهج ترامب في السياسة الخارجية لا يزال دون تغيير لكن السياق الذي سيحاول فيه تنفيذ شكله الغريب من إبرام الصفقات تغير بشكل كبير.. العالم اليوم مكان أكثر خطورة مما كان عليه خلال ولايته الأولى".
وأشار فيفر إلى أن حملة ترامب كانت مليئة "بالواقعية السحرية من خلال مجموعة من التفاخر الخيالي والوصفات السطحية التي لا تعكس أي فهم حقيقي للتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة".
وفي مواجهة ترامب لهذه القضايا، هناك أمر واحد واضح وهو أن عام 2025 لن يكون تكرارًا لعام 2017 الذي شهد وصوله للبيت الأبيض للمرة الأولى وفي ذلك الوقت كان غير متأكد من كيفية التعامل مع العالم من حوله، فلجأ إلى مساعديه الذين كانوا جميعًا رجالًا تقريبًا مثل ريكس تيلرسون وحيم ماتيس وغيرهما ممن حاولوا احتواء ترامب وتوجيه وتعديل دوافعه وتحويلها إلى سياسة متماسكة لكن معظمهم فشل قبل أن يطيح بهم ترامب.
هذه المرة، أوضح ترامب أنه لا ينوي توظيف شخصيات من المؤسسة قد تجادله أو تبطئ من تنفيذ مطالبه فهو يريد موالين يخدمون أجندته، وسيتعلمون كيفية التعامل مع رئيس يعتقد أن أعظم قوته تكمن في إقناع الحلفاء والخصوم على حد سواء بأنه قادر على الضرب في أي اتجاه.
aXA6IDE4LjIyNy4xMzQuNDUg جزيرة ام اند امز