الوجه الآخر لتسليح المال.. تخلي أمريكا عن المساعدات يقص أجنحتها أمام الصين
قال تحليل لمجلة فورين بوليسي إن إدارة الرئيس الأمريكي تسعى لدمج هيئة المعونة الأمريكية مع وزارة الخارجية، وهو أمر ذو تبعات سلبية.
وأضاف أن الرئيس دونالد ترامب يبدو أنه اتخذ بالفعل الخطوة الأولى لدمج (USAID) مع وزارة الخارجية، حيث أكد وزير الخارجية ماركو روبيو في زيارة له إلى السلفادور أنه أصبح الآن القائم بأعمال مدير وكالة USAID. لكن هذه الخطط المتعلقة بدمج "المساعدات" بمجال "السياسة" ستحمل تبعات سلبية على أهداف وأولويات الولايات المتحدة بالخارج، لاسيما في مواجهة الصين، وذلك مع إخضاع "مساعدات التنمية" بشكل كبير الى الاعتبارات السياسية وبكلمات أخرى "تسليح المساعدات".
تجارب سابقة
ووفقا للتحليل، فإن الولايات المتحدة ستصبح أقل أمانًا إذا فشل الدمج في أخذ الدروس من التجربة العالمية في الاعتبار. فالدمج لا يوحد أهداف التنمية والدبلوماسية تلقائيًا، وغالبًا ما يضر بهما.
ذلك الدمج المزمع قد تكرر في السابق في عدة دول بينها بريطانيا وأثار جدلا كبيرا. ففي عام 2020، قال رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون إن "الفروق بين الدبلوماسية والتنمية الخارجية هي فروق صناعية وعفا عليها الزمن"، وأعلن عن قرار دمج وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة (DfID) مع وزارة الخارجية والكومنولث (FCO)، وهي خطوة وصفها العديد من مؤيدي التنمية بأنها "استحواذ عدائي". وجاء إعلان المملكة المتحدة بعد عمليات دمج مماثلة في كندا وأستراليا أثارت جدلاً كبيرًا. وتعكس هذه العمليات تنامي الشكوك حول المساعدات في فترة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.
وربما لا يتعلق هدف هذا الدمج بالتنظيم البيروقراطي بقدر ما هو يتعلق باستخدام المساعدات كأداة للثواب والعقاب في الدول الأخرى.
وقال تحليل فورين بوليسي إن الدمج في تجارب أمريكا وحلفائها يؤدي لانخفاض فعالية المساعدات وتقليص الميزانيات التي تؤدي بدورها إلى تقويض أجندات التنمية والأهداف الأمنية ذات الصلة. وفي استراليا، انخفضت الإنفاقات التنموية بنسبة 27% وفي المملكة المتحدة، أسفر الدمج عن تقليص فوري لميزانية المساعدات الوطنية، وهي عمليات تحد من فعالية أدوات القوة الناعمة للدول في وقت تصل فيه التوترات الدولية الى أشدها. فبعد الدمج، قامت وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية بتضييق محفظتها الجغرافية للتركيز بشكل مكثف على منطقة الهند والهادئ لتتوافق بشكل أقوى مع المصالح الجيوسياسية للبلاد، ما أدى إلى تقليص تأثيرها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهما منطقتان يشهدان توسعًا صينيًا متزايدًا.
كما أن مراجعة لمكتب التدقيق الوطني في المملكة المتحدة في عام 2024 أظهرت أن الدمج كلف حوالي 24.7 مليون جنيه استرليني وأسفر عن زيادة في حجم الموظفين المشتركين مقارنةً بحجم الموظفين السابقين في وزارتي الخارجية والتنمية.
التنمية أداة تنافس عالمي
وعكست مبادرة الحزام والطريق الصينية دور التنمية كأداة استراتيجية، وليست فقط أداة إنسانية، في السياسة الخارجية، مما يتحدى الأهداف الإنسانية ويعزز التنافس العالمي على النفوذ.
ورغم ان الصين لا تنشر بيانات شاملة حول مشاريع الاستثمار في جميع دول الشراكة في مبادرة الحزام والطريق، لكن التقديرات المستندة إلى البيانات المعاملاتية تكشف عن عدة أرقام.
وبحسب موقع ستاتيستا، بلغت قيمة استثمارات ومشاريع البناء الصينية في 147 دولة شريكة في مبادرة الحزام والطريق حوالي 67.8 مليار دولار أمريكي في عام 2022. وهذا أقل بكثير من الفترة التي سبقت جائحة كوفيد-19، عندما كانت الاستثمارات السنوية تُقدر بأكثر من 100 مليار دولار أمريكي.
ومع ذلك، ارتفعت حصة دول مبادرة الحزام والطريق في إجمالي الاستثمارات الصينية الخارجية في نفس الوقت. ويمكن أيضًا رؤية هذه الأهمية المتزايدة لدول الحزام والطريق في التجارة الدولية للصين، حيث شكلت دول الحزام والطريق 29.7٪ من إجمالي التجارة في عام 2021، بزيادة عن 25٪ في عام 2019.
كما أن تجارة الصين مع الدول الرئيسية في الحزام والطريق تضاعفت أكثر من مرتين من عام 2015 إلى 2022، مما يعزز أهمية تنمية البنية التحتية في هذه الدول لتطوير الاقتصاد الصيني في المستقبل.