تونس ومناورات الترشح للرئاسة.. «الإخوان» يستثمرون في «رجع الصدى»
يعتقد مراقبون أن جماعة الإخوان في تونس بدأت في استثمار الانتخابات الرئاسية المقررة في الخريف المقبل بمناورة "رجع الصدى".
ويشير المراقبون إلى محاولات قادة الجماعة لاستغلال الانتخابات عبر آلية مزدوجة، الإيحاء بأن السلطة تسعى لإقصائهم من السباق الرئاسي، وإعلان الترشح للإيهام بأن القضايا المنظورة بحقهم ذات طابع سياسي.
ويرى المراقبون أن ما أقدم عليه وزير الصحة السابق الإخواني عبد اللطيف المكي، يعد نموذجا لهذا النهج.
وقرر القضاء التونسي، اليوم الجمعة، منع سفر وزير الصحة السابق الإخواني عبداللطيف المكي في قضية موت رجل الأعمال الجيلاني الدبوسي، كما تقرر منعه من الظهور الإعلامي.
واستمع قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس إلى وزير الصحة السابق، وأمين عام حزب "العمل والإنجاز" عبداللطيف المكي، في قضية وفاة الدبوسي داخل السجن جراء الإهمال الطبي وفق ملف القضية.
وقد أصدر مؤخرا القضاء التونسي مذكرتي إيداع بالسجن بحق رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي، ووزير العدل السابق الإخواني نور الدين البحيري في قضية الدبوسي.
والقضية التي تحركت منذ أكثر من عامين وكشفت عن تورط قيادات إخوانية، بدت فرصة لهؤلاء للإيحاء بأن ملاحقتهم ذات طبيعة سياسية بهدف إبعادهم عن المشهد الانتخابي.
تفاصيل القضية
وفي يناير/كانون الثاني 2022، فتحت وزارة العدل التونسية تحقيقا في جرائم محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار، والتعذيب وسوء المعاملة، في وفاة رجل الأعمال التونسي والبرلماني الأسبق في عهد زين العابدين بن علي، الجيلاني الدبوسي.
ويتورط في هذه القضية وزير العدل الإخواني الأسبق نور الدين البحيري، ووزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي، ومستشاره منذر الونيسي، والقياديين مصطفى اليحياوي والسيد الفرجاني، وطبيبة بسجن المرناقية، ومدير سجن المرناقية حينها عماد الدريدي.
وتعود تفاصيل القضية إلى تورط المكي والبحيري في تعذيب رجل الأعمال الجيلاني الدبوسي، الذي كان نائبا سابقا في عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، باعتباره كان خصما بارزا ضد الإخوان في السابق.
وأعلن عن وفاة رجل الأعمال التونسي الدبوسي بعد مغادرته السجن في فترة حكم الإخوان عام 2012.
وسبق أن أكد نجل الجيلاني الدبوسي، في تصريحات له، أن العائلة قدمت شكوى لدى المدعي العام منذ 7 مارس/آذار 2013 أمام ما كان يتعرض له والده من أفعال بشعة وتعذيب وسوء معاملة داخل سجنه من قبل كل من وزيري العدل والصحة آنذاك نور الدين البحيري وعبد اللطيف المكي والمنذر الونيسي، وفق قوله.
وأوضح أن القضية التي قدمتها العائلة ظلت على الأرفف بعد وفاة والده في عهد وزير العدل نورالدين البحيري، وتواصل تجاهلها طوال السنوات الماضية لأن وزارة العدل كانت دائما تابعة لحركة النهضة وهو ما اضطر العائلة لتدويل القضية، حسب قوله.
وقال الدبوسي: "وأخيرا النيابة العامة تحركت اليوم وأخذت على عاتقها هذه الشكوى"، مضيفا أن العائلة قدمت شكوى أخرى موجودة حاليا في محكمة باريس باعتبار أن والده يحمل جنسيتين تونسية وفرنسية، ويجب أن يتواصل قاضي التحقيق بتونس مع نظيره في باريس من أجل احترام الإجراءات القانونية والاتفاقيات المبرمة بين البلدين".
وأضاف أن هناك شكوى ثانية ضد الدولة التونسية في الأمم المتحدة التي تنظر في جرائم الدولة، معتبرا أن الدولة ارتكبت جريمة ضد الجيلاني الدبوسي عندما قضت محكمة التعقيب ببراءة والده من القضايا المرفوعة ضده وتم الضغط عليها لعدم تنفيذ الحكم الصادر عنها بأوامر سياسية من وزير العدل آنذاك.
من هو المكي؟
ومؤخرا، أعلن المكي ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. ويرى مراقبون أن المكي أراد من خلال إعلان ترشحه لهذا الاستحقاق الهروب من المحاسبة.
وجرى الإعلان عن تأسيس الحزب في 28 يونيو/حزيران 2022، من قبل عدة شخصيات منشقة عن حركة النهضة الإخوانية.
وعبد اللطيف المكي من مواليد 1962، ويعتبر أحد أبرز القيادات العليا لحركة النهضة الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيرا للصحة، ويُعرف بأنه من صقورها.
وكان أحد مرشحي الإخوان لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس "النهضة"، لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة.