الفيلم التونسي «أغورا».. أجساد آتية من المجهول تكشف الفساد

انطلق المخرج التونسي علاء الدين سليم في عرض فيلمه الجديد "أغورا" لأول مرة في القاعات التونسية، وذلك بعد جولة سينمائية دولية.
"أغورا" هو فيلم روائي طويل يمزج الواقعي بالغرائبي لمعالجة قضايا كبرى، ويضم مجموعة من النجوم مثل ناجي القنواتي، وبلال سلاطنية، ومجد مستورة، وسونيا.
تدور أحداث الفيلم حول مدينة ساحلية معزولة يعود إليها ثلاثة أشخاص بعد موتهم منذ سنوات بمظاهر غامضة، مما يخلق حالة من التوتر والقلق بين سكان المدينة.
الشخصية الأولى راعٍ ذبحه الإرهابيون، يعود إلى بيته يقطر دمًا. والشخصية الثانية امرأةٌ طُرحت في البحر في إطار عملية هجرة غير نظامية، فلفظها الموج. أما الشخصية الثالثة فهي عامل بملابس العمل، توفي عندما سقطت عليه أكوام الرمال أثناء أدائه لعمله.
تعود هذه الأجساد ومعها تعود دفاتر قديمة أُغلقت بسبب تقاعس السلطة وسكوتها على انتشار الإرهاب وذبح الراعي، وعلى قتل أحلام الشباب الذين يرمون بأنفسهم في البحر أملاً في الوصول إلى أوروبا، وعلى خلل المنظومة الشغلية في البلاد وعدم احترام حقوق العمال.
يتدخل فتحي، مفتش الشرطة الذي يجسّد دوره الممثل ناجي القنواتي، فيسعى لكشف غموض عودة هؤلاء الأشخاص، ويُسرع بالتحرّك لمنع انتشار الخبر وإخفاء الأجساد القادمة من المجهول، بمساعدة صديقه الطبيب "أمين" الذي يتقمص دوره الممثل بلال سلاطنية، والذي يقترح حفظها في ثلاجة الموتى.
تتعقد الأمور عندما يصل مفتش الشرطة "عمر" من العاصمة لاستجلاء الأمر، مما يؤدي إلى انقسام بين سكان المدينة بين مَن يرحب بعودة المفقودين ومَن يعتبر عودتهم لعنة.
ثلاث شخصيات أيقظت هواجس السلطة ومخاوفها، وكشفت ممارسات منظومة كاملة من الفساد.
يبدأ الفيلم من فرضية بوليسية تتمثل في ثلاثة أشخاص ماتوا منذ سنوات، لكنهم يعودون فجأة إلى مدينتهم الصغيرة في ظروف غامضة. وهؤلاء العائدون جعلهم علاء الدين سليم لا ليجيبوا عن سر عودتهم المفاجئة، بل ليزيدوا الأسئلة كثافة؛ فهم لا يتكلمون كثيرًا ولا يطالبون بشيء، حتى إن وجودهم في حد ذاته هو الاتهام. إنهم ماضٍ لا يموت، وذاكرة لا يمكن دفنها.
وقال علاء الدين سليم لـ"العين الإخبارية": إن "أغورا" يعد ثالث أفلامه الروائية الطويلة بعد فيلمه الأول "آخر واحد فينا"، وفيلم "طلامس" الذي انتُخب ضمن أسبوعي المخرجين في مهرجان كان السينمائي عام 2019.
وأكد سليم أن لديه ضعفًا خاصًا للمهمشين الذين يعيشون في عزلة، قائلًا: "لي تجاههم محبة، وأجد فيهم مادة سينمائية غنية وطرحًا جيدًا في أفلامي".
وأوضح أن فيلم "أغورا" يطرح مسألة الذاكرة الجماعية التي تزعج وتذكّر بإخفاقات كل مسؤول في الدولة، حيث يتناول الفيلم العلاقة غير الواضحة وغير الصحية مع السلطة السياسية، ورغبتها في التستر على كل شيء.
وسبق أن فاز فيلم "أغورا" بجائزة "باردو فردي" ضمن فعاليات الدورة 77 لمهرجان لوكارنو السينمائي التي أقيمت من 7 إلى 17 أغسطس 2024.
كما شارك الفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ضمن قائمة "اختيارات عالمية" في دورته الرابعة التي انتظمت في الفترة من 5 إلى 14 ديسمبر الماضي.