إعدامات قضية بلعيد.. هل تفتح «النار» على إخوان تونس؟
كما انطلقوا في التّنفيذ لاغتياله مع فجر السادس من فبراير/شباط 2013، طالتهم يد العدالة فجرا ليتحقق نور الحق والمحاسبة بعد 11 عاما من المماطلة.
شكري بلعيد، السياسي البارز، الذي بت القضاء في قضية اغتياله دب في قلوب إخوان تونس الرعب مع مطالب تتزايد بفتح أحد أهم ملفات التنظيم السوداء ألا وهو "الجهاز السري".
وفجر الأربعاء، أعلن المساعد الأول لوكيل الجمهورية (المدعي العام) بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة)، أيمن شطيبة، عن صدور حكم بالإعدام في حق 4 متهمين والسجن بقية العمر في حق متهمين آخرين وعقوبات سجنية لمدد متفاوتة تراوحت بين العامين و30 عاما.
وأكد أن الحكم جاء بعدم سماع الدعوى في حقّ 5 متهمين باعتبار أنه تم تتبعهم لنفس الأفعال والجرائم المنسوبة إليهم في قضايا أخرى، كما تم إخضاع جملة المتهمين لعقوبة المراقبة الإدارية لمدة تتراوح بين 3 و5 أعوام.
من هم المحكوم عليهم بالإعدام؟
وأكدت مصادر لـ"العين الإخبارية" أن المتّهمين الأربعة الذين حكم عليهم بالإعدام شنقا حتّى الموت، هم عزّ الدين عبد اللاوي ومحمد أمين القاسمي ومحمد العكاري ومحمد العوادي (شهر الطويل).
كما قضت الدائرة الجنائية بالسجن مدّة ثلاثين عاما في حقّ المتهم أحمد المالكي المكنى بـ "الصومالي"، ومحمد العوادي الملقب بـ«الطويل»، هو «قائد الجهاز العسكري والمسؤول الثاني في ما يُسمّى تنظيم أنصار الشريعة المحظور» والذي مكن اعتقاله من الحصول على معلومات هامة حول عمليات إرهابية واغتيالات كان يخطط لها التنظيم.
ووفق اعترافات سابقة للعوادي، فإن أوامر الاغتيال تمت بعد موافقة من «أمير» التنظيم سيف الله بن حسين المعروف بـ«أبو عياض». وأثناء عملية المداهمة لمنزل العوادي، تم العثور على صور شخصية لعدد من القيادات الأمنية البارزة والمعروفة بمحاربتها للإرهاب ووثائق دقيقة حول تحركاتهم ومدارس أبنائهم ووظائف زوجاتهم والمقاهي التي يرتادونها وأوقات الخروج والدخول إلى منازلهم، وتم حجز آلات تصوير حديثة.
أما محمد العكاري فيعد أبرز عناصر الجناح الأمني لتنظيم "أنصار الشريعة" المكلف بالتنسيق واستقطاب وتجنيد العناصر الجديدة غير المعروفة وذات مستوى ثقافي عال للعمل بالجهاز السري.
وانتمى إلى تنظيم "أنصار الشريعة" ورحل إلى ليبيا حيث تلقى تدريبا عسكريا تحت إشراف "أحمد الرويسي" (تم اغتياله سابقا).
أما محمد القاسمي فهو قائد الدراجة النارية الذي قام بمراقبة بلعيد لمدة 3 أيام كاملة قبل اغتياله، ثم شارك في عملية القتل باعتباره كان سائق قاتل بلعيد (كمال القضقاضي وهو متوف).
في حين أن عز الدين عبد اللاوي هو مساعد الأمن السابق المتورط مع الجماعات الإرهابية، اعترف بتورطه في اغتيال شكري بلعيد، وقال إنه اختفى بعد عملية الاغتيال في أحد المنازل بحي الغزالة بالعاصمة قبل أن ينتقل لاحقا إلى منطقة الوردية حيث ألقي القبض عليه.
وحسب التحقيقات فإن عزالدين عبد اللاوي البالغ من العمر 49 عاما كان يعمل لفائدة الأجهزة الأمنية، وأودع السجن، قبل أن يلتحق بالمجموعات الجهادية. وقد تورط في العديد من العمليات الإرهابية في العاصمة وفي جهات أخرى، كما يشتبه في تورطه مع عصابات ومجموعات لتهريب السلاح وتخزينه.
بداية لكشف الحقيقة
من جهته، قال عبد المجيد بلعيد شقيق شكري بلعيد: "تلقينا الأحكام الصادرة صباح اليوم في قضية الاغتيال بارتياح كبير"، معتبرا إياها "بداية لكشف الحقيقة كاملة".
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن صدور الأحكام يؤكد تعافي القضاء وتوفر الإرادة السياسية لكشف الحقيقة بعد أكثر من عشر سنوات من حادثة الاغتيال".
وعبر عن أمله في أن تكون هذه الأحكام بداية التعامل مع ملف القضية بشكل جدي، موضحا أن "هذا يعد جزءا صغيرا من ملف الاغتيال لأنه يتعلق بالمجموعة التي نفذت لكن أخطر جزء هو المجموعة التي أمرت وخططت بتنفيذ الحكم، في إشارة إلى تنظيم الإخوان.
وأكد أنه في القريب سيتم الانطلاق في محاسبة الجهة المخططة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأحكام صادرة في حق "اليد التي أطلقت الرصاص ونفذت العملية وليس من دبر وخطط ومول وتستر على الجريمة" (تلك قضية أخرى) وفقا لعضو هيئة الدفاع عن بلعيد كثير بوعلاق.
من هو بلعيد؟
وفي السادس من فبراير/شباط 2013، استفاق التونسيون على نبأ اغتيال بلعيد، المعروف بمعارضته الشديدة لتنظيم النهضة الإخواني، رميا بالرصاص أمام منزله بضواحي العاصمة، كأول واقعة اغتيال تشهده البلاد منذ عام 1956.
وكان بلعيد من أشرس المعارضين لتنظيم الإخوان، إذ اتهمهم علانية بحماية الإرهابيين في تونس ودعم الإرهاب بصفة عامة.
ومن أبرز مقولاته، التي ظلّت راسخة، ما ذكره في مداخلة تلفزيونية حين قال قبل يوم واحد من اغتياله : "سيلجؤون إلى العنف كلّما زاد اختناقهم.. كلما زادت عزلتهم السياسيّة، وكلّما تقلّصت شعبيتهم.. إياكم والانجرار إلى مربع العنف.. العنف لا يخدم إلا الرجعية، لا يخدم إلا حركة النهضة".
وذهبت اتهامات الاغتيال باتجاه جهاز خاص أو تنظيم سري يتبع حركة النهضة، المرتبطة بتنظيم الإخوان الدولي الإرهابي، كشف عن الوجه القبيح للجماعة خلال "عشريتهم السوداء" في تونس.
وصباح أمس الثلاثاء، رفعت رئيسة الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة جلسة المحاكمة، وذلك للمداولة التي تسبق النطق بالحكم.
وكانت المحكمة قد استمعت قبل ذلك إلى طلبات المتهمين التي تراوحت بين "الحكم بقدر المسؤولية في القضية"، و"عدم سماع الدعوى"، والمطالبة بالبراءة.
وفي السادس من فبراير/شباط الماضي، بدأت محكمة تونسية النظر في قضية اغتيال بلعيد، حيث تحاكم المجموعة التي أعدت وخططت ونفّذت عملية الاغتيال.
وفي تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، قالت إيمان قزارة إنه قد تبين أن الجهاز السري للإخوان الجهة المدبرة لاغتيال بلعيد، متهمة زعيم التنظيم راشد الغنوشي، بـ"الوقوف وراء العملية، باعتباره رئيس الجهاز الذي لا يمكن لأعضائه القيام بأي عمل دون علمه".
ووجهت الاتهام مباشرة للغنوشي بالتخطيط لاغتيال بلعيد، فيما تولى تنظيم أنصار الشريعة (المحظور) تنفيذ عملية الاغتيال.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yMjkg جزيرة ام اند امز