أزمة الخبز في تونس.. خبير يتحدث لـ"العين الإخبارية" عن "الحوت الكبير"
تعاني تونس من نقص كبير في الخبز مع تراجع في إمدادات الطحين، وأزمات تتعلق باحتكار السوق من قبل بعض التجار.
وتشكو المخابز في تونس من نقص في المواد الأولية، خاصة الطحين والدقيق، في ظل تراجع في المحاصيل والأزمة التي تسببت فيها الحرب الروسية في أوكرانيا.
ومنذ أسابيع، تكرر مشهد اصطفاف التونسيين في طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز.
ووصفت وزيرة التجارة التونسية كلثوم بن رجب مشاهد الطوابير الطويلة أمام مخابز البلاد بـ"الظاهرة الغريبة"، معتبرة أنها لا تتناسب مع كميات الدقيق التي تضخ يوميا.
وأكدت في تصريحات إعلامية متابعة إمدادات الخبز والسميد، مشيرة إلى وجود تحسن خلال الأيام الأخيرة.
وأوضحت الوزيرة التونسية: "نواجه أزمة في مسألة التوزيع، فما حدث مع السكر يتكرر مع الخبز، فالسوق التونسية تحتاج إلى 1000 طن فقط من السكر، ورغم أننا طرحنا 1400 طن في الأسواق لا تزال الأزمة قائمة، فالمشكلة ليس لها علاقة بالوفرة".
وقالت الوزيرة إن ما حدث في سوق السكر يتكرر في سوق الخبز، فمع زيادة الحصص الشهرية للمخابز تبين أن الطلب يفوق المعروض مهما فعلنا، وقالت "منذ بداية يوليو/تموز رفعنا حصة المخابز المنظمة من الطحين بنحو 13 ألف قنطار دفعة واحدة".
وأكدت أن الحكومة التونسية لا تتوانى في القيام بدورها، فالمدّة الأخيرة شهدت أرقاما قياسيّة في العقوبات العدليّة والإداريّة ضدّ الممارسات الاحتكاريّة بشتّى أنواعها، مشيرة إلى منع حوالي 400 تاجر جملة من التزوّد بالمواد المدعّمة.
وفي سياق متصل، حمل الرئيس التونسي قيس سعيد، الأسبوع الماضي، ما وصفها بـ"لوبيات" مسؤولية النقص الحاصل في مادة الخبز، مطالبا الحكومة باتخاذ "إجراءات عاجلة" للعثور على حل لما يعتبره البعض "أزمة".
وقال سعيد، خلال زيارة إلى مقر وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، إن "الخبز والمواد الأساسية بالنسبة للمواطن خط أحمر"، مضيفا أن "هناك حملة من الدوائر واللوبيات تسعى لتأجيج الوضع وأسماؤهم معروفة".
وأكد أن هناك تلاعبا كبيرا بالخبز، وكيف يكون خبز الفقراء مفقودا في حين أن خبز الأغنياء متوفر"، مؤكدا أن "هناك خبزا واحدا لكل التونسيين".
ولفت إلى أنه "يجب اتخاذ قرارات آنية لوضع حد للعملّية الملتوية لرفع الدعم عن الخبز"، مشيرا إلى أنّ "هذا الوضع غير مقبول ويُعتبر ضربًا لقوت التونسيين.
وإثر خطاب الرئيس قيس سعيد، تم تكثيف حملات المراقبة على المخابز خاصة غير المصنفة التي أصبحت تبيع أنواع الخبز باهظة الثمن وامتنعت عن بيع الخبز المدعم.
انفراج الأزمة
من جهة أخرى، قال عضو الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز الصادق الحبوبي إنه بداية من هذا الأسبوع سوف تنفرج الأزمة ولن نجد الصفوف أمام المخابز، على خلفية تخصيص بعض الحصص الإضافية من الطحين للمخابز تقدر بنسبة 20%.
وأكد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مشكلة فقدان المواد الأساسية لصناعة الخبز عميقة ومن أسبابها وجود أطراف معروفة لدى الدولة تستعمل مادة السميد كأعلاف ووصفهم بـ"الحوت الكبير" الذي يتلاعب بالاقتصاد التونسي وقوت التونسيين.
وأكد أن هناك مطاحن أصبحت ترفض تزويد المخابز بالطحين وأصبحت تستقوي على الدولة.
وأشار إلى وجود مطاحن تتحصل على حصص من الطحين أكثر من مطاحن أخرى، مبررا أن ديوان الحبوب ووزارة التجارة على علم ودراية كافية بهذه المسألة.
وأكد وجود أحزاب سياسية وراء هذه المطاحن، وطالب بضرورة تنفيذ قانون 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، الذي سينظم القطاع من الدخلاء.
وقال إن المخابز غير المصنفة دخيلة على قطاع صناعة الخبز، موضحا أنه من غير المقبول أن تستعمل (المخابز غير المصنفة) الطحين المدعم الذي توفره الدولة لصنع الخبز وبيعه بغير السعر المحدد".
مشاكل هيكلية
وقال الخبير الاقتصادي علي الصنهاجي، في تصريحات لـ"لعين الإخبارية"، إن فقدان الخبز يعود بالأساس لعوامل ظرفية وهيكلية زادت حدتها بالأساس بسبب تراجع قيمة الدعم الذي يتم ضخه لأصحاب المخابز من أجل صنع الخبز المدعم.
وأوضح أن هذا النقص على مستوى القمح الصلب نتج عنه ضغط كبير على مادة السميد، التي أدت بدورها إلى ارتفاع الطلب على مادة الطحين، ما أدى لفقدان الخبز المدعم.
ومنذ 2021، تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد شهور قليلة إلى الأسواق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح الصلب المستخدم في إنتاج الخبز.
ووجدت الحكومة أن الحل يكمن في اللجوء إلى الاستيراد، ولكن هذا الأمر اعترضته عراقيل بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.
وتستورد تونس 60% من القمح من أوكرانيا وروسيا لتوفير الغذاء، وهو ما بات صعبا بسبب الأزمة العالمية.
aXA6IDE4LjE5MS4yMTUuMzAg جزيرة ام اند امز