إخوان تونس.. "سرطان" سياسي يفتت الأحزاب وينشر الفتن للبقاء
مراقبون يؤكدون أن حركة النهضة الإخوانية تعمل على تفتيت خصومها ونشر الفتن الحزبية حتى يتسنى لها البقاء وحيدة في المشهد السياسي
انتهت كل الأحزاب التي تحالفت مع حزب "النهضة" الإخواني في تونس منذ عام 2011 إلى شظايا حزبية متناثرة غير قادرة على تجميع قواها وعاجزة عن الانطلاق مجددًا في السباق السياسي.
ويرى سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة الإخوانية تعمل على تفتيت خصومها ونشر الفتن الحزبية حتى يتسنى لها البقاء وحيدة في المشهد السياسي، وأنها طريقة إخوانية تعتمد على استراتيجيات زرع الفراغ من أجل ما يسمى بـ"المشروع الإخواني الكبير" عبر الترهيب والإرهاب والاختراق والتفتيت.
وحذروا رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، من علاقته بالإخوان وضرورة قطعها إذا كان يريد تجميع القاعدة الوسطية الديمقراطية، مؤكدين أنه "لا مستقبل سياسي لحزب يتحالف مع أطراف متورطة في اغتيالات سياسية وتملك أجهزة سرية وتدين بالولاء لشيوخ التكفير".
وأكدوا أنه لا يمكن للإخوان أن يمارسوا السياسة إلا في الغرف المغلقة والزوايا القاتمة، حيث إنها اختارت منذ 2011 توتر الأجواء الداخلية لكل خصومها من خلال نشر الإشاعة والتشويه عبر الشبكات الافتراضية.
الإخوان.. سرطان سياسي
وقال بلحسن الجويني، القيادي السابق بحزب "التكتل من أجل العمل والحريات"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه من الأخطاء التي جعلت حزبهم يندثر هو تحالفهم بعد انتخابات 2011 مع الإخوان ضمن ما يعرف بحكومة الترويكا (ضمت التكتل والمؤتمر والنهضة).
وأكد أن ذلك التقارب كانت كلفته غالية جدا من خلال موجة استقالات شملت 100 قيادي من حزب التكتل.
وتابع: "حزب النهضة كان يريد واجهات علمانية يحكم بها ليقوم في الخفاء بكل الأدوار السياسية غير الشرعية التي تقوم بالتنسيق مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بعيدا عن مصلحة التونسيين".
وأضاف الجويني أنه نصح مصطفى بن جعفر بعدم التحالف مع راشد الغنوشي (رئيس الحركة) كون ذلك سيفقده القواعد الحداثية والمستنيرة التي لا تؤمن بمشاريع الإسلام السياسي.
وأكد على أن أي طرف سياسي يقترب من الإخوان يجد مصير الانقسام عبر آليات الاختراق الإخوانية، مشبهًا الحركة بـ"السرطان الذي يأكل الجسم السياسي التونسي دون تحقيق مصلحة أو فائدة لعموم الشعب".
وتأسس حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" عام 1994، وحلّ ثالثا في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في 23 أكتوبر/تشرين أول 2011، وشارك مع حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية في حكومة "الترويكا حتى فبراير/شباط 2014 إلا أنه خسر كل الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2014 و2018.
النداء.. الخسارات الكبرى
ولم يسلم حزب نداء تونس من لعنة الإخوان حيث خسر قرابة المليون صوت منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إلى الانتخابات المحلية في 6 مايو/أيار 2018 نتيجة تحالفه مع حزب النهضة من خلال حكومتي الحبيب الصيد (2016-2015) ويوسف الشاهد التي انطلقت في شهر سبتمبر/أيلول 2016.
ومنذ 2015، يعيش حزب نداء تونس الذى تأسس في 2012، أزمة سياسية وحركة انشقاقات تعمقت منذ الربيع الماضي، بالصراع بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والمدير التنفيذي للحزب حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، وصلت حد تبادل الاتهامات بالإضرار بالحزب ومصالحه.
وفي 27 يناير/كانون الثاني الماضي، شهدت تونس الإعلان عن تأسيس حزب "تحيا تونس"، مقرب من الشاهد، استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية المنتظرة في 2019.
وقال منذر الحاج علي، النائب البرلماني، وأحد مؤسسي "نداء تونس"، إن انقسامات الحزب ترجع إلى أسباب سياسية عدة أهمها التحالف مع حركة النهضة.
وأضاف، في تصريحات إعلامية، أن من يريد أن يبني مشروعًا سياسيًا وطنيًا لا بد له أن يتجنّب الاقتراب من الإخوان أو وضع سياسات مشتركة معها، مؤكدا أن حركة النهضة عملت على تقسيم نداء تونس عبر زرع بعض الشخصيات المشبوهة (لم يحددها) التي تدين بالولاء لها.
وقال الحاج علي إن هذه الشخصيات كانت مكلفة بمهمة لصالح الإخوان وهي ضرب وحدة الحزب ونشر القلاقل وتوظيف آليات غير أخلاقية لخلق الصدام بين قيادات نداء تونس التاريخيين.
وحول التحالف الحالي بين الشاهد والنهضة، فأكد الطاهر بن حسين، رئيس حزب المستقبل، أحد الأحزاب المنشقة عن نداء تونس، أن رئيس الحكومة مطالب بقطع علاقته مع الإخوان إذا كان يريد تجميع القاعدة الوسطية الديمقراطية.
وشدد على أنه لا مستقبل سياسي لحزب يتحالف مع أطراف متورطة في اغتيالات سياسية ويملك أجهزة سرية ويدين بالولاء لشيوخ التكفير والفتنة.
وأضاف بن حسين، أن التحالف مع الإخوان هو الانتحار السياسي والموت البطيء.
وخلال الفترة الماضية تحدثت وسائل إعلام محلية عن لقاء جمع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل انطلاق أعمال مجلس شورى الحركة في دورته الـ25 قبل أيام دون تفاصيل.
وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون، في تصريحات سابقة، أنه من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما ستكون الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني.
وحركة النهضة الإخوانية عام 1972 وأعلنت رسميًا عن نفسها في 6 يونيو/حزيران 1981، ولم يُعترف بالحركة كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس/آذار 2011 بعد رحيل الرئيس زين العابدين بن علي عن البلاد إثر اندلاع الثورة التونسية في ديسمبر/كانون أول 2010.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز