«وفاة الغنوشي» وإخوان تونس.. عودة داخل «نعش» المناورات السياسية
تقف جماعة الإخوان في تونس أمام تحدي العودة إلى الساحة السياسية في بلد أرهقته مناورات التنظيم في العشرية الماضية، وطوى صفحته.
وبنى التنظيم المصنف إرهابيا في عدد من الأقطار العربية موقفه في الأزمة التي تعصف به على إمكانية وجود رد فعل دولي ومحلي على ملاحقة أقطابه، خاصة راشد الغنوشي الزعيم التاريخي للجماعة في البلاد.
لكن على ما يبدو فاجأ انفضاض الشارع التونسي عنهم التنظيم الذي سيطر على مفاصل البلاد طوال العقد الماضي، من دون أن يقدم حلولا ناجعة للأزمات الاقتصادية أو تحسين شروط الحياة في البلاد، وفتح الباب أمام الإرهاب لفرض تصوراته الاجتماعية.
وفي محاولة لإشغال الساحة التونسية وربما الدولية أيضا، أصدرت الجماعة بيانا تنفي فيه صحة ما تردد عن وفاة زعيمها راشد الغنوشي في محبسه حيث يحاكم في جرائم فساد وإرهاب، لكن مراقبين ونشطاء تقصوا الأمر وقالوا إن الشائعة مصدرها أصلا صفحات مشبوهة محسوبة على الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقبع راشد الغنوشي في سجن المرناقية غربي العاصمة منذ 17 أبريل/نيسان الماضي، على خلفية قضايا فساد وإرهاب.
واستنكرت حركة النهضة الإخوانية "ترويج مثل هذه الإشاعات"، وأدانت من يقف وراءها.
وبالتقصي حول أصل الشائعات، تبين أن عددا من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الإخوانية التي تبث من الخارج ومن بينها صفحة "المارد التونسي" بثت أنباء حول تدهور صحة الغنوشي ووفاته في السجن.
وهذه الصفحات كان يديرها من تونس المحامي محمد علي عبّاس الذي يعمل لصالح شركة صناعة المحتوى "أنستالينغو" (شركة إخوانية) وتم اعتقاله في منتصف يوليو/ تموز الماضي، من قبل قوات الأمن التونسي.
وعقب القبض على عباس واصلت هذه الصفحات مسارها في "تشويه الحكومة التونسية"، على ما يقول مراقبون وساسة مؤيدون لمسار الرئيس التونسي قيس سعيد.
وتم اعتقال عباس، على خلفية "ثبوت تورطه في تزعم عصابة إجرامية خطيرة للتشويه والقذف والسب وهتك الأعراض والتطاول على الدولة واستهداف رموزها واستباحة أمنها القومي على صفحات تواصل اجتماعي مشبوهة تدار من الخارج".
ويتولى هذا المحامي الإشراف على إدارة أكثر من 30 صفحة على موقع "فيسبوك"، وأكثر من 8 مجموعات خاصة.
واعتبر نجيب الدزيري الناشط السياسي المقرب من قصر قرطاج في تصريحات إعلامية، أن "حركة النهضة هي التي أخرجت شائعة وفاة راشد الغنوشي ونفتها بعد ذلك لتذكير الرأي العام بأنه في السجن".
وأشار إلى أن ملف راشد الغنوشي شهد ركودا ولم يعد يتذكره أحد حتى في وسائل الإعلام، مضيفا أن النهضة تشتغل بصورة راشد الغنوشي وهو في السجن لتواصل ترويج خطاب المظلومية ولتثبت أن تراجع شعبيتها يعود إلى أن قيادتها في السجن.
ورقة دعائية
وقال الناشط السياسي التونسي سليم الخرايفي إن حركة النهضة هي من أصدرت شائعة وفاة الغنوشي ثم كذبتها من أجل لفت النظر إلى زعيم الإخوان.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن الغنوشي كان يعتقد أن أطرافا دولية سوف تضغط من أجل إطلاق سراحه لذلك تناور حركة النهضة من جديد من أجل إعادة القضية للواجهة.
وأكد أن "إطلاق شائعة وفاة الغنوشي هو محاولة من الإخوان لمعرفة مدى شعبية الغنوشي لدى التونسيين لكن في الحقيقة لم يهتم أي أحد للأمر.
وأشار إلى أن حركة النهضة فشلت سابقا في تجميع أنصارها للمطالبة بإطلاق سراح الغنوشي خاصة بعد انكشاف الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبها في حق البلاد، واكتفت الحركة ببعض البيانات لتسجيل موقفها.
وتابع: "لكن منذ تقلد العجمي الوريمي منصب الأمين العام لحركة النهضة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عمد إلى المناورة لإعادة الغنوشي والحركة إلى السجال الدائر في المجال العام".
ويواجه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية الذي تم توقيفه في 17 أبريل/نيسان الماضي، قضايا ثقيلة أبرزها الإرهاب والاغتيالات السياسية والجهاز السري للإخوان وتسفير الإرهابيين إلى بؤر الإرهاب والفساد المالي والتآمر على أمن الدولة والتخابر.
ويُحاكم الغنوشي طبقاً لأحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية التي تنص على أنه "يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي".
aXA6IDE4LjExOC4yMjYuMTY3IA== جزيرة ام اند امز