إضراب الغنوشي.. "مناورة التسييس" لاستباق كلمة القضاء التونسي
أمام حصار قضايا الإرهاب والفساد المالي، أعلن زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس الانضمام إلى "مناورة الإضراب" على ما يقول مراقبون.
ومن محبسه بسجن المرناقية غرب العاصمة التونسية يعتزم الغنوشي المشاركة في إضراب عن الطعام يبدأ اليوم الجمعة ويستمر 3 أيام بحسب ما أعلنت الحركة في بيان.
ويتحرك الغنوشي زاعما وفق بيان لحركة النهضة اليوم الجمعة، أن المعتقلين في قضايا التخابر والتآمر على أمن الدولة هم معتقلون سياسيون، ويطالب بإطلاق سراحهم ووقف المحاكمات.
وقضية التخابر واحدة من بين عدة قضايا يجري التحقيق مع الغنوشي بشأنها، في وقت تحشد فيه السلطات التونسية جهودها لمواجهة ملفات فساد عمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على مدار عقد.
وجماعة الإخوان التي تنتمي لها حركة النهضة التونسية، وضعت على قائمة التنظيمات الإرهابية في عدد من الأقطار العربية، ويطالب نواب وساسة في تونس بخطوة مماثلة في بلدهم.
ويأتي إضراب الغنوشي تضامنا مع عضو جبهة الخلاص الموالية للجماعة جوهر بن مبارك الذي دخل في إضراب عن الطعام منذ يوم الثلاثاء الماضي للمطالبة بإطلاق سراح السياسيين المسجونين في قضية التآمر على أمن الدولة.
والغنوشي وبن مبارك من بين قيادات جبهة الخلاص الإخوانية التي تقبع حاليا في السجون بتهمة التآمر على أمن الدولة التي كشفتها السلطات التونسية في منتصف فبراير/ شباط الماضي.
وكان مخطط الجبهة الانقلاب على شرعية الرئيس قيس سعيد وإزاحته من منصبه، ووضع السياسي التونسي الذي يقبع بدوره في السحن، خيام التركي في منصبه.
وفي تعليق على إعلان الغنوشي قالت وفاء الشاذلي الناشطة السياسية إن حركة النهضة متورطة في ملفات خطيرة أبرزها التآمر على أمن الدولة، وتسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب والجهاز السري للإخوان والاغتيالات السياسية.
وتساءلت في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "كيف يقولون إن ملفات القضية فارغة والجميع يعلم أن الأدلة دامغة؟".
وأشارت وفاء الشاذلي إلى أن "القضاء في تونس كان يسيطر عليه وزير العدل الأسبق والقيادي الإخواني نور الدين البحيري (حاليا في السجن في قضية التآمر على أمن الدولة) ورئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقا، الهادي القديري، وتورط معهما عدد من القضاة التونسيين ما عدا القضاة الشرفاء".
من جانبه، أعرب الصحبي الصديق المحلل السياسي عن اعتقاده بأن إخوان تونس "انتهوا ولم يتبق منهم شيء سوى مكر هذا الشيخ (الغنوشي) الذي يحاول يائسا استجداء التعاطف الدولي معولا على ابنه معاذ ومدى ارتباطاته بجماعة تنظيم الإخوان العالمي".
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن الإخوان دخلوا في حالة من الهيستيريا متناسين الكم الهائل من الجرائم التي اقترفوها طيلة فترة حكمهم.
وأشار إلى أن الإخوان انطلقوا في النبش في أوراقهم وحشد معاولهم أملا في ملاذ أخير ينقذهم من مقصلة المحاسبة بعد أن قضى الرئيس التونسي قيس سعيد على جميع آمالهم".
وأوضح أن "دخول بن مبارك في الإضراب عن الطعام، جاء قبل يومين فقط من اجتماع حقوقي لجماعة الإخوان تم في جنيف، بهدف خلق أزمة لتونس، وانضم إلى هذا الإضراب راشد الغنوشي اليوم كما سيشمل جميع المساجين في قضية التآمر على أمن الدولة".
وقد قال سمير ديلو اليوم الجمعة إن "جميع المساجين من السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة سيدخلون قريبا في إضراب عن الطعام ".
وأكد الصحبي الصديق أن توقيف العديد من قيادات الإخوان، وغيرهم يأتي بناء على قانون وضعته حركة النهضة عندما كانت في الحكم وهو قانون الإرهاب.
وأشار إلى أن الإخوان في تونس يحاولون تسييس القضية والترويج لذلك في الأوساط الخارجية، لكنهم تناسوا على ما يبدو موقف الرئيس سعيد من مسألة ضغط الخارج
ورفض الرئيس التونسي منذ أسبوعين استقبال وفد من البرلمان الأوروبي كان على أجندته التدخل في الشؤون الداخلية وطلب لقاء أعضاء جماعة الإخوان.
ومؤخرا، عبر قيس سعيد عن رفضه التام استقبال بلاده لوفود أجنبية وصفها "بتفقديات الاستعمار"، وشدد على أن بإمكان تونس إرسال "ممثلين عن المجتمع المدني لمراقبة حرية الصحافة والتعبير بهذه البلدان".
وقال في كلمة مصورة إن "على هذه الجهات أن تكف عن لعب دور الوصاية وإرسال موفديها للرقابة وكأننا مستعمرون".
وأضاف: "سنعاملهم بالمثل، ولن نقبل أن يتطاولوا على سيادتنا، لأننا نعمل في إطار الشفافية أكثر من هذه الدول التي نعرف جيدا محطات من تاريخها عندما احتلوا دولا أفريقية".
قضية التآمر
وكانت قوات الأمن التونسية قد أوقفت 86 شخصا بينهم سياسيون ورجال أعمال وإعلاميون ودبلوماسيون على خلفية ما قالت إنه مخطط للانقلاب على الشرعية الدستورية في البلاد.
وأشارت التحقيقات في القضية إلى تورط المتهمين بعلاقات مع استخبارات وجهات أجنبية للإطاحة بالحكم وإلغاء دستور 2022 والإبقاء على دستور الإخوان لسنة 2014 مع تعيين حكومة جديدة.
ويعود المخطط إلى لقاء بين قيادات إخوانية في منزل خيام التركي الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة عام 2019 رفقة رجل الأعمال المعروف بـ"رجل الدسائس" كمال اللطيف ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.
وقالت التحقيقات إنه مكالمات هاتفية بين قيادات المخطط رصدت مع عناصر في قصر قرطاج الرئاسي، وكان المخطط التحكم في المواد الغذائية بهدف رفع الأسعار وتحريك الشارع لإسقاط السلطة الحالية.