«الجهاز السري» يرعب إخوان تونس.. محاولات انبعاث من «دم بلعيد»
لم ينتظر إخوان تونس كثيرا عقب صدور أحكام قضائية بحق قتلة معارض سياسي حيث سارعوا بإصدار بيان حاول عبثا الترويج لبراءتهم من دماء تلطخهم.
حاولوا اللعب على الكلمات أملا باستدرار العطف الشعبي، وخرجوا بعباءة المظلومية، متناسين أن الأحكام الصادرة شملت المنفذين، فيما لا تزال المحاكمات مستمرة لتشمل المدبرين.
- إعدامات قضية بلعيد.. هل تفتح «النار» على إخوان تونس؟
- اغتيال شكري بلعيد.. حكم في تونس بإعدام 4 مدانين والسجن لاثنين آخرين
وفجر اليوم الأربعاء، وجه القضاء التونسي أحكاما لمجموعة متهمين أدينوا بتنفيذ اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، فيما ستعقد جلسات بالأيام المقبلة لمحاكمة المدبرين والمخططين.
وفي محاولة لإنقاذ نفسها، سارعت حركة «النهضة»، الإخوانية بتونس، بإصدار بيان في محاولة لتبرئة قيادييها.
وزعمت الحركة أن «أطرافا معادية ومغرضة أصرت على تلبيسها مسؤولية هذا الاغتيال السياسي وتلويث مسارها وصورتها بلون الدم واستغلال أي مناسبة لتكرار أسطوانة الاتهام بالباطل حتى يبقى الجرح نازفا والوصم راسخا».
وادعت أن ما توصل إليه القضاء في قضية بلعيد «دليل على براءة الحركة».
رماد على عيون الحقيقة
وفي تعقيب على بيان الحركة الإخوانية، قال المحامي محمد جمور، عضو هيئة الدفاع في قضية شكري بلعيد، إن «النهضة تحاول استبلاه الرأي العام، بالادعاء بأنه ليس هناك أي قيادي من الحركة مشمول في هذه القضية».
وأوضح جمور، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، أن «الحكم القضائي الذي صدر فجر الأربعاء يتعلق بمجموعة تنفيذ عملية الاغتيال والتي يتورط فيها تنظيم أنصار الشريعة المحظور، ولا يتعلق بجميع الأطراف التي خططت ومولت وتسترت فيما بعد».
وردا على ادعاءات الإخوان، قال إن «5 قياديين من الحركة مشمولين في قضية فتحي دمّق المتعلقة بملف الاغتيالات، وبالتالي فإنه من السابق لأوانه أن تتحدث حركة النهضة عن براءتها».
بدوره، اعتبر عبد المجيد بلعيد، شقيق شكري بلعيد، أن «البيان الصادر اليوم عن حركة النهضة بعد النطق بالحكم، يعتبر مغالطة للرأي العام».
وأضاف بلعيد، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «الحكم الصادر اليوم يتعلق بجهة (أطراف) التنفيذ»، مشيرا إلى أن «المجموعة المرتبطة بالجهاز السري للإخوان والتي لها علاقة بعلي العريض (قيادي إخواني) وراشد الغنوشي (زعيم إخوان تونس) لم تحاسب بعد".
وكشف أنه من المنتظر صدور أحكام أخرى بملف الجهاز السري «في قادم الأيام»، مؤكدا «تعافي القضاء التونسي من أيادي الإخوان».
معركة الحقيقة
من جانب آخر، قال زياد الأخضر، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب شكري بلعيد)، إن «معركة كشف الحقيقة في قضية اغتيال بلعيد لا تزال متواصلة، لاسيما مسار ملف الجهاز السري الذي له علاقة وثيقة بملف الاغتيال».
وأضاف الأخضر، لـ«العين الإخبارية»، أن «مسار كشف الحقيقة يتضمن عدة ملفات وهذا أحدها»، معتبرا أن هذا المسار يتواصل اليوم لمعرفة «من تولى التخطيط والتمويل واتخاذ قرار الاغتيال».
وبحسب الأخضر، فإن «قطب مكافحة الإرهاب (محكمة مختصة) تعمل على ملفات التخطيط والتمويل وتفكيك علاقتها بملف الاغتيالات لاسيما قضية اغتيال بلعيد»، مبينا أن »الأحكام الجديدة الصادرة تعد حلقة ومرحلة للمرور إلى مسارات متقدمة لكشف الحقيقة».
وأشار في هذا السياق إلى أن «المدعي العام السابق بشير العكرمي الذي كان يمسك ملف بلعيد، وجهت له تهم طمس الحقائق والتلاعب بالملف وهو حاليا موقوف».
الجهاز السري
من جهة أخرى، قال عبد الناصر العويني، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، إن «حركة النهضة هي من خططت للاغتيال حيث سبق أن تم توجيه الاتهام لقيادات من النهضة فيما يتعلق بالجهاز السري للنهضة».
وأوضح أن القيادات تشمل مصطفى خذر ورضا الباروني وقيادات أمنية، ومن بينها مدير عام المصالح المختصة (المخابرات) محرز الزواري، مشيرا إلى أن تم في يونيو/ حزيران 2023 إصدار مذكرة إيداع بالسجن بحق راشد الغنوشي في هذا الخصوص.
وتابع: «وبمراجعة تسجيلات صوتية لرجل الأعمال التونسي فتحي دمق التابع للنهضة مع علي الفرشيشي وبلحسن النقاش، وهما قياديان بالنهضة، تم التأكد بأن اسم شكري بلعيد كان محور التسجيلات، وجرى الحديث عن تصفيته، ورغم وجود تلك التسجيلات فإنه لم تتم معاينتها إلا عام 2022".
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2013، تم نشر حديث مصور على موقع "نواة" المحلي يدور بين كل من رجل الأعمال فتحي دمق صحبة شخصين، ومن بينهما بلحسن النقاش، وكانت المحادثة تدور حول مناقشة تفاصيل صفقة سلاح، تهدف إلى تنفيذ مجموعة من الاغتيالات وعمليات اختطاف.
وبحسب التسجيل، قام بلحسن النقاش بالاتفاق الأولي في صفقة الأسلحة مع رجل الأعمال فتحي دمق، وشارك في التخطيط لتصفية واختطاف وجوه من عالم المال والأعمال والسياسة والإعلام، ومن بينها شكري بلعيد الذين سموه في التسجيل «شكري أبوالشنب».
وأوضح العويني أن «الرواية الرسمية اتضحت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إذ قالت دائرة الاتهام بالمحكمة إن الوفاق كان سنة 2012 من أجل استهداف بلعيد بنفس الطريقة التي تحدث عنها فتحي دمق».
وأكد أنه «تم توجيه الاتهام إلى مستشار بوزير الداخلية في تلك الفترة، إضافة إلى كمال العيفي عضو بالنهضة وذلك بالمحاضر وبالشهادات».
ووفق عضو هيئة الدفاع، فإن «المشهد مكتمل الآن لدى القضاء، إذ تم أيضا توجيه الاتهام إلى القيادي بحركة النهضة والمشرف على الجهاز السري مصطفى خذر والإخواني وسام الشربيني، كما تم توجيه الاتهام إلى فتحي دمق بتهمة تمويل أنشطة لها علاقة بأنشطة إرهابية".
وتابع: «كما تم أيضا توجيه الاتهام إلى قاضي التحقيق والمدعي العام البشير العكرمي بتهمة التستر والتغطية على جرائم إرهابية».
aXA6IDMuMTQyLjIwMS45MyA=
جزيرة ام اند امز