"لوموند": إخوان تونس تناور بأكثر من مرشح لاختطاف الرئاسة
مصادر داخل حركة النهضة تكشف عن انقسامات حول ترشيح بديل لمورو حال خسارته.
حذرت صحيفة "لوموند" الفرنسية من لعبة حركة النهضة الإخوانية لاختطاف الرئاسة بتونس بالدفع بأكثر من مرشح لدعم من تراه مناسبا في حال تيقنت من خسارة مرشحها عبدالفتاح مورو، في الانتخابات المقررة منتصف سبتمبر/أيلول المقبل.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، الأربعاء، اختيار 26 متنافسا فقط على الرئاسة التونسية من بين 97 مرشحاً، وهو عدد أكبر بكثير من الانتخابات السابقة عام 2014، حيث كان عدد المرشحين 69 شخصا، وذلك لاختيار خليفة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الذي وافته المنية في 25 يوليو/تموز الماضي.
ووصفت الصحيفة الفرنسية هذه الانتخابات بـ"المحمومة بوعود حاسمة لترسيخ الديمقراطية في تونس".
ومن أبرز الوجوه المرشحة الذين تم قبول ملفاتهم وكانوا مستعدين منذ اليوم الأول لفتح باب الترشيح، رجل الأعمال نبيل قروي، الذي يخضع للتحقيق القضائي في اتهامات غسل أموال وفساد، وأيضاً المحامية الشعبوية عبير موسى أحد وجوه حزب التجمع الدستوري الديمقراطي "حزب الرئيس التونسي المعزول زين العابدين بن علي الذي تم حله بعد الثورة"، وفقاً للصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى مرشحين آخرين تقدموا بملفاتهم في اللحظات الأخيرة كرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، ومرشح حركة النهضة عبدالفتاح مورو، وبعض المرشحين المستقلين الآخرين غير النمطيين.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن هذه الانتخابات بمثابة اختبار لحركة "النهضة"، مشيرة إلى أن تنوع المرشحين يعكس الحيوية الديمقراطية في البلاد، ورغم ذلك فإن المشهد السياسي في تونس أكثر تعقيداً من الانتخابات الرئاسية لعام 2014.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في العلوم السياسية التونسي صاحبي خلفاوي قوله: "إن هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات السابقة عام 2014، ورغم تنوع المرشحين فإنهم هذا العام وهميون ليس لديهم ثقل سياسي وترشحهم غير جدي، على عكس الانتخابات الرئاسية التونسية السابقة التي شهدت شخصيات لها ثقل سياسي وتاريخ مثل الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي".
انقسامات داخل النهضة لتقديم مرشح
وأضاف خلفاوي أن في هذه المرة سابقة أولى من نوعها وهي أن تتقدم حركة النهضة بأحد زعمائها كمرشح، موضحاً أن حركة النهضة كانت تعد للمراهنة على ترشيح زعيمها راشد الغنوشي في الجدول الزمني الأول للانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ولكن وفاة السبسي وتقديم موعد الانتخابات أربك حساباتها، ما دفعها لعدم المغامرة به وترشيح مورو بدلاً منه، الأمر الذي يعد اختبارا حقيقيا لشعبية الحركة.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن أحد كوادر حركة النهضة، لم تسمه، قوله إن "المناقشة لاختيار مرشح ممثل للحركة لم تكن سهلة"، موضحا أن "معظم أعضاء الحركة كانوا يرجحون تقديم الدعم السري لمرشح بعيداً عن الحركة، ولكن تم الاتفاق على دعم مرشح من داخل الحركة ووقع الاختيار على عبدالفتاح مورو، الذي الذي لا يزال متمسكاً بالزي التقليدي التونسي، ورغم ذلك فإن فرص نجاحه لا تزال ضعيفة".
وأوضح القيادي البارز بالنهضة إنه من الواضح أن العديد من التونسيين ليسوا مستعدين لأن يكون رئيساً للبلاد نهضاوي (عضو بحركة النهضة)، مضيفاً أن هناك خوفاً يسيطر عليهم من اتجاهات الحزب لكونه متطرفا، وهو السبب نفسه الذي جعل الحركة ترفض تقديم مرشح في انتخابات عام 2014 خوفاً من الانقسامات حول الهوية.
وعادت الصحيفة الفرنسية قائلة إنه إذا رأت حركة النهضة أن مورو لن يحظى بشعبية كبيرة فستغير السيناريو، وتدعم مرشحا منافسا وهو النهضاوي السابق حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية السابق وعضو النهضة الذي يقدم نفسه مستقلا.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى مرشح آخر يثير الجدل بترشحه وهو رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي أعلن حزب "تحيا تونس" إصراره على ترشيحه، موضحة أنه سيواجه خطر منافسة مرشح ليبرالي أكثر قوة وهو مرشح الحزب الذي خرج منه "نداء تونس" الذي اختار الولاء للسبسي وأصبح في غضون أيام ظاهرة إعلامية وهو وزير الدفاع الحالي عبدالكريم الزبيدي.
الليبرالية في مواجهة التطرف
من جانبه، اعتبر خلفاوي أن هذه الانتخابات ستشهد انقسام الشارع التونسي ما وصفه بحرب الهوية "الليبراليون التقدميون في مواجهة المتطرفين"، وهي حرب أشد خطورة من البرامج والأفكار.
من جهتها، علّقت الناشطة السياسية زينب تركي على الحملة الانتخابية التونسية ووصفتها بـ"الصعبة".
وأوضحت أن الشعب التونسي بوفاة الرئيس السبسي انتقل من التطرف إلى الإجماع، لكونه كان رئيساً لجميع التونسيين، ولكن الجميع يخشى أن تعود تونس إلى التطرف مرة أخرى بعد خوض حركة النهضة الانتخابات ما سيعزز الانقسامات في المجتمع التونسي.