"النهضة إرهابية".. "رصاصة برلمانية" بقلب إخوان تونس
على الزناد، يضع برلمانيون تونسيون أصابعهم لإطلاق رصاصة بقلب الإخوان، عبر عريضة تطالب بحل حركة النهضة وتصنيفها إرهابية.
النهضة، الذراع السياسية للتنظيم دخل منذ فترة بموسم أفول ضمن مسار إصلاحي أطلقته تونس وأحال معظم قيادات التنظيم إلى المحاكم والسجون.
- الإخوان في يوليو.. إرهاب وسقوط وزيت على نار الفتن
- الإخوان وفاجعة حسن يوسف.. "الغباء السياسي" بدون معلم
وبدخول الحركة نطاق المحاسبة، لم يتبق من التنظيم سوى هيكل خارجي أو واجهة متهالكة يقودها منذر الونيسي، إثر سجن زعيمها راشد الغنوشي.
عريضة برلمانية
ولنسف التنظيم نهائيا بادرت مجموعة من النواب التونسيين بإصدار لائحة تم إيداعها مؤخرا بمكتب البرلمان، ليتمكن باقي النواب من التوقيع عليها، على أن تدرج للنقاش بعد تجميع أكبر عدد ممكن من الإمضاءات.
ويدرس مجلس النواب الذي تحرر من الإخوان لائحة سياسية لتصنيف حركة النهضة تنظيما إرهابيا وحل الحركة، باعتبار أن تفكيك منظومة الخراب أحد شروط البناء.
وكشفت البرلمانية فاطمة المسدي، معارضة شرسة للإخوان وسبق أن تقدمت بشكوى ضد التنظيم في ملف تسفير الشباب لبؤر التوتر، أنها عرضت لائحة سياسية على مختلف النواب لحل حركة النهضة وتصنيفها تنظيما إرهابيا، معتبرة أنها تجاوزت القانون التونسي.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قالت المسدي إنه سيتم إحالة اللائحة على الجلسة العامة لمناقشتها بعد جمع إمضاءات ثلث النواب على الأقل.
ودعت الحكومة إلى تطبيق القانون على حركة النهضة، مؤكدة أن "التقدم بمثل هذه المبادرات من حقنا كنواب شعب".
وأشارت إلى أن هذه المبادرة تأتي في الذكرى العاشرة لاغتيال السياسي محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز 2013.
وبحسب النائبة، فإن "النهضة حركة إرهابية بامتياز ويجب تصنيفها رسميا بهذا الشكل"، موضحة أنها "الوحيدة التي تم غلق جميع مقارها وسجن قياداتها لأنها متورطة في ملفات إجرامية وإرهابية".
بنود اللائحة
وتضمنت اللائحة تأكيد ضرورة محاسبة كل من أجرم بحق الشعب التونسي طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على تحقيق المفهوم الصحيح للسيادة باسترجاع المؤسسات الوطنية من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة.
ودعت اللائحة المؤسسات الوطنية وبينها البرلمان إلى الانخراط في هذا التوجه.
كما أكدت أنه على الصعيد البشري، تضم النهضة في قياداتها العليا والمتوسطة أشخاصا تلاحقهم تهم بتلقي أموال مشبوهة من جهات خارجية وارتباطات بالجهاز السري للحركة، المتورط في الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب لبؤر التوتر وتورطها في جرائم إرهابية.
لماذا؟
ويخضع عدد من قادة النهضة لتحقيقات في قضايا على صلة بالإرهاب وأخرى تتعلق بممارسات فاسدة خلال سيطرة الحركة على السلطة خلال العقد الماضي.
كما تم سجن قيادات بارزة من الإخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري والسيد الفرجاني ومحمد بن سالم والحبيب اللوز، في قضايا إرهابية وغسل أموال.
أيضا، تلاحق قيادات حركة النهضة تهم التمويل الأجنبي، حيث فتح القضاء التونسي، في مارس/آذار 2022، تحقيقا بقضية "اللوبينغ"، وهي القضية التي لا يزال التحقيق فيها مستمرا.
وعقود لوبينغ (مجموعات ضغط) أبرمتها الحركة مع شركات أجنبية، للقيام بحملات لصالحها، بغرض تحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام، اعتماداً على ما كشف عنه التقرير الختامي لدائرة المحاسبات حول نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية المبكرة والانتخابات التشريعية عام 2019.
وتعاقدت حركة النهضة عام 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدة 4 سنوات، بمبلغ مالي قدره 285 ألف دولار.
وتم تجديد هذا العقد، ليمتد من 16 يوليو/تموز 2019 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة شبهة تمويل أجنبي وفق ما ينص عليه الفصل 163 من القانون الانتخابي.
وفي أبريل/نيسان الماضي، حظرت السلطات التونسية الاجتماعات في جميع مكاتب حزب النهضة، وأغلقت الشرطة مقر جبهة الخلاص الموالية للإخوان، إثر اعتقال راشد الغنوشي بتهمة التآمر على أمن الدولة.
وفي تعليق من الرئيس التونسي قيس سعيّد على قرار السلطات القضائية، قال إنه "لا أحد فوق القانون"، وأكد أنّه لن يتراجع عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد البلاد.
نهاية
ويرى عبدالمجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي التونسي أن "حركة النهضة الإخوانية انتهت منذ ليلة 25 يوليو/تموز 2021 عندما أعلن الرئيس قيس سعيد إجراءاته الاستثنائية بكل شجاعة وقام بحل البرلمان وركن الإخوان في الزاوية".
ويقول العدواني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الإخوان سعوا إلى العودة للحكم عن طريق محاولات يائسة بدعوات للتدخل الأجنبي في السيادة التونسية ثم حاولوا تنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات اقتداء باعتصام رابعة في مصر، لكن لم يشارك فيها سوى أفراد قليلون وفشلت جميع مخططاتهم".
وأضاف: "كما حاول التنظيم تأجيج الأوضاع الاجتماعية في البلاد وإثارة الفتنة والفوضى، لكن كل ذلك فشل وتم الزج بأبرز قياديها في السجون لجرائم ارتكبوها في حق الشعب التونسي".
وأكد أن خطوة توقيف الغنوشي بحد ذاتها أربكت الحركة أيضا ومست المكانة الرمزية والاعتبارية للغنوشي الذي يقود الجماعة منذ ما يزيد على 50 عاما.
ووفق الخبير، فإن الحركة مرتبطة سياسيا وماليا بشخص الغنوشي وبالدائرة الضيقة المحيطة به، ما أدى إلى الموت الحتمي لهذا الحزب، باعتبار أن الغنوشي هو رأس الجماعة وحلقة الوصل مع التنظيم الدولي للإخوان.
واعتبر أن "حل حركة النهضة وتصنيفها إرهابية يشكل أشجع موقف قام به نواب البرلمان لأن الإثباتات القانونية تدين هذا التنظيم الإرهابي".
وأشار إلى أن النهضة مارست سلسلة من الجرائم بحق التونسيين تستوجب المحاسبة العاجلة، في إطار خريطة الطريق السياسية للبلاد والتي تستهدف بالأساس مكافحة الفساد والفاسدين وإصلاح المنظومة السياسية والهيكلية في الدولة.
رقصة الديك المذبوح
وخوفا من حل الحركة، بدا رئيسها منذر الونيسي، خليفة الغنوشي، مرتبكا حيث لم يجد أي رد على هذه اللائحة الذي ستنسف كل آمال وطموحات التنظيم.
وعلق الونيسي على اللائحة التي تقدمت بها فاطمة المسدي للمطالبة بحل حركة النهضة وتصنيفها إرهابية، قائلا "إذا نحن إرهابيون فهي أيضا إرهابية".
ودعا الونيسي فاطمة المسدي إلى "الاهتمام بمشاكل مواطني الدائرة التي ترشحت عنها في الانتخابات التشريعية الأخيرة عوض السعي إلى حل حركة النهضة".
تصريحات رأى مراقبون أنها تستبطن ارتباكا واضحا وعجزا عن تقديم أي حجج تفند ما قدمه البرلمانيون أو ما توصل إليه القضاء حتى الآن، في إطار تحقيقات مستمرة حول سجل التنظيم الأسود في الإرهاب.