مؤتمر "إخوان تونس". رقصة "ديك مذبوح" يهرب من مصيره
تلاحقهم لائحة تصنيف "حركة إرهابية"، وسط شتات قياداتهم، التي أضحت تستجدي نسيان الماضي، يحاول "إخوان تونس" العودة للمشهد عبر مؤتمر ينعقد شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وتحاول حركة النهضة الإخوانية يائسة العودة للمشهد السياسي التونسي رغم غلق مقارها الحزبية ومنع اجتماعاتها وسجن زعيمها راشد الغنوشي، وقيادييها البارزين، بعقد مؤتمر حزبها الحادي عشر أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل لاختيار قيادة جديدة للحزب.
هذه الحركة التي تواجه منذ أسبوع أزمة جديدة، إثر إصدار نواب البرلمان الجديد لائحة سياسية لتصنيفها حركة إرهابية، في خطوة أولى تمهيدا لتصفية الإخوان من تونس نهائيا.
وبعد أشهر من إيداع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة السجن في أبريل/ نيسان الماضي، بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي، تواصلت عزلة الحركة الإخوانية المتهمة بالضلوع في الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس عام 2013 .
وتسعى الحركة من جديد عبر تحركها الحالي لإعادة التموقع السياسي؛ عبر استجداء مكشوف، فها هو رئيس الحركة منذر الونيسي يدعو الرئيس التونسي قيس سعيد لـ"الحوار ونسيان الماضي خدمة لمصلحة البلاد"؛ ما جعل بقية قيادات الإخوان تبدي انزعاجها من هذا الموقف، حتى قدم محمد قوماني عضو مجلس الشورى استقالته من الحركة.
وعد مكذوب
وهكذا متناسية اللائحة التي ستنصفها حزبا إرهابيا، أعلنت حركة النهضة الخميس الماضي عن تنظيم مؤتمرها، بعد شهرين من الآن، وهو وعد لعناصرها قد لا يتحقق وسط العديد من المشاكل، خاصة أن هذا الحزب يرقص رقصة الديك المذبوح الأخيرة، بعد أن أصبح دون وزن سياسي.
ومنذ سجن الرؤوس الكبيرة للتنظيم على غرار راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري والسيد الفرجاني، ومحمد بن سالم والحبيب اللوز، لم تعد لهذه الحركة تلك المكانة التي كانت تتمتع بها خاصة مع لفظها شعبيا في تونس.
ويقود الحركة حاليا المنذر الونيسي والذي يعد من قيادات الصف الثاني، وقد فشل في لم شمل ما تبقى من جماعة الإخوان في البلاد كما فشل في مخططاته لتأجيج الأوضاع في تونس، بعد أن تفطن الشعب الواعي لسياساته.
فبعد يوم واحد من الإعلان عن هذا المؤتمر، سارع القيادي الإخواني وصاحب الفضائية التلفزيونية الإخوانية "قناة الزيتونة"، أسامة بن سالم إلى تقديم استقالته يوم السبت، من رئاسة لجنة التنظيم للمؤتمر الحادي عشر لحركة النهضة ليؤكد عدم جدية ما تبقى من هذا الحزب.
قائد الظل
منذر الونيسي يعد من القيادات التي عاشت كثيرا في الظل، ولم تمنح لها فرصة البروز في وجود قيادات أخرى تاريخية.
انتمى إلى الإخوان عام 1984، وظل ينشط داخل الجماعة الإرهابية، ثم تم انتخابه عضواً بمجلس شورى حركة النهضة، خلال المؤتمر العام العاشر الذي تم تنظيمه عام 2016.
وتقلّد الونيسي عضوية المكتب التنفيذي للحركة في 2021-2022، وتم تعيينه في منصب نائب رئيس حركة النهضة منذ أغسطس/ آب 2021.
وسبق لمنذر الونيسي أن تقلد منصب مستشار وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي بين عامي 2012 و2013، في حكومة حمادي الجبالي، وهي أول حكومة تشكلها النهضة بعد انتخابات 2011 عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وتفيد معطيات مؤكدة أن الونيسي سيترشح لرئاسة الحركة من خلال المؤتمر الـ11 للحزب.
ويخلف الونيسي راشد الغنوشي الذي يواجه 9 قضايا بتهم تصل عقوباتها إلى الإعدام، على غرار قضايا: "التآمر على أمن الدولة"، و"التسفير إلى بؤر التوتر" و"الجهاز السري لحركة النهضة"، إضافة إلى قضية التخابر المعروفة إعلاميا بـ"أنستالينغو".
حل حركة النهضة
ويرى نجيب البرهومي المحلل السياسي التونسي أن مؤتمر حركة النهضة -الذي تأخر لسنتين ولأول مرة- سيعقد دون حضور زعيمه التاريخي راشد الغنوشي، الذي يعيش نهايته السياسية بعد 4 عقود من قيادة الحركة .
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مصير حركة النهضة هو الزوال والاندثار لأنها ليست حزبا سياسيا، بل تنظيما إخوانيا دمر البلاد وزرع الفتنة والإرهاب"، داعياً إلى "حل حركة النهضة بموجب القانون ومحاسبة كل من أجرم في حق البلاد".
قرار انعقاد هذا المؤتمر بحسب البرهومي "يعني طي صفحة راشد الغنوشي نهائيا من الحزب، وخيار عقد المؤتمر هو استفزاز للنظام، وقد يقود إلى تصعيد أو تصادم يصل لحل هذه الحركة حتى قبل استكمال لائحة تصنفيها حركة إرهابية".
وتساءل: "في صورة تنظيم هذا المؤتمر كيف سيكون شكله بعد أن تم حظر جميع اجتماعات هذا الحزب ونشاطاته بأمر من وزارة الداخلية"، متوقعا أنه "من غير الممكن أن يعقد هذا المؤتمر".
وأشار إلى أن "هذا التنظيم لم يتبق من قياداته سوى القليل، ممن لا وزن لهم؛ خاصة في انعدام التمويلات التي كان عن طريقها يستطيع العمل ،وذلك بعد سجن الغنوشي الذي كان مصدر تلك التمويلات".
من جهة أخرى، يرى حسن التميمي المحلل السياسي التونسي أن تحديد موعد المؤتمر لقي معارضة من جماعة من شق راشد الغنوشي، يطالبون باستمرار التأجيل إلى حين خروج "الزعيم"، لكن العناصر الشابة، أصروا على تحديد موعد المؤتمر لتغيير القيادة.
ونوه في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن "هذه العناصر وعلى رأسها منذر الونيسي تريد استغلال فرصة غياب الغنوشي ومساعديه لانتخاب قيادة جديدة، وهو أمر ما كان ليتم في وجودهم، نظرا لتشبث الغنوشي بالقيادة وهو ما دفع لاستقالة أكثر من مائة إخواني إثر إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021".
وخلُص التميمي إلى أن "حركة النهضة انتهت كتنظيم وكيان سياسي، لكن من الوارد أن يوجد من يستغل فرصة وجود راشد الغنوشي والقيادات التاريخية للنهضة في السجن لوضع يده على ما تبقى من التنظيم".
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز