يد الإخوان "الماكرة" تعمق خلاف قرطاج - القصبة
مصادر كشفت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المشيشي حذر أعضاء حكومته من مغبة الالتقاء بقيس سعيد، من دون إذن مسبق
كشفت مصادر حكومية مطلعة أن رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي دعا أعضاء حكومته إلى ضرورة التنسيق معه في كل الملفات قبل التواصل مع رئيس البلاد قيس سعيد
وبينت المصادر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المشيشي حذر وزراءه من مغبة الالتقاء بقيس سعيد، من دون إذن مسبق منه.
ولا تبدو العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس في أفضل حالاتها، حيث اإن دخان المعركة بدأ يتصاعد بين "القصبة"، و"قرطاج" بصورة جلية للعيان.
ولم يتجاوز المشيشي الشهر الأول منذ حصوله على ثقة البرلمان لخلافة إلياس الفخفاخ الذي قدم استقالته يوليو/تموز الماضي.
ويرى متابعون أن سيناريو العلاقة المتوترة التي جمعت سابقا الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بيوسف الشاهد تعيد نفسها اليوم بين هشام المشيشي وقيس سعيد.
وقد يكون لهذا الصراع المفتوح بين رأسي السلطة التنفيذية تداعيات خطيرة على بنية الحكم، الغارقة، حسب العديد من المتابعين، في أزمات اقتصادية واجتماعية منذ سنة 2011.
الإخوان.. رأس الفتنة
"وراء كل أزمة تونسية هناك شيطان اخواني يقف وراءها".. هكذا يصف محللون دور حركة النهضة منذ تواجدها في المشهد التونسي، فهي التي تختزل كل أسباب الخراب الذي يهز منظومة الحكم التونسية، حسب تأكيدات المعارضة البرلمانية.
وتحاول حركة النهضة زرع بذور الفتنة بين سعيد والمشيشي منذ اليوم الأول لنيل الثقة، حيث يحاول الحزب الإخواني ابتزاز الحكومة ومقايضتها.
وتفيد مصادر مطلعة بأن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي هدد المشيشي بإسقاط كل القوانين المطروحة في البرلمان ما لم يقطع علاقته بقيس سعيد.
وبينت ذات المصادر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة طلبت من المشيشي تغيير وزيري الداخلية توفيق شرف الدين، والعدل محمد بوستة، المحسوبين على سعيد.
هذه "الشروط " الإخوانية دفعت المشيشي إلى إعادة حساباته السياسية، ورسم تحالفات جديدة لضمان استمرار موقعه في رئاسة الحكومة.
ويحتاج المشيشي إلى أغلبية 109 أصوات لتمرير قانون الموازنة العامة للدولة لسنة 2021 ، كما أن حكومته تحتاج إلى هذه الأغلبية للمصادقة على قرارات الحكومة.
ويرى الصادق بواب، الباحث في علم الاجتماع السياسي، أن حركة النهضة الإخوانية تسللت بين المشيشي وقيس سعيد لتعميق القطيعة بينهما.
وأضاف، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الثلاثي الذي يجمع "النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة" يبحث عن موطئ قدم داخل الحكومة من أجل التأثير في القرار، وطمس الحقائق الأمنية التي تدين الإخوان، والتغطية على ملفات الفساد التي تلاحق رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي.
وتابع قائلا: "هذا الثلاثي يريد الاستثمار في القطيعة الحاصلة بين المشيشي وسعيد لخدمة أجنداته الخاصة فقط".
هل يدفع سعيد المشيشي للاستقالة؟
ويرى أكثر من مراقب تونسي أن قيس سعيد لن يسمح لحركة النهضة وحلفائها بالتغلغل من جديد في أروقة قصر الحكومة "القصبة"، وأن خطة ما تطبخ على نار هادئة ستدفع بهشام المشيشي إلى الاستقالة.
وتعتبر الناشطة السياسية منى الفرشيشي أنه دون دعم من قيس سعيد لا يمكن للمشيشي أن يكتسب وزنًا سياسيًا، خاصة أمام محاولات الأحزاب البرلمانية توظيفه لمصالحهم الضيقة.
وتتوقع الناشطة أطوارا جديدة من الصراع بين الرجلين قد يصل حد إقالة المشيشي من منصبه قبل نهاية 2020.
ووصفت هذه المرحلة، التي تعيشها تونس، بالوضعية العبثية التي يغيب فيها منطق الدولة وتتحول فيها المؤسسات إلى مجال فقط للصراع المفتوح.
ومهما كانت نتائج الصراع بين رئاسة الجمهورية والحكومة في تونس، فإن انعكاساتها ستكون خطيرة، حسب كل المراقبين، على الواقع الاقتصادي المنهار والذي تعمق أزمته الأعداد المتزايدة لوفيات وباء كورونا.