كنز تونس يحترق بنار الاحتجاجات.. رائحة فساد الإخوان تفوح
توقف إنتاج الفوسفات في تونس بشكل كامل مع تنامي احتجاجات العاطلين، نتيجة تداعيات فساد الإخوان، الذي وضع الحكومة التونسية في مأزق كبير.
وقال مسؤولون وشهود لرويترز، الأربعاء، إن محتجين يطالبون بفرص عمل أوقفوا إنتاج الفوسفات بشكل كامل في تونس.
ويزيد هذا التصعيد الضغوط على حكومة هشام المشيشي التي تواجه فعلا موجة احتجاجات في عدة مناطق من البلاد للمطالبة بالتشغيل وإيقاف التهميش بعد عقد من اندلاع الثورة التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
تصاعد الاحتجاجات
وعدلت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الإثنين، نظرتها لتونس إلى سلبية من مستقرة سابقا، نتيجة تراكم فساد الإخوان، وصدمة جائحة فيروس كورونا.
وفي قفصة جنوب البلاد اقتحم عشرات الشبان في وقت سابق مقر الولاية مطالبين بوظائف.
كما نفذت ولاية باجة شمال البلاد إضرابا عاما وأغلقت المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة للمطالبة بالتنمية.
ويحتج منذ أيام مئات الشبان الغاضبين ايضا في القصرين والصخيرة وقابس ضد تفشي البطالة والفقر ويطالبون بحقهم في الشغل والمشاريع التنموية.
وتسبب فساد التيار الإخواني المتمثل في حركة النهضة وائتلاف الكرامة، في انقسام المشهد السياسي، وقيام الشباب التونسي بتنظيم العديد من الاحتجاجات الشعبية في عدد من المحافظات للمطالبة بتوفير فرص عمل.
وتعهدت الحكومة، التي تواجه أسوأ ازمة مالية واقتصادية في تاريخ البلاد في ظل عجز بالميزانية سيصل الى 11.4 % هذا العام، بالاستجابة لمطالب الجهات الفقيرة داخل البلاد.
استيراد الفوسفات
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، تحولت تونس من مصدر عالمي للفوسفات إلى مستورد لأول مرة في تاريخها.
وتعاني شركة "فوسفات قفصة" منذ سنة 2011 من تراجع لافت في حجم إنتاجها من الفوسفات التجاري، بعدما كانت تحتل المراتب الأولى عالمياً على مستوى إنتاج الفوسفات الذي يعد أحد أهم مصادر دخل الدولة التونسية من النقد الأجنبي.
وكانت شركة فوسفات قفصة التونسية تنتج 8.2 مليون طن سنويا عام 2010، لكنها أصبحت تنتج في السنوات الأخيرة أقل من 3 ملايين طن سنوياً.
وشهد إنتاج الفوسفات في السنوات الأخيرة تراجعا حادا بسبب الإضرابات والاعتصامات المتكررة في شركة فوسفات قفصة "الشركة المنتجة للفوسفات" ما تسبب في عجز نسق الإنتاج.
وجاءت حصيلة إنتاج شهر يوليو/تموز الماضي هي الأسوأ منذ بداية السنة الجارية، إذ إن كمية الفوسفات التجاري التي أنتجتها الشركة الحكومية لم تتجاوز حدود 120 ألف طن، مقابل توقعات أولية بتحقيق 480 ألف طن.
كما تحولت شركة "فوسفات قفصة" من ممول لميزانية تونس إلى عبء ثقيل على كاهل الدولة، حيث كانت تسهم سنويا بمليار دينار لكنها أصبحت تسجل خسائر مادية تقدر بـ10 مليارات دينار بسبب كثرة الاحتجاجات.
انهيار اقتصادي غير مسبوق
وفي 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن البنك المركزي التونسي عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بشكل غير مسبوق منذ عام 1962.
وقال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، إن الوضع الاقتصادي يعد الأكثر تدهورا منذ 58 عاماً، بسبب تداعيات وباء كورونا، مع تسجيل تراجع في الناتج المحلي الإجمالي هو الأول من نوعه منذ عام 1962.
وأدى ذلك، بحسب الأرقام التي قدمها العباسي إلى تراجع الاستثمار بنسبة 13% والادخار بنسبة 6% في 2020، وزيادة كبيرة في نسبة الدين.
وأكد المحافظ التوقعات السابقة للحكومة بتسجيل انكماش للاقتصاد ما بين 7 و8% في 2020.
ويواجه الاقتصاد ضربة مزدوجة بسبب تراجع عائدات قطاع السياحة بنسبة تقارب 60% مقارنة بعام 2019 وتراجع كبير في إنتاج زيت الزيتون الحيوي من 350 ألف طن إلى 140 ألف طن بجانب تعطل الإنتاج الطاقة بسبب الاحتجاجات الاجتماعية جنوب البلاد.
وتعيش تونس حالة من الإغلاق والحظر منذ أكتوبر/تشرين الثاني، مع تزايد الإصابات بفيروس كورونا، ما تسبب في غلق نصف المقاهي والمطاعم المتواجدة بالعاصمة حسب تصريحات مصادر نقابية لـ"العين الإخبارية".
وتسببت أزمة كورونا في خسارة 300 ألف عامل لوظائفهم في قطاعة السياحة، وإغلاق العديد من الفنادق والمنشآت السياحية.