عيد الأضحى في تونس.. تقاليد متوارثة ونكهات تُعبّر عن الهوية

تُحافظ العائلات التونسية على طقوسها الخاصة في الاحتفال بعيد الأضحى، وسط أجواء تجمع بين الروحانية وعبق الموروث الشعبي.
وتختلف مظاهر الاحتفال من محافظة إلى أخرى، لكنها تتقاطع في جوهرها عند رمزية "العلوش" – كما يُطلق على الأضحية محليًا – وما يرافقها من طقوس وعادات راسخة تعود إلى عقود طويلة.
ويستقبل التونسيون الأضحية بمراسم تقليدية، تبدأ بتبخيرها وتزيينها بالشرائط الملوّنة وسط تبريكات الأهل والجيران، في مشهد احتفالي ينبض بالحياة.
وبعيد إتمام الذبح، تنطلق النساء في تجهيز "الدوّارة"، وهو مصطلح محلي يُطلق على أحشاء الخروف التي تُستخدم لتحضير أكلة "العصبان" الشهيرة.
تُعدّ هذه الأكلة من أطباق العيد الأساسية، حيث تُنظّف المعدة والأمعاء بدقّة، وتُملأ بخليط من الخضر الورقية، واللحم والكبد، والتوابل، مع الأرز، قبل أن تُلفّ وتُطهى بطرق تقليدية.
ومن أبرز أطباق يوم العيد أيضًا طبق "القلاية"، الذي يجمع بين قطع من لحم الخروف وكبده وقلبه وكليته، تُقطّع إلى مكعبات صغيرة، وتُتبّل بالفلفل الأسود والملح والزعفران، مع لمسة من ماء الزهر والزيت، وتُطهى على نار هادئة.
كما لا تغيب أطباق المشوي عن الموائد التونسية، حيث يُعدّ الفحم فور الذبح لتحضير اللحم المشوي في أول أيام العيد، فيما تُخصّص الأيام التالية لتحضير أطباق أخرى مثل "المرقة الحلوة" المكوّنة من اللحم والزبيب والمكسرات، و"المروزية"، و"البازين بالقلاية" المصنوع من عصيدة القمح واللحم المطبوخ في الزيت.
ولا تكتمل وجبة العيد دون "السلاطة المشوية"، وهي طبق رئيسي يُعدّ من الطماطم والفلفل المشويين على الفحم، ويُقدّم مع خبز "الطابونة" التقليدي.
أما في مدينة سوسة الساحلية، فتتفرد الأسر بتحضير "المجامع"، وهو نوع من الخبز التقليدي الكبير يُزيَّن ببيضة في وسطه ويُقدّم بطريقة فنية تختلف من بيت إلى آخر.
ومن العادات الراسخة أيضًا أن يُهدي الخطيب لخطيبته كتف الأضحية مرفوقًا بما يُعرف بـ"الموسم" أو "التفقيدة"، وهي هدية العيد التي تعبّر عن المحبة والتقدير.
وفي ظل هذه الأجواء، تشهد تونس خلال العيد نشاطًا لافتًا للأعمال الخيرية، حيث تتكفّل جمعيات وأفراد بجمع التبرعات لتمكين العائلات المعوزة من شراء الأضاحي، في مبادرة تُجسّد روح التضامن وتنشر البهجة في مختلف البيوت.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTc1IA== جزيرة ام اند امز