توتر علاقة حزب الشاهد والإخوان.. خدعة انتخابية أم حقيقة؟
الإخوان يرفضون المصادقة في البرلمان على خطة حكومية تقضي بإصدار سندات بمبلغ يعادل 800 مليون دولار لسد عجز موازنة 2019.
توتر مفاجئ في العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وحزب تحيا تونس (حزب يوسف الشاهد) خلال هذه الأيام على إثر رفض الإخوان المصادقة في البرلمان على خطة حكومية تقضي بإصدار سندات بمبلغ يعادل 800 مليون دولار لسد عجز موازنة 2019.
وقد أعاد سليم بسباس النائب في البرلمان عن حركة النهضة أسباب هذا الرفض إلى وجود "أخطاء اتصالية" للفريق المقرب من يوسف الشاهد، مما يشير إلى بداية بروز مسار التصدع في الأفق بين حلفاء الحكم في تونس.
هذه الأخطاء التي لم يوضحها بالشكل اللازم القيادي الإخواني تتمثل في تعبير بعض وجوه حزب "تحيا تونس" عن نيتها وضع نقطة النهاية للتحالف مع حركة النهضة الإخوانية.
ويرى جزء من فريق الشاهد أن التحالف مع حركة النهضة أصبح "عبئا" سياسيا سيجعله يخسر قاعدته الانتخابية ذات التوجه "الحداثي"، في حين يرى جزء آخر أن الموعد الانتخابي الذي سيقام في 6 أكتوبر/تشرين الأول يفرض القطيعة "البراجماتية" مع الإخوان لجعل حزب "تحيا تونس" أكثر جاذبية للأصوات الرافضة لحركة النهضة.
وبين الغايات الانتخابية لهذه القطيعة وحتمية التباعد الذي تفرضه طبيعة المرحلة يعتقد عدد من المراقبين أن رسومات الخارطة الانتخابية في تونس ستعرف تحولات كبرى في الأشهر المقبلة باقتراب الاستحقاق الرئاسي والتشريعي.
تحيا تونس.. والخطيئة الكبرى
يرى الكاتب التونسي محمد بوعود في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن حركة "تحيا تونس" تعي أن مواصلة التحالف مع حركة النهضة سيفقدها الوزن الشعبي في الموعد الانتخابي المقبل، خاصة في ظل الغضب الجماهيري على أداء الشاهد الحكومي وعدم قدرة حكومته على تحقيق النتائج المرجوة في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف أن فرضية التحالف مع الإخوان في الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة الخطيئة الكبرى لحزب تحيا تونس، والتي بإمكانها إنهاء مسيرته مبكرا من الساحة السياسية في تونس.
وقد أعلن الحزب في مؤتمره التأسيسي يوم 1 مايو/أيار عن مرجعيته الفكرية، حيث أكد أمينه العام، سليم العزابي، أنه سليل الفكر البورقيبي الحداثي المعارض للتيارات المتطرفة.
هذا الطرح الذي يبدو أنه زاد مسافة الهوة بين الطرفين وخلق حالة من الامتعاض في صفوف الإخوان من تصريحات رفقاء الشاهد.
وأفادت القيادية بالحزب والنائبة بالبرلمان التونسي ليلى الحمروني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن "حزب تحيا تونس يختلف في منهجه وتصوراته للدولة والمجتمع مع حركة النهضة"، مشيرة إلى أن اللقاء بينهما أملته ضرورة الحكم فقط.
وأشارت إلى أن التونسيين يترقبون تجميع العائلة السياسية ذات التوجه الوسطي الحداثي من أجل مجابهة خطر الإرهاب وانتشار التطرف.
خلافات تفرضها حصيلة الحكم
في المقابل، يؤكد بلال الشابي أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة التونسية في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذا التلويح بالقطيعة بين الشاهد والإخوان هو مجرد "خدعة سياسية لتشتيت الرأي العام التونسي عن حصيلة الحكم".
ويواجه هذا التحالف الحكومي منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018 حراكا اجتماعيا قويا انطلق بإضراب عام قاده اتحاد الشغل في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 و17 يناير/كانون الثاني 2019، مع تحركات متواصلة لعديد القطاعات المهنية مثل قطاع التعليم الثانوي الذي خاض إضرابا بثلاثة أشهر بداية سنة 2019 وقطاع المواصلات.
وأشار إلى أن "حزب تحيا تونس يريد الذهاب إلى الانتخابات المقبلة وهو في حل من كل ارتباط مع التيارات المتطرفة، من أجل كسب ود الشرائح العلمانية، ومن أجل القول بأن الفشل في إدارة الحكم تتحمله حركة النهضة وحدها، مؤكدا في هذا الصدد بأن كلا الفريقين (الشاهد والإخوان) يتحملون مسؤولية جسيمة في تدهور المؤشرات الاقتصادية.
وفي المقابل يؤكد عدد من الملاحظين وجود ضغوطات داخل حزب تحيا تونس يقودها عدد من الشخصيات للقطع النهائي مع حركة النهضة.
وأوضح الشابي أن هذه الضغوطات تقودها الشخصيات ذات التوجه النقابي على غرار النائب بالبرلمان مصطفى بن أحمد والصحبي بن فرج.
وقد قال مصطفى بن أحمد وهو نقابي سابق في اتحاد الشغل في تصريحات إعلامية أن حزب "تحيا تونس" لا يلتقي مع حركة النهضة، لا على مستوى المنهج ولا على مستوى البرامج والرؤية للدولة.
هذه التصريحات وغيرها تجعل من المشهد التونسي مفتوحا على كل التوقعات والاحتمالات الممكنة، حيث يرى كل المراقبين أنه سيكون صيفا سياسيا ساخنا قبل أن تحدد ملامحه الانتخابات المقبلة في خريف 2019.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTAuMTUwIA==
جزيرة ام اند امز