أسبوع تونس.. محاكمة بورقيبة ودعم أوروبي وتحركات فاشلة لإنقاذ "النهضة"
راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، يقوم بزيارات دولية فاشلة لإنقاذها من الحصار الإقليمي والدولي المفروض على تنظيم الإخوان الإرهابي
شهدت تونس، الأسبوع الماضي، أحداثا سياسية بارزة بينها بدء محاكمة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في اتهامات بتصفية خصمه، وكذلك إعلان حركة النهضة الإخوانية عن زيارات لرئيسها راشد الغنوشي في محاولة لتخفيف الحصار الإقليمي والدولي على الجماعة الإرهابية.
كما زار وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، بروكسل، لحضور أعمال الاجتماع الخامس عشر لمجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
- تونسية تصرخ في وجه الغنوشي: جئتم للحكم حفاة والآن تملكون المليارات
- قبيل الانتخابات.. معارضة تونس تخشى شراء "النهضة" الأصوات بأموال مشبوهة
محاكمة بورقيبة
وأمس الخميس، بدأت المحكمة الابتدائية بتونس (المختصة بالعدالة الانتقالية) محاكمة المشتبه في تورطهم بمقتل الزعيم التونسي صالح بن يوسف (1961-1907).
ويمثل صالح بن يوسف أحد أبرز زعماء حركة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، والذي دخل بعد الاستقلال سنة 1956 في صراعات مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة حول السلطة انتهت بتصفيته في ألمانيا.
وأكد عفيف بن يوسف، المتحدث باسم دفاع عائلة صالح بن يوسف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن القضاء التونسي سينظر في تورط 6 أشخاص في مقتل موكله وهم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وأعوانه حسن الورداني وبشير زرق العيون ومحمد بن خليفة وحميدة بن تربوت وعبدالله الورداني.
وأضاف أن "الأبحاث أكدت تورط جهاز رئاسة الجمهورية في عصر الحبيب بورقيبة في عملية الاغتيال التي تمت في مدينة فرنكفورت سنة 1961 بسلاح كاتم للصوت".
وقد أثارت هذه الواقعة ردود فعل متضاربة بين من يرى فيها نبش في الماضي لإثارة الفتن ومن يرى فيها استجابة لقانون العدالة الانتقالية الذي ينظر في جرائم الماضي السياسي في تونس.
وقد أوضح عز الدين رميلة، أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية والمختص في تاريخ حركة التحرر الوطني في تونس، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "الصراع بين بورقيبة وبن يوسف في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي كان صراعاً من أجل الزعامة والسلطة رغم أنهم ينتمون في ذلك الوقت إلى نفس الحزب السياسي وهو الحزب الحر الدستوري".
وأضاف أنه "من غير المعقول محاكمة بورقيبة بعد 19 سنة من وفاته و32 سنة من خروجه من السلطة"، واصفاً هذه المحاكمة بـ"العبث"، لأن "الأفعال المدرجة في التاريخ يحاكمها فقط التاريخ وليس المحاكم القضائية"، بحسب قوله.
دعم أوروبي
وخلال زيارته إلى بروكسل، بحث وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، مع المفوض الأوروبي المكلّف بالسياسة الأوروبية للجوار، يوهانس هان، مختلف ملفات التعاون الثنائي ومناقشة آفاق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع تونس مع الإتحاد الأوروبي.
وجاءت الزيارة بمناسبة انعقاد أعمال الاجتماع الخامس عشر لمجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي.
وقالت الخارجية التونسية إن الجهيناوي أثنى على دعم الاتحاد الأوروبي لتونس لمواجهة التحديات التنموية التي تعترضها، مؤكدا على "أهمية الرفع من سقف الدعم المالي الموجه لتونس، لمجابهة استحقاقات الانتقال الديمقراطي ومواصلة القيام بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي".
من جانبه، أكّد المفوّض الأوروبي المكلّف بالسياسة الأوروبية للجوار أنّ تونس تعد شريكا مميزا للاتحاد الأوروبي.
وأشاد بالتقدم الذي أحرزته في مجال الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد والتشجيع على الاستثمار، مجددا التزام الاتحاد الأوروبي بمواصلة مرافقة تونس "لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتنويع أطر الشراكة والتعاون معها في مختلف المجالات".
نهاية الإخوان.. مسألة وقت
وقال مراقبون للشأن التونسي إن رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي يقوم بزيارات دولية في محاولة لإنقاذها بعد تزايد الحصار الإقليمي والدولي للإخوان.
وأكدوا أن نهاية التنظيم الإرهابي في تونس مسألة وقت، إذ لا يمكن له أن يستمر في المشهد بعدما أضر بمصالح البلاد طيلة 8 سنوات.
وخلال الأسبوع الماضي، لم يمض تصنيف البرلمان الليبي لجماعة الإخوان تنظيما إرهابيا مرورا هادئا في الساحة التونسية، وسط إجراءات مماثلة يسعى لها برلمانيون فرنسيون، ومن قبلها اعتزام الرئيس الأمريكي تصنيفهم تنظيما إرهابيا.
هذا التلويح الدولي بضم الإخوان في قوائم الإرهاب انعكس على السلوك السياسي لحركة النهضة وعلى تحركاتها الإقليمية، التي يرى فيها المراقبون ترجمة لحالة "الذعر" و"العزلة" التي يعاني منها راشد الغنوشي وأنصاره.
وفي بداية الأسبوع الماضي، أعلن إخوان تونس أن الغنوشي سيقوم بزيارة إلى فرنسا دون تحديد أهدافها ولا الشخصيات التي سيلتقيها.
فهد السماري، القيادي في الحزب الدستوري الحر (المعارض) قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن نهاية الإخوان في تونس هي مسألة وقت، إذ لا يمكن لهذا التنظيم "الأصولي" أن يستمر في المشهد بعدما أضر بمصالح تونس الاقتصادية طيلة 8 سنوات.
وأشار إلى أن "الزيارات الخارجية الفاشلة التي يقوم بها راشد الغنوشي من أجل استجداء المجتمع الدولي لاستثناء حركته من التصنيف الإرهابي لن يكون لها صدى كبير في العالم".
وأضاف السماري أن هذه الزيارة جاءت بعدما كشفت صحيفة "لو جورنال دو ديمونش" (صحيفة فرنسية تصدر الأحد) عن وجود تحركات برلمانية للضغط على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أجل إدراج تنظيم الإخوان ضمن قوائم الإرهاب، مبينا أن "الغنوشي يحاول إيجاد وساطات في فرنسا لاستثناء حركته من هذه التصنيفات".
وأشار إلى أنه منذ تسعينيات القرن الماضي يصنف الشعب التونسي -في وعيه الباطني- حركة النهضة كتنظيم إرهابي، فالذاكرة الجماعية لا يمكن أن تنسى تورطها في تفجيرات النزل في سوسة والمنستير (وسط) في صائفة 1986، ولن ينسى رشقها للمواطنين بالزجاجات الحارقة عام 1991.
وفي عام 1986، شهدت مدينتا سوسة والمنستير على الساحل الشرقي سلسلة تفجيرات نفذتها عناصر تابعة لحركة النهضة، واستهدفت عدة فنادق راح ضحيتها 13 سائحاً.
وأوضح القيادي بالحزب الدستوري الحر أن "طيلة حكم الإخوان فقدت تونس أكثر من زعيم سياسي، على غرار القيادي في الجبهة الشعبية شكري بلعيد الذي وقع اغتياله في 6 فبراير/شباط 2013، والقيادي القومي محمد البراهمي الذي راح ضحية عملية إرهابية في 25 يوليو/تموز 2013".
وشدد على أن "حركة النهضة لم تزرع في صفوف التونسيين منذ توليها الحكم سنة 2011 إلا قيم الحقد والكراهية والانتقام، وذلك عبر وسائل الإعلام الخاصة التابعة لها".
وفي هذا السياق، أعلن خلال الأسبوع الماضي هشام السنوسي، عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (هيئة مختصة في مراقبة تجاوزات وسائل الإعلام التونسية)، أن حركة النهضة تملك 7 إذاعات خاصة تعمل خارج إطار القانون.
منابر إعلامية لخدمة أجندة الإخوان
ويقول الناشط السياسي عادل البوسليمي، في حديث مع "العين الإخبارية"، إن حركة النهضة شجعت 7 إذاعات خاصة للنشاط خارج القانون لبث أجنداتها المشبوهة، دون أن تمتثل في ذلك للقانون المنظم للمؤسسات الإعلامية، مؤكدا أن هذه الطريقة في إغراق المشهد الإعلامي هي استراتيجية الحركة الوحيدة للتأثير على الرأي العام من أجل الفوز في الانتخابات.
ووضع المشرع التونسي عام 2011 هيئة مستقلة للاتصال السمعي البصري، تكون مهمتها إصدار التراخيص الخاصة ببعث وسائل الإعلام، وتنظم طريقة عمل الصحافة السمعية البصرية.
وحظر هذا القانون الذي أصدر في مارس/آذار 2011 على وسائل الإعلام نشر خطاب "الفتنة" ولا خطابات تحث على تقسيم التونسيين على أساس الدين أو الهوية أو الانتماء السياسي.
وأوضح البوسليمي أن القنوات الإذاعية الخاصة والتابعة لحركة النهضة خالفت هذه المبادئ التي جاء بها القانون، وأصبحت تعمل بطريقة "عشوائية " دون تحديد مصادر تمويلها والجهات الأجنبية التي تقف وراءها.
وحذر من استمرار هذه القنوات قبل الانتخابات، لأن في ذلك إضرار بالمسار الديمقراطي وتشويه لنزاهة الاستحقاق الانتخابي.
ونوه الناشط السياسي إلى أن السياسة "التجميلية" التي تتبعها وسائل الإعلام التابعة للإخوان يقابلها واقع ملموس مليء بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية، الذي أصبح يتلمسه الشعب التونسي في يومياته.
واختتم البوسليمي حديثه قائلا "مهما حاولت حركة النهضة تحريف الحقائق فإن الغضب الشعبي والحركات الاحتجاجية سيظل يكشف عوراتها وسلبياتها".
aXA6IDE4LjExOS4xMzcuMTc1IA== جزيرة ام اند امز