تحويلات التونسيين في الخارج.. هل تكون طوق النجاة للاقتصاد؟

تواصل تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج لعب دور محوري في دعم الاقتصاد التونسي، من خلال تعزيز احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
وأسهمت تحويلات العاملين بالخارج في الحد من تقلبات سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية الرئيسية، وساعد على الوفاء بالالتزامات الخارجية، وفي مقدمتها سداد الديون.
وبحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي، ارتفع حجم تحويلات المغتربين التونسيين خلال عام 2024 إلى نحو 8 مليارات دينار (ما يعادل 2.3 مليار دولار)، مسجلاً نموًا بنسبة 6% مقارنة بعام 2023. وقد تفوقت هذه العائدات على إيرادات قطاع السياحة، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة لتحويلات الجالية التونسية كمصدر مستقر للعملات الأجنبية.
- الدينار التونسي يتحسن أمام الدولار.. مؤشرات واعدة لتحسن الاقتصاد الوطني
- في خضم حرب التجارة.. تونس تشدد القيود على الواردات لتقليص عجزها
وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي التونسي هيثم حواص أن هذه التحويلات تُعدّ من الموارد الحيوية لتدعيم احتياطي النقد الأجنبي، مشيرًا إلى أن ارتفاعها إلى هذا المستوى القياسي يعود إلى زيادة هجرة الكفاءات التونسية، خاصة إلى أوروبا ودول الخليج، في السنوات الأخيرة.
وأوضح حواص في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن تحويلات المغتربين لا تقتصر فقط على الأموال النقدية، بل تشمل أيضًا تحويلات عينية كالمركبات، مما يعزز من قيمتها الاقتصادية.
مواجهة الأزمة الاقتصادية
من جهته، اعتبر أستاذ الاقتصاد مالك البرهومي أن هذه التحويلات تُشكل دعامة مهمة للاقتصاد الوطني، وتعتمد عليها الحكومة بشكل متزايد في ظل التحديات المالية الراهنة. ولفت إلى أن هذه التحويلات ترفع من القدرة الشرائية داخل البلاد، لا سيما وأنها تصل في الغالب إلى الأسر بشكل مباشر، ما يساهم في تحريك الاستهلاك المحلي.
وأعرب البرهومي عن تفاؤله بتحسن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة القادمة، مدفوعًا بتحويلات قوية من التونسيين في الخارج إلى جانب موسم سياحي واعد.
وتُقدّر الجالية التونسية بالخارج بأكثر من 1.8 مليون تونسي، أي ما يعادل نحو 15% من إجمالي عدد السكان، مع تمركز الغالبية في الدول الأوروبية.
ووفقًا لتقرير "موجز الهجرة والتنمية" الصادر عن البنك الدولي، احتلت تونس المرتبة السادسة ضمن أكثر الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استقبالًا للتحويلات المالية في عام 2023.
أما على صعيد سعر الصرف، فقد أظهرت بيانات البنك المركزي التونسي الصادرة في مذكرة "التطورات الاقتصادية والنقدية وآفاق التضخم – أبريل 2025"، تحسنًا في أداء الدينار التونسي خلال شهر فبراير الماضي، حيث ارتفعت قيمته بنسبة 0.6% مقابل الدولار الأمريكي، و0.1% مقابل اليورو على أساس شهري.
كما سجّل الدينار ارتفاعًا سنويًا بنسبة 1.9% مقابل اليورو، مقارنة بتراجع بنسبة 1.4% خلال الفترة نفسها من عام 2024، في حين تراجع أمام الدولار بنسبة 2.4% كمعدل خلال أول شهرين من 2025، مقابل تراجع طفيف بلغ 0.4% في نفس الفترة من العام الماضي.