هجوم جربة بتونس.. خطوة رئاسية لنفي تهمة معاداة السامية
رغم مرور أيام على هجوم جربة بتونس، إلا أن توابع ذلك الحادث لا زالت تلقي بظلالها على المشهد في تونس، ذلك البلد الأفريقي، الذي يحاول التخلص من "سموم" عشرية الإخوان.
ووقع الهجوم الأسبوع الماضي، بعد أن أنهى مئات اليهود الزيارة السنوية إلى كنيس الغريبة الأقدم في إفريقيا، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة واثنين من الزوار - أحدهما يحمل الجنسيتين التونسية والإسرائيلية والآخر يحمل الجنسية التونسية الفرنسية - برصاص المهاجم قبل أن يرديه عناصر الأمن.
ورغم نفي الرئيس التونسي اتهامات "معاداة السامية"، معربا عن "استغرابه" من المواقف التي وردت فيها اتهامات لتونس في هذا الشأن، مشيرا إلى النصوص القانونية التي تضمن حرية العبادة وحقوق الأقليات في تونس، ولا سيما اليهود، إلا أن قيس سعيّد حاول مجددًا قطع أي صلة بين بلاده وتلك التهمة.
خطوة رئاسية
وردا على الاتهامات بمعاداة السامية، استقبل الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأربعاء بقصر قرطاج، الشيخ هشام بن محمود، مفتي تونس، وحاييم بيتان كبير أحبار اليهود بتونس، وإيلاريو أنطونيازي كبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بتونس.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد إن من دبر ونفذ لهجوم جربة، لم يصل إلى مبتغاه؛ لأن تونس دولة قوية، متعهدًا بالتصدي لكل من تسول نفسه "أن يزرع بذور الفتنة والاقتتال".
وأكد قيس سعيد أن "هذا اللقاء اعتبره من بين أهم اللقاءات التاريخية التي تبرز التسامح والتعايش الثابتين في تونس منذ قرون"، مضيفا: "التقيت بكم اليوم للحديث عن هذه الحادثة الإجرامية التي جدت في الأيام القليلة الماضية بجزيرة جربة".
وتابع: "جرى القضاء على مرتكبها في ظرف قياسي من طرف قوات الأمن قبل أن يصل إلى معبد الغريبة، وفي الأثناء سقط ضحايا أبرياء"، معبرًا عن أمانيه بالشفاء لكل المصابين خلال هذه العملية "الجبانة الغادرة".
الرئيس التونسي أضاف: "الأبحاث لا تزال جارية وقد تقدمت لتحديد الجهة التي دبرت بعد أن تم تحديد هوية من قام بالتنفيذ"، متابعا: "من دبر ونفذ سعى بكل تأكيد إلى المساس بأمن تونس واستقرارها وبث الفتنة والانقسام داخل المجتمع".
وأشار قيس سعيد إلى أن "الاعتداء ليس اعتداء على أشخاص تونسيين سواء كانوا من اليهود أو مسلمين، وإنما اعتداء على تونس كلها".
وكان الرئيس التونسي تعرض إلى عدد من النصوص القانونية المتعلقة بحرية المعتقد وبحرية ممارسة الشعائر الدينية؛ قائلا: "توجد نصوص أخرى من بينها بالنسبة إلى اليهود القانون عدد 78 لسنة 1958 المتعلق بنظام الشعائر للديانة الموساوية. فكبير الأحبار في تونس يُعيّن بعد الاستشارات العرفية بأمر، وهو الرئيس الروحي لليهود القاطنين بتراب الجمهورية، وهو يراقب البيعات ومعاهد التعليم الديني إلى جانب عدد من الاختصاصات الأخرى.
كما تطرق إلى نصوص أخرى كمجلة الالتزامات والعقود ومجلة المرافعات المدنية والتجارية التي تمنع إجراء أي عمل من أعمال التنفيذ ضد اليهود يوم السبت وفي عدد من أيامهم الدينية، كما تمنع إجراء نفس هذه الأعمال بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين، كما ورد ذلك بالفصل 292 من المجلة المذكورة.
حماية الحياة اليهودية
وسبق ان أدانت سفارة ألمانيا بتونس الحادث، قائلة إن "كنيس الغريبة والحج السنوي هما ركيزتان ثابتتان للحياة اليهودية في تونس"، مضيفة: "نحن ملتزمون بحماية الحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية وأي شكل من أشكال التمييز في جميع أنحاء العالم".
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمكافحة "معاداة السامية"، قائلاً "دائماً، وبلا كلل، سنكافح معاداة السامية".
وأضاف ماكرون في تغريدة "الهجوم على كنيس الغريبة يقلقنا. نفكر بألم بالضحايا، بالشعب التونسي، بأصدقائنا. نقف إلى جانب عائلة مواطننا الذي قتل".
ويقع معبد "الغريبة" في قرية صغيرة بجزيرة جربة، سكنها اليهود في الماضي، وتسمى "الحارة الصغيرة" حالياً، ويقطنها قرابة 1300 يهودي تونسي، ويحظى هذا المعبد بأهمية كبيرة بالنسبة لليهود باعتباره يحتوي على أقدم نسخة للتوراة. ويزور اليهود من مختلف دول العالم معبد "الغريبة"، الذي يعد الأقدم.