نابل التونسية تتألق في موسم جني البرتقال.. صادرات ومكاسب اقتصادية
محافظة نابل أو "الوطن القبلي" بتونس، تعتبر شبه جزيرة حيث يحيط بها البحر المتوسط شمالاً وشرقاً وجنوباً وتبتعد عن العاصمة 40 كيلومتراً.
وكجارتها الإيطالية صقلية، تزخر المنطقة ببساتين البرتقال والليمون و الشواطئ الرملية الجميلة.
وهي الأولى في إنتاج الحمضيات بالبلاد، حتى أن كثيرين يسمونها "عاصمة البرتقال" باعتبارها تُعد الأكثر ملاءمة لهذه الزراعة من حيث وفرة الماء وثراء التربة واعتدال الطقس.
جميع مدن محافظة نابل تحوي بساتين وحقولاً لأشجار القوارص (الموالح) التي تتدلى منها حبات البرتقال والليمون والكليمونتين (اليوسفي).
على امتداد الطريق الذي يربط العاصمة بمدن نابل تتجلى للزائر "حبات البرتقال" وهي تتلألأ في أغصانها، بلونها البرتقالي الذي زادها بريقاً ولمعاناً.
ويزرع بغابات القوارص بمختلف مدن محافظة نابل، نحو 33 نوعا مختلفا من البرتقال والموالح. ومن أهم هذه الأصناف نجد: "الأرنج" و"المالطي" و"الشامي" و"الحلو" و"الطمسن" و"البلدي".
ويتواصل موسم جني الموالح في مختلف مدن نابل على امتداد 8 أشهر، ينطلق من منتصف أكتوبر/تشرين الأول لينتهي في شهر مايو/آيار.
ويحظى موسم جني الحمضيات أو الموالح لدى أهالي المحافظة بمكانة كبيرة ويدخل في إعداد عديد من الأطباق التقليدية، وتتعدد استخداماته بين الغذائي والعلاجي نظراً لفوائده الغنية خاصة لمواجهة الأنفلونزا والبرد، حيث لا يوجد منزل في مدن نابل يخلو من شجرة برتقال أو ليمون أو كليمنتين نظرا لمكانة هذه الثمار في وجدان الأهالي.
وتعد هذه الثمار مقدسة لدى الأهالي الذين ينتظرون موسم الجني بفارغ الصبر من أجل جمع الأموال.
وينطلق موسم جني الحمضيات في بداية فصل الشتاء ويشرع المزارعون في عملهم في الصباح الباكر بعد أن يقومون باصطحاب المعدات المتمثلة في الصناديق والمقص ثم الشروع في قطف هذه الحبات البرتقالية اللامعة ورصها في الصناديق المعدة للغرض في انتظار بيعها إلى الأسواق الكبرى لتصل لمستهلكيها في أحسن حال وفي أبهى صورة.
وترافق عملية الجني أهازيج السيدات العاملات اللاتي يحرصن على اصطحاب أبنائهن في أيام العطلات لتعليمهم قيم حب الأرض والزراعة والاستمتاع بيومهم في الحقول الخضراء وللمرح بين المروج.
المالطي الأبرز
ولعل أبرز نوع هو البرتقال المالطي (المخصص للعصير) باعتباره الأكثر طلباً في التصدير لدى السوق العالمية.
وتخضع عملية جني حبات البرتقال المالطي المعد للتصدير لعدة شروط ضمانا لجودة المحصول من الشجرة إلى المستهلك، إذ تستوجب عملية القطف عدم سقوط أيّ حبّة أرضا ويتم فرز حجم الحبات من الشجرة إلى صناديق عبر مقياس كف اليد، ثمّ تمرّ الصناديق إلى مراكز فرز وتجميع الغلال حيث يتمّ غسلها وطلاؤها بزيت خاص يحافظ على نظارتها ثمّ يتمّ تعليبها في صناديق خاصّة بعد وضع ملصق يبرز جودة المواصفات التونسيّة لتنطلق عملية الشحن نحو الأسواق العالمية وأبرزها الفرنسيّة.
وتنتج تونس نحو 40 نوعا من الحمضيات، وأشهر البرتقال المالطي الذي يتم تصديره لعدة دول، بينها ليبيا وفرنسا وإيطاليا ودول الخليج.
التصدير
وينتظر أن تبلغ محاصيل الموالح لهذا الموسم في حدود 365 ألف طن مقابل 290 ألف طن في الموسم الماضي أي زيادة بنسبة 26% واستهداف تصدير أكثر من 12 ألف طن من البرتقال "المالطي (البرتقال المخصص للعصير)" أساسا.
وشهد إنتاج محافظة نابل، التّي تساهم بـ73 في المئة من الإنتاج المحلي، زيادة بنسبة 26 في المئة رغم النقص المسجل في التزوّد بمياه الشمال خلال سنة 2023 وتقييد استعمال مياه الري.
ويضم قطاع الموالح حوالي 12 ألف مزارع من صغار المزارعين ويمثل مورد رزق لحوالي 30 ألف عائلة ويوفر 3 مليون يوم عمل في السنة بالنسبة لليد العاملة الموسمية.
من جهته، أكد رئيس الاتحاد المحلي للزراعة بنابل عماد الباي، ارتفاع محاصيل الحمضيات في محافظة نابل مقابل تراجع أسعارها على المستوى المحلي.
وأوضح لـ"العين الاخبارية" أن السوق الفرنسية تستأثر بنصيب الأسد من صادرات الحمضيات التونسية فيما بواقع 12 ألف طن سنويا.
من جهة أخرى، قال نائب مدير تنمية التصدير بالمجمع المهني المشترك للغلال، طارق تيرة، إن المجمع شرع في العمل على إنجاح الموسم الترويجي للموالح منذ شهر يونيو الماضي، من خلال الحرص على احترام معايير استعمال المبيدات عن طريق تنظيم أيام توعوية للمنتجين.
وأوضح أنّ المجمّع نظّم سلسلة من الجلسات التحضيرية لموسم تصدير الموالح مع جميع الأطراف المتدخلة في المنظومة، وتم الاتفاق على اعتماد تاريخ انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي في 13 يناير/كانون الثاني الجاري.
وتمثل قيمة الصادرات 14% من القيمة الإجمالية للصادرات الزراعية وتحقق مداخيل عالية من العملة الصعبة.
aXA6IDEzLjU5LjEyOS4xNDEg جزيرة ام اند امز