أوتيكا.. أقدم مدينة في تونس شاهدة على تاريخ الفينيقيين والرومان (خاص)

تُعدّ مدينة أوتيكا، الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومتراً شمال العاصمة التونسية، واحدة من أعرق المدن في شمال أفريقيا، إذ يرجع تاريخ تأسيسها إلى نحو عام 1101 قبل الميلاد، أي قبل قيام قرطاج بما يقارب ثلاثة قرون.
ارتبط تأسيس أوتيكا بالفينيقيين القادمين من مدينة صور، الذين اشتهروا بمهاراتهم البحرية وأنشطتهم التجارية، وأسّسوا عدداً من المدن عبر المتوسط. وبفضل موقعها الاستراتيجي، تحولت أوتيكا إلى مركز تجاري بارز، وظلت لفترة طويلة العاصمة الأولى للمستعمرات الفينيقية بالمنطقة، قبل أن تفرض قرطاج هيمنتها عليها مطلع القرن الخامس قبل الميلاد.
وعلى امتداد التاريخ القديم، شهدت أوتيكا تحولات كبرى، إذ سقطت في عام 310 قبل الميلاد بيد الإغريقي أغاثاكوليس خلال حربه ضد قرطاج، ثم انحازت لاحقاً للرومان في الحروب البونيقية ضد القرطاجيين، قبل أن تصبح بعد سقوط قرطاج عام 146 قبل الميلاد مقراً للحاكم الروماني في أفريقيا، ووجهة مهمة للمواطنين الرومان. كما ارتبط اسمها بمعركة ثابسوس عام 46 قبل الميلاد، حيث انتحر فيها كاتو الأصغر في صراعه ضد يوليوس قيصر.
وقال المؤرخ التونسي عبدالقادر المسيليني في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن المواقع الأثرية في أوتيكا ما تزال شاهدة على عظمة الماضي، مشيراً إلى أن المدينة نافست قرطاج ببناء منشآت ضخمة مثل الفوروم، الكابيتول، المسرح، السيرك، الحمامات الفخمة، إضافة إلى قنطرة أثرية ومبانٍ أخرى مزخرفة بالفسيفساء، بعضها ما يزال مدفوناً تحت الأرض ولم يُكشف عنه بعد.
وأوضح المسيليني أن تغيّر طبيعة الساحل في الفترة الرومانية، نتيجة انجراف التربة التي جرفها وادي مجردة، أدى إلى تراجع البحر وابتعاد خط الساحل لمسافة نحو 11 كيلومتراً عن المدينة، فتحول ميناؤها القديم إلى أرض يابسة تحيط بها مستنقعات وبحيرات، وهو ما غيّر معالمها الجغرافية بشكل لافت.
وبالرغم من تعاقب الحضارات وصراعات النفوذ التي شهدتها، ما زالت أوتيكا حتى اليوم أحد أبرز الشواهد التاريخية في تونس، تحتفظ بآثارها ومعالمها التي تحكي قصة مدينة سبقت قرطاج ونافستها في المجد والعراقة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز