قضاء تونس.. إحالة «العريض» وقياديين إخوانيين للجنايات بتهم إرهابية
عشرية سوداء حكم فيها تنظيم الإخوان تونس قاد البلاد نحو الهاوية، وزج بها نحو التورط في الإرهاب، واليوم يدفع قادة حركة النهضة ثمن هذه الأفعال.
وفي هذا الإطار وجه القضاء التونسي، مساء الإثنين، تهمة «الانضمام إلى تنظيم إرهابي وتسهيل عمليّات ذات طابع إرهابي» إلى رئيس الحكومة الأسبق الإخواني علي العريض والى الكادرين الإخوانيين فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي.
وأشارت مصادر لـ«العين الإخبارية» إلى أنه «تم توجيه هذه التهم في إطار قضية (التسفير إلى بؤر الإرهاب) والتي تم فتحها في يناير/كانون الثاني 2022».
وتحتجز سلطات التحقيق في تونس 100 قيادي إخواني على ذمة القضية، أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق، والبرلماني الإخواني السابق محمد فريخة وكادرين أمنيين من الإخوان هما فتحي البلدي، وعبدالكريم العبيدي.
وأوضحت ذات المصادر أن «قاضي التّحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة) ختم التحقيقات في حق علي العريض وفتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي في ملف التّسفير وقرّر إحالتهم على الدائرة الجنائيّة المختصّة في النّظر في جرائم الإرهاب مع توجيه جملة من التّهم اليهم ومن أهمّها تهمة الانضمام لتنظيم إرهابي وتسهيل عمليّات ذات طابع إرهابي».
واكدت ذات المصادر أنه تم الإبقاء على هذه القيادات الإخوانية في السجن تحت مفعول مذكرات الإيداع بالسجن التي تم إصدارها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" أنه «بالرجوع إلى أوراق القضية تم تحرير محضر حجز يتعلق بإعداد 245 جواز سفر لتوزيعها على إرهابيين بقصد السفر لسوريا للمشاركة في عمليات إرهابية خلال تلك الفترة».
وأكدت ذات المصادر أنه بـ«تسهيلات من راشد الغنوشي والإخواني حمادي الجبالي (رئيس حكومة أسبق) وعلي العريض تم تسفير 2850 من شباب تونس إلى سوريا للقتال مع تنظيم داعش الإرهابي».
العريض.. أخطر قيادات الإخوان
ويعتبر علي العريض أحد أهم قادة الإخوان في تونس، وفي عام 1987 حكم عليه بالإعدام غيابيا عقب محاكمة قيادة الحركة في منتصف عام 1981، وألقي القبض عليه بعد وصول زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الراحل، إلى السلطة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، ثم صدر عليه نفس حكما بالإعدام.
لكن الحكم لم ينفذ ثم صدر عفو بشأنه لاحقا، وتولى بعد ذلك الأمانة العامة لحركة النهضة حتى ألقي عليه القبض في ديسمبر/كانون الأول 1990، ومثل أمام المحاكمة ضمن قيادات الحركة في صيف 1992، وحكم عليه بـ15 عاما سجنا قضى منها 10 أعوام في عزلة تامة.
وبعد خروجه من السجن، عاد إلى الظهور والمشاركة باسم حركته فيما عرف بـ"هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" التي جمعت إسلاميين ويساريين وليبراليين وقوميين.
وعقب 2011 وسقوط نظام بن علي عاد العريض لينفث سمومه ويغرس أنيابه في جميع هياكل الدولة. فتولى علي العريض وزارة الداخلية بين 2011 و2013، ثم رئاسة الوزراء في تونس من 2013 إلى 2014، وهي الفترة التي نشطت فيها شبكات التسفير وتنامى فيها عدد المتطرفين.
البلدي والعبيدي.. الجهاز السري
ويعتبر عبد الكريم العبيدي من أخطر عناصر خلية الأمن الموازي للإخوان داخل وزارة الداخلية،وقد كان رئيس فرقة حماية الطائرات السابق بمطار تونس قرطاج الدولي.
والعبيدي الشهير بـ«الحاج» ورد اسمه في جل ملفات القضايا الإرهابية والاغتيالات التي عرفتها البلاد بعد 2011، كما لعب دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر المطار إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال، وفق اعترافات سابقة لأمنيين تونسيين.
وتم اتهامه سابقا بالتورط في ملف اغتيال القياديين اليساري شكري بلعيد والقومي محمد البراهمي.
أما فتحي البلدي الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف، فارتبط اسمه بالتحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية بشأن الجهاز السري للإخوان، سواء أثناء ممارسته عمله مستشارا لوزير الداخلية الإخواني الأسبق، علي العريض، أو بعد استبعاده من المنصب، وتم وضعه رهن الإقامة الجبرية في نهاية عام 2021 لمدة شهرين.
والبلدي هو رجل الظل الذي زرعته حركة النهضة عام 2012 في وزارة الداخلية، وكان يعمل على عملية انتداب الأمنيين تحت شرط الولاء للتنظيم الإخواني.
كما كان الرجل أحد رجال الأمن قبل عام 2011، وبعد التفطن لانتمائه للجهاز السري للإخوان، تمّ عزله والحكم عليه بالسجن لمدة تفوق الـ15 عاما بتهمة الانتماء لتنظيم غير معترف به.
وفي عام 2011، تمت إعادة دمج البلدي في وزارة الداخلية ومنحه كل الامتيازات، وشغل منصب مستشار وزير الداخلية آنذاك علي العريض في حكومة حمادي الجبالي، ولم يفارق العريض حتى عند ترؤسه لحكومة الترويكا الثانية، ولكن بصفة غير رسمية.
دعوات لتسريع القضية
وطالب نشطاء ومراقبون بتسريع وتيرة التحقيقات والاستفادة من الجانب السوري لاستكمال أركان القضية، خاصة في ضوء الأبعاد الإقليمية والمتشعبة للملف.
وتشمل قائمة الأشخاص المتورطين في التسفير، الأئمة الذين كانوا يقومون بالدعوة للالتحاق ببؤر التوتر ودورهم في ذلك، وقائمة الجمعيات المشبوهة ودورها في التمويل على غرار جمعيتي "نماء الخيرية" و"مرحمة"، وقائمة السياسيين ودورهم كفاعلين أصليين في توفير الدعم السياسي والمالي علاوة على قائمة الكوادر الأمنية ودورها في تسفير الشباب؛ خصوصاً المكلفين بأمن المطارات.
والأحد، أعلنت البرلمانية التونسية فاطمة المسدي أنه «لم تعد تفصلنا سوى أشهر قليلة على انقضاء الآجال القانونية لمدة الاحتفاظ المخولة وختم الأبحاث من قبل قاضي التحقيق المتعهد بملف شبكات التسفير إلى بؤر التوتر فيما يتعلق بمجموع المتهمين المحالين في حالة إيقاف أو حالة سراح».
وأكدت أنه «في هذا الإطار وجب الانتباه إلى أن جزءا مهما من الحقيقة في هذا الملف العابر للحدود تكمن فيما تحوزه السلطات السورية من معطيات ومعلومات دقيقة ومهمة حول الأطراف المتورطة في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وتسهيل ذلك في سياق سياسي منظم».
وتابعت: «اليوم أمام عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سوريا وتونس ومباشرة كل من السفيرين لمهامها، لا بد من التسريع ومسابقة الزمن إما بتكوين فريق قضائي وأمني والتحول إلى الأراضي السورية بغاية الاستماع للإرهابيين المودعين بالسجون هناك أو القيام بإنابة قضائية دولية والحصول على كل المعطيات التي وجب إضافتها لملف التحقيق التونسي وبحث إمكانية تسلم هذه العناصر».
ولفتت إلى أن «جماعة الإخوان تمني نفسها بانقضاء الآجال دون تمكن القضاء التونسي ووزارات العدل والداخلية والخارجية من إنهاء التحقيق المطلوب».
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA= جزيرة ام اند امز