مطالبة فرنسا بالاعتذار في البرلمان تشتت إخوان تونس
حركة النهضة تطلق النار على جناحها بوصفه بـ"الائتلاف الصبياني"، لينطلق بعدها القصف المتبادل بين أعضاء التنظيم.
فجرت الجلسة البرلمانية المخصصة لمطالبة فرنسا بالاعتذار عن سنوات الاحتلال، الصراع بين أجنحة إخوان تونس.
وبعد أن كان البرلمان جزءا من تحركات حركة النهضة الإخوانية، وأداة طيعة في استراتيجيات شيخهم راشد الغنوشي ، أصبح "ائتلاف الكرامة " في حالة حرب كلامية مع نواب حركة النهضة.
هذه الحرب جاءت على إثر رفض نواب إخوان تونس المصادقة على لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار للشعب التونسي، مما فجر الصراع بين أجنحة الإخوان.
ووصف ائتلاف الكرامة حركة النهضة بالحزب بـ"العميل للاستعمار الخارجي"، وأن "زعيم إخوان تونس هو خائن لدماء المقاومة التونسية للاحتلال الفرنسي من سنة 1881 إلى سنة 1956".
ويرى العديد من المتابعين أن "الانقسام بين كتلتي حركة النهضة وائتلاف الكرامة، هو دليل على تخبط التنظيم الإخواني في صراعاته الداخلية منذ أكثر من 8 أشهر (تاريخ انتخابات 2019)، وعنوان رئيسي لتمدد الشرخ بين الإخوان وتابعيها في تونس".
- تصنيف إخوان تونس "إرهابية".. تأييد سياسي يغلفه التفاف شعبي
- برلمان تونس يسقط لائحة إخوانية تسيء لبورقيبة
وكتب عبد اللطيف العلوي، أحد قيادات ائتلاف الكرامة العلاقة المرتبط بحركة النهضة، تدوينة على صفحته الرسمية على تويتر أعلن فيها انفصاله عن الائتلاف الإخواني قائلا: "إنه فراق بيني و بينكم".
بدورها، أطلقت حركة النهضة النار على جناحها بوصفه بـ"الائتلاف الصبياني"، لينطلق بعدها القصف المتبادل على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التونسية بين عناصر التنظيم.
وتقول الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة، إن "الصراع داخل التنظيم الإخواني الذي جاء على إثر لائحة مطالبة فرنسا بالاعتذار هودليل إفلاس سياسي لهذا المشروع، وبداية انقسام مدوي وزلزال داخلي لحركة النهضة وأطرافها".
وبينت، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "اللائحة التي قدمها رئيس ائتلاف الكرامة سيف مخلوف لا تتسم بالجدية، وكان الهدف منها فقط الإساءة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة".
وتابعت: "لقد حاول ائتلاف الكرامة الإخواني فقط تسجيل نقاط سياسية ضد الكتل التي تحمل مرجعيات ليبرالية ويسارية ومدنية"، مؤكدة أن "سقوط اللائحة هو نهاية هذا المكون السياسي الذي لايتوانى في الإفصاح عن خطاب عنيف ومتطرف".
طلاق برلماني وانفجار كتلة الإخوان
ويرى العديد من الملاحظين أن "الطلاق "السياسي بين ائتلاف الكرامة وحركة النهضة سيعمق أكثر عزلة حركة النهضة التي خسرت كل حلفاءها، فقد انطلقت معها مطالبة داخل البيت الإخواني بضرورة محاسبة راشد الغنوشي.
ويقول المنصف وزان أستاذ التاريخ في الجامعة التونسية، إن "الصراع بين أجنحة الإخوان سيكون أكثر دموية من الصراع مع خصومهم اليساريين والبورقيبيين".
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" بأن "المثل الأفغاني في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي يثبت مدى دموية الصراع بين أجنحة الأحزاب المحسوبة على الإسلام والإخوان"، معتبرًا أن "الاتهامات المتبادلة بالتخوين تؤذن بانفراط العقد بين مكونات الأحزاب الإخوانية".
واعتبر وزان أن "حركة النهضة ستفقد وزنها البرلماني في التصويت على مشاريعها، في الوقت الذي بدأت فيه الكتل الأخرى تتجه نحو التماسك والانسجام ما قد يكون له تأثيرا إيجابيا للتصويت على اللائحة القادمة التي تريد تصنيف الإخوان منظمة إرهابية".
وسيناقش البرلمان التونسي في غضون الأسابيع القادمة مشروع لائحة عرضها الحزب الدستوري الحر، تقضي بتصنيف كل المؤسسات والأحزاب والجمعيات والأشخاص التابعين للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين ضمن قائمة الإرهاب.
كما طالب الدستوري الحر بتطبيق قانون الإرهاب التونسي لسنة 2015 على كل المنظمات التي يتأكد من انتمائها لهذا الفكر عقيدة وممارسة.
وأفادت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" أن "مشاورات حزبية تجمع كل من كتلة الدستوري الحر (17 مقعدا)، وكتلة الإصلاح (15 مقعدا)، وكتلة تحيا تونس (14 مقعدا)، وبعض النواب من كتلة قلب تونس (26 مقعدا) انطلقت للتنسيق حول توحيد المواقف البرلمانية مستقبلا.
وبينت أن "هذه المشاورات تبحث بالخصوص في كيفية بلورة لائحة تصنيف الإخوان منظمة إرهابية وإعدادها سياسيا بشكل جدي وقانوني".