الزلابية التونسية.. مكانة خاصة تتحدى تسونامي التغيير
"الزلابية" تطغى على اختيارات التونسيين بمختلف أذواقهم، لما لها من مكانة خاصة كما أن ارتباطها بشهر رمضان بشكل خاص، يعزز مكانتها بالقلوب.
من يزور تونس خلال شهر رمضان الكريم، فمن المؤكد أنه لن يفوت على نفسه فرصة تذوق أكثر الحلاويات التي يحبذها سكان هذا البلد، ألا وهي الزلابية أو الشباكية كما تسمى في بلدان عربية أخرى.
أشكال دائرية تتكون من مادة السميد، قبل أن توضع في الزيت الساخن ويضاف إليها السمن وتخلط بزيت الزيتون، فتتخذ مذاقها الساحر، وتأسر قلوب الصائمين ممن يحرصون على وجودها على مائدة الإفطار بعد الوجبات الرئيسية.
ومع أن هذا النوع من الحلويات ينافس غيره حتى في الأيام العادية، إلا أن حضوره على المائدة يصبح من الضرورات التي يفرضها الموروث الغذائي التونسي خلال الشهر الفضيل، والحلويات التي يتدافع الجميع أطفالا وبالغين، مطالبين بحصتهم منها.
تجارة تزدهر في رمضان
في القسم الشمالي الغربي من المدينة العتيقة بالعاصمة التونسية، وتحديدا في محل صغير بحي "باب سويقة"، وقف العم قاسم كما يحلو للجميع مناداته هناك، يملأ كيسا صغيرا بالزلابية، قبل أن يسلمه لطفل صغير لم يتجاوز الخمس سنوات، ويطلب منه ضاحكا عدم فتح الكيس قبل وصوله المنزل.
وبذات الابتسامة التي لا تفارق وجه الرجل الستيني، سأل زبونة عن حاجته قبل أن يقول مبتسما: "في هذا الشهر الكريم، يزدهر عملنا، ونحقق خلاله أكبر رقم معاملات خلال العام".
ومشيرا بسبابته إلى الطابور المصطف أمام مخليه، مضيفا في حديثه لـ"العين الإخبارية": "لدينا زبائن حتى في غير رمضان، لكنك لن تجد هذا الطابور الطويل، فقط عدد أقل بكثير".
وعن سر صمود هذا النوع من الحلويات بوجه تسونامي التغيير العاصف بالعادات الغذائية بالبلاد، قال العم قاسم إن "للزلابية نكهة ومكانة خاصة لدى التونسيين، كما أن ارتباطها بشهر رمضان بشكل خاص، يعزز مكانتها بالقلوب، ويبقيها في صدارة الحلويات التي تحظى بإقبال كبير".
التونسيون والزلابية
تطغى "الزلابية" على اختيارات التونسيين بمختلف أذواقهم، وفيما يفضل البعض منهم ابتياعها من المحلات التي تقوم بصنعها مباشرة، يقتنص البعض الآخر فرصة الحصول عليها من المحلات التجارية الكبرى.
فمن الأحياء الشعبية إلى الراقية مرورا بالأسواق والمحلات الصغرى، تنتصب أكوام الزلابية بلونها الأصفر الذهبي، متراصة بانتظام في أكداس صغيرة على الصواني، تنتظر القفز إلى الأكياس الصغيرة ومنها إلى موائد الإفطار.
وعادة ما يتناول التونسيون الزلابية عقب الإفطار والوجبات الرئيسية، وتحديدا عندما يجتمعون للسهر أو تبادل الزيارات الرمضانية.
تتعالى أصواتهم ضاحكة، فيما تمتد أياديهم بين الفينة والأخرى، لاستراق قطع الزلابية يستمتعون بقضم أجزائها، قبل أن يغزو الأطفال الصغار المكان، فيقفر الطبق الضخم من قطعه الذهبية، لتتوجه الأنظار نحو صاحبة المنزل فيرتفع صوتها يطلب المزيد وسط نظرات مترقبة.
aXA6IDMuMjMwLjE0Ny4yMjUg جزيرة ام اند امز