مشاورات حكومة تونس.. غليان إخواني وعزلة ثلاثية الأبعاد للنهضة
تواجه الحركة عزلة برلمانية تتمثل في الجلسة المنتظرة لسحب الثقة من الغنوشي الخميس المقبل، وعزلة شعبية وعزلة من القرار الحكومي
يبدأ، اليوم الإثنين، رئيس الحكومة التونسي المكلف، هشام المشيشي، مشاوراته مع الأحزاب السياسية للتباحث حول تركيبة الوزارات، وسط حالة من الغليان بجماعة الإخوان الإرهابية التي لم يعتد بمرشحيها من قبل رئيس البلاد.
ومساء السبت، كلف الرئيس التونسي، قيس سعيد، وزير الداخلية الحالي، هشام المشيشي، بتشكيل الحكومة القادمة خلفا لإلياس الفخفاخ الذي قدم استقالته الأسبوع المنقضي.
وكان الفخفاخ قد استقال بعد تورطه في شبهة فساد مالي وصفقات مالية مع الدولة التونسية، اعتبرها خصومه قضية تضارب مصالح متنافية مع مبادئ القانون.
وهشام المشيشي هو رجل قانون اشتغل مستشارا لقيس سعيد إبان توليه الرئاسة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن يلتحق بتشكيلة الفخفاخ الحكومية في 27 فبراير/شباط 2020.
وتستمر المشاورات مع الأحزاب السياسية لمدة لا تتجاوز 30 يوما، وفي حال عدم نيل حكومته للثقة البرلمانية بـ109 أصوات سيكون أمام سعيد إمكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها.
ويعتبر المشيشي من الشخصيات السياسية غير المنتمية للأحزاب، ولم تقترحها الكتل النيابية التي وضعت على طاولة سعيد العديد من الأسماء يوم الخميس المنقضي.
غليان إخواني
وفجّر تعيين المشيشي غضب القيادات الإخوانية التي رفض قيس سعيد اقتراحاتها لتولي رئاسة الحكومة حيث عبرت قيادات إخوانية بارزة عن رغبتها في إدخال البلاد في أزمة عميقة.
ولم تتردد صفحات الإخوان على "فيسبوك" من فضح سقوطها الأخلاقي عبر كلمات نابية لا تستجيب للحد الأدنى من الأخلاقيات السياسية تجاه الرئيس التونسي قيس سعيد.
وقد وصلت حالة التدني الفكري والمعنوي للعائلة الإخوانية في تونس إلى حد وصف سعيد والمشيشي بـ"الملحد" وهو ما اعتبره مراقبون تكفيرًا واضحًا ودعوة لاستهدافهما.
وأفادت مصادر سياسية مقربة من الدوائر الإسلام السياسي في تونس بأن حملة تكفيرية ضد قيس سعيد وهشام المشيشي يقف وراءها رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري وعضو الجهاز السري للإخوان السيد الفرجاني.
مصادر داخل حركة النهضة أفادت دون الكشف عن هويتها لـ"العين الإخبارية" أن البحيري وزير العدل التونسي زمن اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد (2013) يحاول الضغط على دوائر مالية نافذة في البلاد لعرقلة عمل الرئيس التونسي قيس سعيد.
إخوان تونس..عزلة ثلاثية الأبعاد
وتواجه الحركة عزلة برلمانية تتمثل في الجلسة المنتظرة لسحب الثقة من الغنوشي الخميس المقبل، وعزلة شعبية تتمثل في انهيار رصيدها الشعبي، ثم عزلة من موقع القرار الحكومي إثر اختيار المشيشي.
نرجس بن قمرة، الباحثة في العلوم السياسية بالجامعة التونسية، قال إنه لأول مرة منذ سنة 2011، تفقد حركة النهضة موقع التأثير السياسي في قصر قرطاج أو قصر الحكومة بـ"القصبة" (مقر رئاسة الحكومة).
وأضافت بن قمرة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الحرب المفتوحة مع قيس سعيد جعلت الأخير يعتبر الإخوان خطرًا حقيقيًا على الدولة، خاصة بعد التقارير السرية التي أفادت وجود مؤامرة ثنائية بين حركة النهضة والنظام التركي لإسقاط سعيد.
ويتفق حديثها مع ما أكده الباحث التونسي المقيم في العاصمة السويسرية "جينيف"، رياض الصيداوي، في خطاب نشره على شبكة "اليوتيوب" بأن هناك تخطيطًا بين الغنوشي والرئيس التركي رجب أردوغان؛ لمحاربة قيس سعيد إلا أن الرئيس التونسي كشف ملابسات المخاطر الإخوانية التي تحيط به.
وأوضحت بن قمرة أن قيس سعيد أيقن بشكل واقعي أن حركة النهضة لا تبحث عن خدمة البلاد ومحاربة الفقر، وإنما غايتها "التمكين"، وهو ما جعلها محل عزلة برلمانية وحكومية ورئاسية.
خارطة طريق المشيشي
وتفيد مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، أن خياراته ستكون بالتنسيق مع الرئيس التونسي قيس سعيد، وأنه سيقوم باستقبال كل الأحزاب السياسية الممثلة داخل البرلمان.
ويضم مجلس النواب 9 كتل برلمانية هي بالأساس الكتلة الدمقراطية (38 مقعدا) وفيها حركتا الشعب القومية، وحزب التيار الديمقراطي، وكتلة "قلب تونس" لرئيسها نبيل القروي (26 مقعدا)، وكتلة النهضة (54 مقعدا)، وكتلة تحيا تونس (11 مقعدا)، وكتلة الدستوري الحر (16مقعدا)، وكتلة ائتلاف الكرامة (19 مقعدا)، والكتلة الوطنية (10مقاعد)، وكتلة الإصلاح (15 مقعدا)، وكتلة المستقبل (9 مقاعد )، وعدد من النواب المستقلين.
وعبر كل من حزب "تحيا تونس"، و"قلب تونس"، وكتلة "الإصلاح"، وحركة" الشعب" القومية عن استعدادهم لمساندة رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي.
وتتطلب حكومة المشيشي التي لم تظهر ملامحها بعد 109أصوات للمصادقة عليها قبل 26 أغسطس/آب، وهي الحكومة الثالثة التي يتم عرضها على ثقة البرلمان منذ الانتخابات التشريعية التي شهدتها تونس في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وقد تم إسقاط حكومة الحبيب الجملي المقترحة من الإخوان في 10 يناير/كانون الثاني، قبل أن تشهد حكومة إلياس الفخفاخ اتهامات بالارتباط بقضايا التربح المالي.
وضمت حكومة الفخفاخ 6 وزارات من حركة النهضة شملت وزارة الصحة (عبد اللطيف المكي) ووزير الشؤون المحلية (لطفي زيتون) ووزير المواصلات (أنور معروف) وعددا من كتاب الدولة.
aXA6IDE4LjIxNi45OS4xOCA=
جزيرة ام اند امز