الجملي في اختبار تشكيل حكومة تونس.. واجهة إخوانية أم صوت مستقل؟
مصادر تونسية تؤكد أن طاولة مشاورات الحكومة الجديدة ستقتصر مبدئيا على الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان
يدخل الحبيب الجملي رئيس الحكومة التونسية المكلف من قبل الرئيس قيس سعيد، الإثنين، في مشاورات مع الأحزاب السياسية للاستقرار على أعضاء الوزارة المقبلة، في مدة أقصاها 60 يوماً.
وقالت مصادر مقربة من الجملي لـ"العين الإخبارية"، إن طاولة المشاورات ستقتصر مبدئيا على الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان، موضحة أنه سيتم دعوة حزبي التيار الديمقراطي "يسار الوسط" وحركة الشعب "قومي" للمفاوضات الحكومية رغم رفضهما التقارب بأي شكل من الأشكال مع حركة النهضة الإخوانية.
ويملك حزب التيار الديمقراطي 22 مقعدا في البرلمان التونسي فيما يملك حزب حركة الشعب 16 مقعدا.
وفي تصريحات إعلامية له، تعهد رئيس الحكومة المكلف بالالتزام بالخط السياسي المستقل، زاعماً أن ترشيحه من قبل حركة النهضة الإخوانية لا يمثل انتماء أو ولاء لها.
وتمثل مسألة استقلالية رئيس الحكومة المكلف محل نقاش سياسي في الأوساط الحزبية التونسية، خاصة أن الجملي كان وزيراً للزراعة في حكومة حمادي الجبالي سنة 2011.
الجملي أكد أيضاً أنه لن يتردد في قول كلمة "لا" لحركة النهضة في حال واجه ضغوطات منها ستعطل مسار عمله، لافتاً إلى أنه لم تكن له أنشطة حزبية في الماضي.
إلا أن متابعين للشأن التونسي أكدوا أن تسمية الحبيب الجملي رئيساً للحكومة هو دليل عجز حركة النهضة الإخوانية على الدفع بمرشح من قياداتها لهذا الموقع، معتبرين أن هذا الاختيار مجرد "حيلة إخوانية" لتمرير أجندتها عبر شخصية لا تملك الخبرة السياسية الكافية.
توازنات حزبية
ويتساءل مراقبون للمشهد السياسي التونسي: "هل يستطيع الجملي الصمود أمام الضغوطات الحزبية ويتولى تعيين وزرائه وفق الكفاءة والدراية بالملفات الاقتصادية المطروحة أم أنه سيكون مجرد واجهة لتوازنات حزبية تحكمها خريطة التحالفات؟".
الناشط النقابي رمضان العلوي أكد بدوره أن أسوأ صيغ الحكم هي التي تتبنى "المحاصصة" بين الأحزاب؛ حيث يكون رئيس الوزراء غير قادر على التغيير والإضافة إلا بالعودة للقيادات الحزبية المتحالفة، معتبرا أن هذه المنهجية أثبتت فشلها في تونس منذ سنة 2011، خاصة في زمن حكم الترويكا إبان سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وفي تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، أوضح العلوي أن الملفات الاقتصادية الحارقة تفرض على الحبيب الجملي الابتعاد عن مطالب الأحزاب الضيقة والإسراع في تشكيل الحكومة لتمرير الموازنة العامة للدولة لسنة 2020.
وتابع "أن النقاشات يجب أن تدور حول البرنامج الحكومي وليس على كيفية توزيع الغنائم الوزارية، خاصة أن الظرف الاقتصادي يعتبر صعبا في ظل تنامي المديونية الخارجية وضعف نسبة النمو التي لم تتجاوز عتبة 1%.
أحزاب رافضة للمشاورات
وأمام تعهدات رئيس الحكومة المكلف، جدد الحزب الدستوري الحر (17 مقعدا برلمانياً) رفضه للمشاورات الحكومية مع الحبيب الجملي، أو الدخول في منظومة الحكم التي أنتجها دستور 2014.
ويأتي رفض "الدستوري الحر" الدخول في حكومة الجملي لكونها ستسير على النهج الإخواني حتى لو حاولت إظهار استقلاليتها؛ إذ أن الحل لا يكون إلا بتغيير الدستور والنظام السياسي البرلماني.
وأكدت عبير موسى رئيس الحزب الدستوري الحر لـ "العين الإخبارية" أنها لا تعترف بحركة النهضة كحزب تونسي، متهمة إياه بأنه امتداد للتنظيم الدولي للإخوان وللتيارات الإرهابية في العالم.
من جهته، وضع حزب التيار الديمقراطي (21 مقعداً برلمانيا) شرطًا للدخول في الحكومة وهو الحصول على حقائب سيادية مثل وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري.
واعتبر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي محمد عبو، أن شروطه نابعة من عدم ثقته في حركة النهضة وعدم قبوله الدخول في حكومة للمشاركة الشكلية، مؤكدًا أن حزبه لا يدخل أيضًا في معادلة حكومية تحمل كل أسباب الفشل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وأمام هذا الغموض الذي يخيم على أفق المشهد الحكومي في تونس، يبقى السؤال المركزي الذي يوحد الرأي العام التونسي: هل يستطيع الحبيب الجملي أن يكون عنوان الإنقاذ الاقتصادي في المستقبل؟
aXA6IDMuMTQyLjUzLjE1MSA= جزيرة ام اند امز