الانتخابات التونسية.. دعوات لحشد الأحزاب لمواجهة "الأخونة"
الأحزاب التونسية ذات التوجه العلماني تقف على حقيقة ثابتة، وهي ضرورة تجميع صفوفها، والتحالف من أجل التصدي للتمدد الإخواني داخل البلاد.
مع اقتراب الانتخابات التونسية، بدأت تبوح توازنات المرحلة والاتجاهات العامة لخطوط السير السياسي بأسرارها.
وتجرى الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بينما تسبقها الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
ويقول مراقبون إن الرهان الانتخابي يفرض على جملة من الأحزاب الالتقاء في جبهات واحدة من أجل الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان.
وتقف الأحزاب التونسية ذات التوجه المدني على حقيقة ثابتة، وهي ضرورة تجميع صفوفها والتحالف من أجل التصدي للتمدد الإخواني داخل البلاد وإغلاق المنافذ أمام الأحزاب الدينية.
وفي هذا الإطار جدد رئيس حزب مشروع تونس محسن مرزوق دعوته إلى الأحزاب السياسية الجديدة للالتقاء في كيانات سياسية موحدة للقضاء على ظاهرة "التشتت" الحزبي الذي تعرفه تونس منذ سنة 2011.
هذه الدعوة تأتي في سياق المشاورات المستمرة التي تربط بين حزب مشروع تونس وحزب نداء تونس وحركة "تحيا تونس" خلال هذه الفترة للدخول للاستحقاق القادم بقائمات انتخابية موحدة.
ورغم عدم وجود موقف واضح تجاه هذه المشاورات فإن مصادر مقربة من الرئيس الباجي قائد السبسي أفادت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، بأن الأخير يبارك هذه اللقاءات ويتعامل معها بشكل إيجابي.
وكان قائد السبسي قد أكد في خطابه 6 إبريل/نسيان الماضي بمناسبة المؤتمر الانتخابي لحزب "نداء تونس" على ضرورة أن تتحد الأحزاب "الوسطية" وتتجاوز خلافاتها من أجل المحافظة على المشروع الوطني لتونس.
ويؤكد في هذا السياق، محسن مرزوق، في تصريحات لـ"العين الاخبارية"، أن يده ممدودة لأي مبادرة يكون هدفها تجميع القوى الوسطية، مشيرا إلى أن العمل السياسي الحقيقي يجب أن يتجاوز الطموحات الشخصية إلى الهدف الأسمى وهو إيجاد الآليات لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية وتحقيق النمو المطلوب.
وأوضح مرزوق أنه لا خيار أمام الأحزاب التي تشترك في نفس المرجعية إلا الالتقاء في مشاريع سياسية متحالفة.
هل يكون اتحاد الشغل خيمة تجميع القوى الوطنية؟
ويرى مراقبون أن اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية) يلعب دور المعدل في خارطة المشهد السياسي التونسي، ويملك آلة تعبئة بإمكانها تحشيد الجماهير وتجميع كل الحساسيات السياسية.
وتبقى الذاكرة السياسية التونسية تحتفظ لاتحاد الشغل بدوره في تنظيم "الحوار الوطني" 2014 الذي كان مجالا للضغط على حكومة علي العريض الإخوانية 2013-2014 للتنازل عن السلطة وتقديم استقالتها بعد اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي.
وقال منذر علايمية الباحث والناشط النقابي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الاتحاد بإمكانه أن يعطي دفعا للأحزاب العلمانية من أجل الالتقاء أمام هذا الخطر الإخواني المستمر الذي تشكله حركة النهضة.
وأكد أنه من بين الشروط التي يضعها الاتحاد لدعم الأحزاب الوسطية هو تعهدها بعدم الانخراط في مسار الخصخصة للمؤسسات العمومية التابعة للدولة، وإبطال مشروع اتفاقية "الأليكا" (اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي) مع تطبيق القانون أمام "مافيات" المال والفساد.
الاتحاد الذي نظم إضرابين الأول في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني والثاني في 17 يناير/كانون الثاني 2019 يؤكد من خلال خطابات أمينه العام نور الدين الطبوبي على ثلاث نقاط دعمه لأي حكومة تحارب الفساد والتطرف وتضمن الحقوق الاجتماعية للمواطنين.
أغلبية مشتتة أمام أقلية نافذة
تنطلق كل القراءات الخاصة بالشأن التونسي من حقيقة مفادها بأن الإخوان هم أقلية مجتمعية وسياسية استطاعت البقاء في السلطة بفضل حالات التقاتل الداخلية التي عرفتها الأحزاب المنافسة لها.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد بوعود، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أنه من بين 217 حزبا في تونس يوجد حوالي 150 حزبا يشتركون في نفس المرجعية المعارضة للإخوان.
وأضاف أن التصور الأغلب لمناهضة الإسلام السياسي ما زال يبحث عن وعاء سياسي يجمعه ويدفعه إلى أن يكون قوة سياسية كاسحة، مذكرا أن هذه التجربة نجحت في انتخابات 2014 عندما فاز حزب الباجي قائد السبسي بالانتخابات التشريعية والرئاسية بأغلبية الأصوات.
وأوضح أن نداء تونس كان بإمكانه أن يكون نقطة التقاء للعديد من الأحزاب الجديدة لولا الصراعات الداخلية التي نشبت بين قياداته وأدت إلى تفتت الحزب وخسارة أغلبيته البرلمانية من 86 مقعدا 2015 إلى 34 مقعدا في شهر مايو/آيار الجاري.