حرب أذربيجان وأرمينيا.. تركيا تعمق جراح القوقاز
تركيا انخرطت في تزكية نيران الحرب بين الطرفين بإرسال نحو 4 آلاف مرتزق سوري إلى القتال بجانب أذريبجان ضد القوات الأرمينية
تبادلت أرمينيا وأذربيجان، الأحد، الاتهامات بالتسبب بمواجهات دامية وقعت بين الجانبين على خلفية نزاع حول منطقة ناغورني قره باغ، أوقعت 23 قتيلا، وتم اتهام تركيا بإشعال نيران الحرب بين الطرفين.
وزادت أسوأ اشتباكات منذ العام 2016 احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا اللتين انخرطتا على مدى عقود في نزاع للسيطرة على ناغورني قره باغ.
وفيما أعلن الجانبان سقوط مدنيين، قال مسؤولون في إقليم ناغورني قره باغ، المتنازع عليه، إن 16 جنديا أرمينيا قتلوا في المعارك وجرح أكثر من 100 آخرين.
تركيا تشعل حرب القوفاز
وانخرطت تركيا في تزكية نيران الحرب بين الطرفين بإرسال نحو 4 آلاف مرتزق سوري إلى القتال بجانب أذريبجان ضد القوات الأرمينية.
هذا الانخراط الذي يثير الفتن بيد الدول دفع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الأحد، إلى دعوة القوى العظمى لمنع انخراط تركيا في النزاع.
وقال باشينيان إنّ "النظام الاستبدادي في أذربيجان أعلن مجددا الحرب على الشعب الأرميني"، وأضاف "نحن على شفير حرب واسعة النطاق في جنوب القوقاز".
كما أعلن الجيش الأرميني، مساء الأحد، أنه يتحرى دقة المعلومات الواردة حول مشاركة مسلحين من سوريا موالين لتركيا في القتال مع أذربيجان، بخصوص إقليم ناجورنو قره باغ.
أما مركز المعلومات التابع للحكومة الأرمينية، فقال، بحسب وكالة رويترز للأنباء، إن هناك أنباء عن مشاركة 4000 عنصر سوري ، يقاتلون في الاشتباكات بجانب أذربيجان.
ويأتي ذلك في أعقاب الاتهامات التي وجهها رئيس منطقة قره باغ، أرايك هاروتيونيان، لأنقرة بإرسال مرتزقة للقتال إلى جانب باكو.
وقال إن لديهم معلومات حول إرسال سلطات أردوغان مرتزقة جوا إلى أذربيجان، لافتا إلى أن الجيش التركي في حالة استعداد في باكو.
ودخلت تركيا على خط الأزمة بإذكاء النار بين البلدين، حيث وجهت انتقادات حادة، في وقت سابق اليوم الأحد، لأرمينيا بعد وقوع اشتباكات هذا الصباح بين قوات البلدين.
وتمادت تركيا في نفخ نار الأزمة المشتعلة بين أرمينيا وأذربيجان، قائلة إن أرمينيا عقبة أمام السلام وتعهدت بمواصلة دعم أذربيجان.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوصول أول دفعة من المرتزقة السوريين التابعين لأنقرة، إلى أذربيجان
ووفق ما ذكره المرصد، صباح الأحد، قامت سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بنقل دفعة من مقاتلي الفصائل السورية الموالية لها، من منطقة عفرين شمال غربي حلب، إلى أراضيها، قبل إرسالهم إلى أذربيجان.
وتعود جذور الخلافات بين تركيا وأرمينيا إلى قضية إبادة الأرمن خلال الحقبة العثمانية، حيث ترفض أنقرة الاعتراف بوجود جرائم حرب ارتكبها العثمانيون وكان ضحيتها الأرمن.
وتصنف 20 حكومة، بينها حكومات فرنسا وألمانيا وروسيا، رسميا قتل الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية على أنه "إبادة جماعية".
ودأبت تركيا على اتهام مَن يصف المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن في الحرب العالمية الأولى بأنها إبادة جماعية بـ"التآمر" ضدها.
وتتهم أنقرة الأرمن، بأنهم عبر جماعات ضغط بمختلف دول العالم، يطلقون دعوات إلى “تجريم” تركيا، وتحميلها مسؤولية تعرض أرمن الأناضول لعملية “إبادة وتهجير” على يد الدولة العثمانية.
وتزعم حكومة "العدالة والتنمية" في تركيا أن الوثائق التاريخية تؤكد عدم تعمد وقوع تلك الأحداث المأساوية.
خسائر ودعوات للتهدئة وحظر تجول
وأوقعت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين نحو 23 قتيلا، فيما أعلن المقاتلين في إقليم قره باغ مقتل امرأة وطفل، كما أعلنت باكو مقتل عائلة مؤلفة من خمسة أفراد في قصف شنّه الأرمينيون.
وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأرمينية أرتسرون هوفهانيسيان، إن جنود قره باغ "قتلوا نحو مئتي جندي أذربيجاني ودمّروا ثلاثين مربض مدفعية للعدو و20 طائرة مسيّرة".
ومن شأن اندلاع مواجهة من هذا النوع بين البلدين الجارين في القوقاز واللذين كانا ضمن الاتحاد السوفياتي السابق أن يدفع روسيا إلى التدخل، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ودعت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى "وقف فوري لإطلاق النار"، فيما صلى البابا فرنسيس ليعم السلام.
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوتر العسكري مع باشينيان داعيا إلى "وضع حد للأعمال العدائية".
وأعلن الكرملين أن "الجانب الروسي أعرب عن قلقه البالغ لتجدد المعارك على نطاق واسع".
ودعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس إلى "وقف فوري للمعارك" في قره باغ.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن القوات الأرمينية انتهكت وقف إطلاق النار، وذكرت أنها أطلقت "عملية مضادة لكبح أنشطة القتال الأرمينية وضمان سلامة السكان" باستخدام الدبابات والصواريخ المدفعية والطيران العسكري والطائرات المسيّرة.
وأعلنت أذربيجان، في وقت سابق الأحد، الأحكام العرفية وحظر التجول في باكو ومدن اخرى عدة، وأكدت أنها سيطرت في قره باغ على جبل موروفداغ الذي يعتبر منطقة استراتيجية بين ارمينيا والمنطقة الانفصالية.
أرضنا المقدّسة
وفي خطاب متلّفز وجّهه إلى الأمة، تعهّد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأحد، بالانتصار على القوات الأرمينية.
وقال إن "قضيتنا عادلة وسننتصر"، مكررا اقتباسا شهيرا نقل عن خطاب قائد الاتحاد السوفياتي جوزيف ستالين في روسيا خلال الحرب العالمية الثانية".
وتابع علييف أنّ "الجيش الأذربيجاني يقاتل على أرضه. قره باغ أذربيجانية ".
من جهته، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان "استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدّسة"، متهماً أذربيجان بـ"إعلان الحرب" على شعبه.
وأفادت أرمينيا في وقت سابق الأحد أن قوات أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في ناغورني قره باغ بينها عاصمة المنطقة ستيباناكرت، في عملية أسفرت عن مقتل امرأة وطفل.
وقالت زوجة باشينيان أنا هاكوبيان، إنه :" زرت مستشفى في ستيباناكرت للتضامن مع أهلها في قره باغ".
وأكد المتحدث باسم الرئاسة الأذربيجانية حكمت حاجييف، في بيان، "وجود تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين".
وقالت وزارة الخارجية الأذربيجانية "لحقت أضرار جسيمة بالعديد من المنازل والبنية التحتية المدنية".
استئناف الحرب
وانتزع الأرمينيون إقليم قره باغ من باكو في حرب في التسعينات أودت بـ30 ألف شخص.
وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ، الذي يعد بين أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994.
ورغم توقيع اتفاق 1994 وقيام وساطة روسية أمريكية فرنسية تحت اسم "مجموعة مينسك"، لا تزال الاشتباكات مستمرة في شكل متقطع.
وفي الفاتيكان، قال البابا فرانسيس للمصلين في ساحة القديس بطرس إنه "يصلي من أجل السلام ودعا إلى "بوادر ملموسة من حسن النية والأخوة" من الأطراف المتحاربة.
وقال مراقبون سياسيون إن على القوى العالمية تكثيف المحادثات لوقف تطور النزاع.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أوليسيا فارتانيان، من مجموعة الأزمات الدولية، قولها:"نحن على بعد خطوة من حرب واسعة النطاق".
وأضافت أن "أحد الأسباب الرئيسية للتصعيد الحالي هو عدم وجود أي وساطة دولية استباقية بين الجانبين لأسابيع".
وفي تموز/يوليو، أدت مواجهات على الحدود بين البلدين إلى سقوط 17 جنديا على الأقل من الطرفين.
وهددت أذربيجان حينها بضرب محطة أرمينيا للطاقة الذرية في حال هاجمت يريفان منشآت استراتيجية.
ولقي نحو 110 أشخاص حتفهم في آخر مواجهات اندلعت في نيسان/أبريل 2016.
وأثارت الاشتباكات مخاوف بشأن عدم الاستقرار في جنوب القوقاز، وهو ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.