عاد السجال التركي- الأوروبي ليتجدد مع الانتقادات الأوروبية العالية لطريقة تعامل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع معارضيه في الداخل التركي.
عاد السجال التركي- الأوروبي ليتجدد مع الانتقادات الأوروبية العالية لطريقة تعامل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع معارضيه في الداخل التركي.
اعتراضات الأوروبيين جاءت من أكثر من بلد ومسؤول، وتوّجت بقرار البرلمان الأوربي غير الملزم بتجميد عملية التفاوض مع تركيا مؤقتاً. وكان مسؤولون فرنسيون صرحوا الأسبوع الماضي بأن تركيا ليست جزءاً من أوروبا.
الانتقادات الأوروبية جاءت بسبب اعتقال دفعة جديدة من الصحفيين، وإغلاق مؤسسات إعلامية جديدة، لكن اعتقال النواب الأكراد ورؤساء بلديات كردية ومن بينهم أحد أبرز رموز الحركة الكردية رئيس بلدية ماردين النائب السابق أحمد تورك جاء ليدفع بالعلاقة بين أوروبا وتركيا إلى ذروة جديدة من التأزم. وأضافت مسألة سعي وزير العدل التركي للعفو عن مغتصبي الفتيات في حال قبول المغتصب الزواج من الفتاة المغتصبة ليثير موجات احتجاجات داخلية وأوروبية انتهت إلى تراجع الحكومة عن المشروع.
لا تسير العلاقة بين تركيا وأوروبا بما تشتهي سفن الطرفين. فهي عملياً متوقفة منذ عام 2005 أي من لحظة بدء المفاوضات المباشرة للعضوية التركية في الاتحاد. بعد ذلك لم تحرز تركيا أي تقدم في مجال القضايا العالقة ولم تنفذ متطلبات الانضمام.
وجاءت أحداث العالم العربي لتفتح أمام تركيا فرصة تعتبرها مواتية لتجسيد قوتها وزعامتها على المنطقة بدلاً من أن تكون في مفاوضات لا تنتهي مع الاتحاد الأوروبي. المسيرة التركية مع الاتحاد بدأت عام 1963 لكنها لم تسفر عن أي نتيجة.
مؤخراً بادر الاتحاد الأوروبي إلى إجراءات ضد تركيا كعقوبات ناعمة في المرحلة الأولى ومنها تجميد المفاوضات، المتعثرة أصلاً والتي تنتظر اجتماعه الدوري في الشهر المقبل.
وكما في كل توتر بين الطرفين يلمّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إمكانية انضمام تركيا إلى منظمات دولية أخرى للتعاون.
وبرز في هذا الإطار منظمة شنغهاي للتعاون. وكان أردوغان كرر سابقاً أنه يريد الانضمام إلى المنظمة وهو ينتظر إشارات إيجابية منها. والمنظمة مؤلفة من ستة أعضاء هم روسيا والصين وقرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان وكازاخستان. فيما العديد من الدول بينهم الهند وباكستان لهم صفة أعضاء مراقبين فيها. أي إن المنظمة آسيوية بامتياز وهي مرشحة للتوسع لتضم دولاً منها باكستان والهند وإيران.
فرصة تركيا للانضمام إلى المنظمة لا تزال نظرية وهي تستخدم كوسيلة ضغط تركية على الغرب عموماً لتخفيف مواقفه من النظام التركي ومن مسألة اللاجئين.
لكن المراقبين لا ينظرون بجدية إلى التصريحات التركية. فالاقتصاد التركي مرتبط بأكثر من نصفه مع الاقتصاد الأوروبي، وثمانون في المئة من الاستثمارات الأجنبية في تركيا هي أوروبية وغربية.
وأوروبا هي مصدر المعلومات التكنولوجية لتركيا. ولكن العقبة الأبرز أمام تركيا في هذا الإطار البعد العسكري. حيث إن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي ولا يمكن لها بالتالي أن تكون كاملة العضوية في شنغهاي من دون الخروج من الأطلسي. وفي الوقت نفسه فإن منظمة شنغهاي بدورها لن تقبل عضوية كاملة لأي عضو في حلف شمال الأطلسي.
والجميع يذكر مثلاً كيف أن تركيا وقّعت قبل عامين على صفقة صواريخ صينية مع بكين لكن في اللحظات الأخيرة تراجعت عنها بسبب اعتراضات الأطلسي الذي لا يمكن أن يدخل نظاماً صاروخياً لا يتوافق مع شيفراته وكوداته.
من هنا فإن تركيا عندما تلوح بشنغهاي فإنما من أجل ابتزار الغرب بجناحيه الأطلسي والأوروبي. مع ذلك فإن مجرد التلويح بشنغهاي تعبير عن الأزمة العميقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي والتي تتعدى رغبة كل طرف من عدمها في قبول تركيا في الاتحاد لتصب مباشرة في مكان آخر له علاقة بتوازنات القوة. وهو سجال سيستمر إلى الأبد ما دامت تركيا لا تريد الانضمام إلى الاتحاد والاتحاد لا يريد تركيا في صفوفه.
* نقلاً عن " الخليج "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة