غلق السفارات بتركيا.. دبلوماسي متقاعد يكشف لـ"العين الإخبارية" أبعاد الأزمة
كشف الدبلوماسي التركي المتقاعد أونور أويمن، عن أبعاد وأسرار عملية غلق دول غربية لقنصلياتها بتركيا، بدعوى "التهديد الإرهابي والأمني".
وشرح أويمن -في حوار خاص لـ"العين الإخبارية"- طرق تعامل أنقرة مع أي تهديدات أمنية أو إرهابية للقنصليات والسفارات، وما يجب عمله بحسب الأعراف الدبلوماسية بين الدول في مثل هذه الحالات.
- إغلاق سفارات غربية في تركيا.. أزمة مصطنعة أم تهديدات أمنية؟
- التضخم يتراجع للشهر الثالث في تركيا.. هل تنجح نظرية أردوغان؟
جاء ذلك بعد عمليات حرق القرآن الكريم التي بدأت أمام قنصلية تركيا بالسويد ثم انتشرت في العديد من الدول الأوروبية، وعلى أثره أصدرت سفارات عدد من البلدان بينها أمريكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا والسويد وسويسرا تحذيرات أمنية من السفر إلى تركيا.
وبعد ذلك، أغلقت هولندا وألمانيا وفرنسا وسويسرا مؤقتًا قنصلياتها في إسطنبول بدعوى "الخطر الإرهابي".
انتقاد تركي للمزاعم الغربية
وفي هذا الإطار، وجه وزير الداخلية سليمان صويلو رسائل قاسية للغرب بشأن التحذيرات الأمنية وإغلاق القنصليات، ووصف تصريحات السفارات التي أدلى بها المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جيليك، بأنها "غير مسؤولة".
قال جاويش أوغلو، منتقدًا الدول التي أغلقت قنصلياتها: "لا يوجد تبادل ملموس للمعلومات، وهذه التصريحات يتم طرحها عن قصد".
وأوضح وزير الخارجية التركي كيف عزّزت بلاده أمنها، مؤكدا أن تركيا "تحارب جميع المنظمات الإرهابية في نفس الوقت، بما في ذلك داعش، وحزب العمال الكردستاني".
وأضاف: "عززنا أمننا بعد وقائع حرق القرآن الكريم، ونحن نعلم أن بعض الدول يطلبون من البلدان الأخرى الانضمام إلى إجراء هذا الإغلاق".
وتابع: "إذا اتخذوا مثل هذه الخطوات دون مشاركة معلومات ووثائق محددة، فستكون لدينا أيضًا خطوات إضافية، وأبلغنا عن هذا بالأمس".
إضافة إلى ذلك، تم استدعاء سفراء 9 دول، بمن في ذلك ألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة وسويسرا، إلى وزارة الخارجية.
* من أين تأتي المعلومات حول التهديد "الإرهابي" ضد البعثات الدبلوماسية؟ وكيف تتم العملية بعد ذلك؟
أوضح الدبلوماسي المتقاعد أونور أويمن أنه إذا تم تلقي معلومات استخبارية تفيد باحتمال وقوع هجوم مباشر على القنصليات، ففي مثل هذه الحالات النادرة، قد تُغلق القنصليات لفترة قصيرة، وهذا هو الإجراء.
وتابع: "لا يمكننا معرفة من أي مصادر تتلقى استخبارات الدول معلومات منها، ولكن في حالات مماثلة، سبق للدول المعنية أن حذرت مواطنيها في تلك الدولة من مناطق أو أنشطة معينة. ومع ذلك، إذا تم تلقي معلومات استخبارية تفيد باحتمال وقوع هجوم مباشر على القنصليات، ففي حالات نادرة، قد تُغلق القنصليات لفترة قصيرة. بشكل عام، هذه هي الطريقة".
ولفت إلى أنه "عندما يتم تلقي معلومات استخباراتية عن الهجوم، فإن ذلك يخلق مشكلة خطيرة للغاية حال عدم مشاركة تلك الدولة محتوى وتفاصيل المعلومات".
وأضاف: "من المهم أن نعرف طبيعة المعلومات الاستخباراتية، لأنه إذا كانت المعلومات عن عمل يستهدف البلدان بالاسم، فإن الوضع يختلف إذا كان هناك هجوم على قنصليات أجنبية وممثلين دبلوماسيين متوقعين".
وتابع: "الخيار الثاني، حتى لو لم تكن هناك معلومات استخباراتية موجهة مباشرة إلى دول محددة، أو إذا كان هناك هجوم على البعثات الدبلوماسية بشكل عام، فيمكنهم أيضًا استخلاص استنتاج من هذه المعلومات الاستخباراتية".
واستدرك: "لكن الشيء المهم هو أنه عندما تتلقى مثل هذه المعلومات الاستخبارية، فإن أول شيء ستفعله هو إبلاغ سلطات ذلك البلد. قبل مشاركتها فيما بين دول أخرى".
وأشار إلى "ضرورة مشاركة تركيا بتلك المعلومات حتى تتمكن سلطاتنا من اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة بشكل أكثر فعالية، واتخاذ التدابير اللازمة والقبض على هؤلاء الناس وتقديمهم إلى العدالة، وهذا هو الإجراء المتبع في العلاقات الدولية".
* ما خطورة عدم مشاركة المعلومات الاستخباراتية عن الهجوم لسلطات البلد المستهدف؟
- أوضح الدبلوماسي التركي المتقاعد أن "عدم الإبلاغ ومشاركة المعلومات يخلق مشكلة خطيرة للغاية".
ولفت إلى أن "العنصرية وكراهية الأجانب أصبحت مرضا اجتماعيا في تلك الدول، الذي أصبحت مصدر الجريمة الرئيسي، ويجب على الدول أن تعمل معًا للتصدي لهذه الجرائم بدلا من لوم تركيا أو دول أخرى".
وأضاف: "يجب أن تثير تركيا هذه القضية في الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والمجلس الأوروبي، وجميع المنظمات الدولية ذات الصلة".
واستطرد: "قلت للتو، إن تركيا تحتاج إلى التعبير عن مطالبها بشأن هذا الموضوع في كل مناسبة، سواء من خلال الصحافة أو المنظمات الدولية، أو الاجتماعات الدولية".
* لماذا تغلق القنصليات؟
وعلق الدبلوماسي المتقاعد والسفير السابق أونور أويمن، على سبب غلق بعض الدول الغربية لقنصلياتها، مؤكدا أن "هناك حاجة إلى النظر في جوهر الأمر، لأنه في بعض الدول الأوروبية، يتم تقييم الاعتداءات على الأديان في إطار حقوق الإنسان، ولا تتم معاقبة مرتكبي هذه الاعتداءات".
وأضاف: "في بعض البلدان، تعتبر هذه جريمة بموجب القانون، ولكن في الممارسة العملية، لم يتم اتخاذ أي إجراء. علاوة على ذلك، فهو ليس مجرد وضع خاص للبلدان الإسلامية. لأنه في بعض البلدان لا تتم معاقبة من يرتكب أعمال عنف ضد اليهود، كما أن هناك احتجاجات ضد المعابد والمقابر اليهودية. يجب النظر في كل هذه الأمور معًا".
واستطرد: "لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا الموقف على أنه نهج أو فعل موجه نحو المسلمين فقط، وراء كل هذا يكمن رهاب العنصرية".
ولفت إلى أن "تصرفات النازيين الجدد انتشرت على نطاق واسع في ألمانيا على وجه الخصوص، ونرى أن هناك 23000 جريمة على الأقل سنويا. بعضها عبارة عن أعمال دعائية، وحوالي 900 عملية عنف".
واختتم بالتأكيد على "ضرورة ألا ننسى أن هذه ليست مسألة تركيا فقط، بل هي قضية تهم جميع الدول، لأن العنصرية أصبحت مرضًا اجتماعيًا في أوروبا. والهجمات غير المتناسبة على الأجانب وقيمهم ومعتقداتهم ومؤسساتهم ودولهم وصلت إلى مستوى لا يمكن تفسيره بحقوق الإنسان بعد الآن".
aXA6IDE4LjExOS4xOTIuMiA= جزيرة ام اند امز