رئاسيات تركيا.. تحديات وقضايا بانتظار الفائز
تشكل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية أخطر تحد سياسي للرئيس رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى السلطة قبل 20 عاما.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه يوجد الكثير من القضايا على المحك بانتظار الفائز بالانتخابات.
ففي ظل حكم أردوغان نما دور تركيا كوسيط إقليمي ودولي بشكل كبير، ما جعل نتائج الانتخابات الرئاسية موضع متابعة عن كثب في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم.
وقاد أردوغان تركيا منذ توليه رئاسة الوزراء عام 2003، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2014، عندما تولى منصبه كرئيس، وفي عام 2017 نجح في توسيع سلطات الرئيس في استفتاء استبدل النظام البرلماني التركي برئاسة تنفيذية وألغى منصب رئيس الوزراء.
وأعطى الاستفتاء لأردوغان سلطة إصدار المراسيم دون موافقة برلمانية، وهو ما اعتبره خصومه محاولة لترسيخ حكمه الاستبدادي.
رغم ذلك، يقود أردوغان قاعدة كبيرة ومخلصة من المؤيدين، والتي حاول توسيعها هذا العام عبر طرح سريع للتسهيلات الاقتصادية، بما في ذلك الإعفاء الضريبي وقروض الرهن العقاري منخفضة الفائدة ودعم الطاقة وتعهدات بعدم زيادة رسوم الطرق والجسور.
هل تستطيع المعارضة التركية تحقيق المستحيل؟
يواجه أردوغان تحالفا من ستة أحزاب معارضة اختارت كمال كليجدار أوغلو كمرشح للرئاسة.
تولى كليجدار أوغلو، البالغ من العمر 74 عامًا رئاسة حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، في عام 2010، وعلى الرغم من فشله السابق في قيادة حزبه للفوز على حزب العدالة والتنمية (الذي يقوده أردوغان) في الانتخابات البرلمانية، لكنه استغل وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال خلال الانتخابات البرلمانية الحالية، لإعادة تقديم نفسه للناخبين هذه المرة.
وتعتمد كتلة كليجدار أوغلو على دعم ناخبي المعارضة الذين حققوا انتصارات في عام 2019 في انتخابات رئاسة بلدية المدن الكبرى خاصة في إسطنبول، حيث هزم عضو حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو المرشح الذي اختاره أردوغان.
واختار كليجدار أوغلو، النجم السياسي الصاعد، إمام أوغلو كمرشح لمنصب نائب الرئيس حال فوزه، إلى جانب عمدة أنقرة منصور يافاس من حزب الشعب الجمهوري.
وركز كليجدار أوغلو على القضايا التي أدت إلى تقوض شعبية أردوغان، ووعد بحل أزمة غلاء المعيشة وحماية المساواة بين الجنسين وإعطاء الأولوية لسيادة القانون عبر إصلاح القضاء، الذي يقول منتقدو أردوغان إنه استخدم كسلاح من قبل الحكومة لاستهداف خصومها.
كما وعد كليجدار أوغلو بالعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية واستعادة نظام الحكم البرلماني، وإعادة منصب رئيس الوزراء وتقليص صلاحيات الرئيس.
ماذا تعني الانتخابات لأوروبا وحلف شمال الأطلسي؟
ربما تكون السويد أكثر دولة أوروبية تراقب انتخابات تركيا عن كثب، بعد عرقلة أردوغان مساعيها للانضمام إلى عضوية الناتو، عقب رفضها تسليم "الإرهابيين" المنتسبين إلى حزب العمال الكردستاني.
في المقابل، أكد كبير مستشاري السياسة الخارجية لكليجدار أوغلو أونال سيفيكوز، لمجلة بوليتيكو في مارس/آذار، أنه لن يقف في طريق طموحات السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
كما وعد كليجدار أوغلو بتعزيز علاقات تركيا المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من احتمالية إلغاء تجميد محادثات الانضمام المتوقفة منذ فترة طويلة، والتأكيد على أهمية تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون بشأن الهجرة واللاجئين.
مع تصاعد المد القومي.. ما مصير اللاجئين حال فوز كليجدار أوغلو؟
وعلى الرغم من الترحيب بالسوريين في تركيا، تحول الرأي العام ضدهم، وأصبحوا هدفا شعبيا للسياسيين القوميين المتطرفين الذين يسعون إلى تحميلهم تبعات الانكماش الاقتصادي في البلاد.
ووجه أردوغان اللوم إلى الأتراك لمهاجمتهم اللاجئين، لكنه لم يلبث أن رضخ أيضا للضغط العام من خلال وعده بإعادة توطين مليون سوري في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في بلادهم.
ورغم وعد كليجدار أوغلو بإصلاح سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه أطلق العديد من التصريحات المماثلة لما قاله أردوغان بشأن اللاجئين، مثل مطالبة الاتحاد الأوروبي بتوفير الأموال للمقاولين الأتراك لإعادة بناء أجزاء من سوريا لإعادة توطينهم، وأطلق تهديدات للاتحاد الأوروبي أنه في حال عدم تقديم هذه الأموال فإنه "سوف يفتح الباب أمام اللاجئين للذهاب أينما يريدون".
ماذا تعني الانتخابات للحرب الروسية في أوكرانيا؟
بعد انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا العام الماضي قدمت تركيا نفسها على الفور كوسيط، واستضافت جولة أولية من المحادثات الدبلوماسية بين موسكو وكييف، لكن هذه الجهود تلاشت مع اشتداد الصراع، لكن تركيا استضافت الصيف الماضي توقيع الاتفاق الذي عقد بوساطة أممية لخروج شحنات الحبوب التي كانت قد حظرتها روسيا.
يُعرف أردوغان بخطواته المتزنة، فقد رفض الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا لكنه سمح ببيع طائرات مسيرة لأوكرانيا، والتي تم استخدامها ضد أهداف روسية في الحرب، وواصل استيراد النفط الروسي واقترح في مارس/آذار أن يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول مفاعل نووي تركي في أبريل/نيسان، ليشارك بوتين عبر الفيديو بدلا من الحضور.
وفي المقابل، تعهد كليجدار أوغلو حال فوزه بالرئاسة بتعزيز العلاقات التركية الروسية، والاستمرار في دور الوسيط والعمل على تمديد صفقة الحبوب مع إعطاء الأولوية لمكانة أنقرة كعضو في الناتو.
aXA6IDE4LjIyNy40OS43MyA= جزيرة ام اند امز