"مطرقة" أردوغان تزج بصحفي تركي في السجن 17 عاما
أصدرت محكمة تركية، اليوم الإثنين، حكما بالسجن لمدة 17 عامًا وشهرا واحدا على الكاتب الصحفي محمد بارانصو، على خلفية قيامه قبل 10 أعوام بالكشف عن قضية الدولة العميقة التي كانت تخطط للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان، لكن الأخير برّأ كافة المتهمين.
جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "حرييت"، وتابعته "العين الإخبارية"، حيث أشارت إلى أن الدائرة الثانية بمحكمة الجنايات في إسطنبول وجهت إلى الصحفي المذكور 4 اتهامات من بينها تهمة "إفشاء وثائق سرية للدولة".
وكان محمد بارانصو المعتقل منذ العام 2015، قد نشر عبر جريدة طرف المغلقة حاليًا، في العام 2010 وثائق تفضح مخطط انقلاب “المطرقة” على حكومة أردوغان، حينما كان رئيسًا للوزراء.
الوثائق المذكورة دفعت النيابة العامة لفتح تحقيقات أسفرت عن اعتقال عدد كبير من الضباط والجنرالات خططوا لإجراء انقلاب عسكري عام 2003، على أردوغان.
إلا أنه كان من المثير أنه تم الإفراج عن المدانين في قضية انقلاب المطرقة بعد واقعة فضائح الفساد والرشوة عام 2013، التي أغلق التحقيق فيها بأمر من أردوغان، الذي تحالف لاحقا مع كيان الدولة العميقة.
وكان قد صدر في يوليو/تموز الماضي حكم بالسجن لـ19 عامًا و6 أشهر في يوليو/تموز الماضي، عن الدائرة الثانية بمحكمة الجنايات في مدينة "مرسين"، غير أنه أعيدت محاكمته ثانيًا لعدم اختصاص المحكمة المذكورة.
الكاتب الصحفي بالوثائق التي نشرها كشف عن وجود شبكة داخل الجيش التركي تخطط منذ عام 2003 للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية في عملية عرفت باسم “باليوز” أو “المطرقة الثقيلة”.
وساند أردوغان هذه القضية وأمثالها من القضايا الأخرى، إلا أنه تخلى عن ذلك بعدما تحالف مع أعدائه القدماء عقب تحقيقات الفساد والرشوة في 2013 التي اتهم فيها وزراء ورجال أعمال مقربون من أردوغان، وكانت بمثابة الفضيحة الكبرى.
وأخرج على إثر ذلك أردوغان المتهمين من السجن في 2014، وبدأوا جميعا ينفذون عمليات للانتقام من كل من ساهم في هذه القضايا من قادة الأمن والمدعين العامين والقضاة والصحفيين.
تحول موقف أردوغان
في صباح 17 ديسمبر/كانون أول 2013، أمر المدعيان العامان جلال كارا ومحمد يوزكيتش، بتنسيق من المدعي العام الشهير زكريا أوز، الذي سبق أن أشرف على قضية تنظيم “أرغنكون” الإجرامي الانقلابي، بإطلاق عملية كبيرة أصابت الجميع بالصدمة.
وأسفرت العملية عن احتجاز 89 شخصًا، بينهم باريش غولر، نجل وزير داخلية تلك الفترة معمر غولر؛ وصالح كاغان تشاغلايان، ابن وزير الاقتصاد ظفر تشاغلايان؛ وعبد الله أوغوز بايركتار، نجل وزير البيئة والتخطيط العمراني أردوغان بايركتار؛ والمدير العام لبنك “خلق” الرسمي سليمان أصلان.
وتم كذلك احتجاز اثنين من مشاهير عالم الأعمال علي آغا أوغلو والإيراني رضا ضراب، وعمدة بلدية “فاتح” في إسطنبول مصطفى دمير، وذلك بتهمة “الرشوة، وإساءة استخدام السلطة، والاختلاس في المناقصات العامة، والتهريب وتبييض الأموال”.
ثم أصدرت المحكمة، بعد النظر في الأدلة، قرارًا باعتقال 26 شخصًا من المتهمين، بينهم أبناء الوزراء الثلاثة، ومدير بنك “خلق” سليمان أصلان، ورضا ضراب؛ في حين أن المحكمة قضت بإخلاء سبيل ابن وزير التخطيط العمراني بايركتار، ورجل الأعمال آغا أوغلو، وعمدة بلدية فاتح، قيد المحاكمة.
اعتبر أردوغان رئيس الوزراء في ذلك الوقت قضية الفساد والرشوة “عملية سياسية” تستهدف الإضرار بحكومته والاقتصاد التركي، بل وصفها بـ”محاولة انقلاب” يقف وراءها ما أسماه “الكيان الموازي”، قاصدًا به حركة غولن.
ولذلك لم يتردد أردوغان في اتخاذ تدابير لتبرئة المتهمين وإفلاتهم من قبضة السلطات الأمنية والقضائية.
بدأ أردوغان يهاجم بشراسة في جميع خطاباته “الكيان الموازي” أو “الدولة الموازية”، غير أن هذه الكلمة أو المفهوم لم يكن مألوفًا لدى الشارع التركي.
ولم يستخدم أردوغان هذا المصطلح من قبل بحق حركة الخدمة، بل لم يتخذ موقفًا سلبيًّا – في العلن على الأقل – من هذه الحركة طيلة عقد كامل من حكمه، باستثناء الخلاف حول إغلاق “معاهد التحضير الجامعي” الذي نشب بين الطرفين قبل عدة شهور من تحقيقات الفساد، الأمر الذي أفضى إلى الارتباك والالتباس في الأذهان.
وانقسم الشارع تبعًا لذلك بين مؤيد لأردوغان في أطروحته ومعتبرٍا الكيان الموازي “حقيقة”، ومعارض له ومعتبرا إياه “وهمًا” يضعه رئيس الوزراء التركي آنذاك أمام شعبه ليتمكن من التستر على فساد حكومته.
وعقب ذلك أراد أردوغان أن يقوي جبهته، فروج من خلال أبواقه الإعلامية ما مفاده أن التحقيقات في قضيتي "المطرقة" و"أرغنكون" كانت بتدبير من رجال غولن في القضاء، فأعاد التحقيق وأفرج عن كل المتهمين، وبدأ في الانتقام من كل من كشف عن تلك القضايا على اعتبار أنهم من أتباع الحركة.
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA= جزيرة ام اند امز