مراوغة مفضوحة من مرشح أردوغان بإسطنبول لحصد أصوات الأكراد
يلدريم لم يجد حرجا في أن يستخدم كلمات كردية واسم "كردستان" الذي أعلنت حكومة أردوغان حربا شعواء على من يردده.
كعادة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية، الحاكم، في استجداء الناخبين من أجل الظفر بأي استحقاق انتخابي، حتى وإن كان ذلك الاستجداء كذبا ونفاقا، سار مرشح الحزب في انتخابات إسطنبول المعادة، بن علي يلدريم على نفس الدرب، وبدأ مداهنة الناخبين الأكراد، والتودد إليهم ولو كذبا من أجل التصويت له.
- "صنداي تايمز": "البلطجة" سلاح أردوغان لاستعادة بلدية إسطنبول
- استطلاعات الرأي تؤكد تفوق إمام أوغلو في انتخابات إسطنبول
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "برغون" المعارضة، السبت، فقد ألقى يلدريم كلمة بمدينة ديار بكر عاصمة ولاية تحمل ذات الاسم، وتتمتع بأغلبية كردية، لم يجد مرشح أردوغان حرجا من أن يستخدم كلمات كردية فيها، بل ويستخدم اسم "كردستان" الذي يرمز للدولة الكردية التي طالما أعلنت حكومة أردوغان حربا شعواء على من يردد هذه الكلمة من المعارضين الأكراد، وصلت لدرجة إحالة عدد من نوابهم بالبرلمان للقضاء ومحاكمتهم على خلفية استخدامها.
الصحيفة المذكورة نقلت عن النائبة البرلمانية الكردية، عائشة آجار باشاران، استنكارها لهذه "المراوغة المفضوحة" التي تبناها يلدريم في كلمته، إذ قالت معلقة على الأمر: "الطفل الكردي الذي يبلغ من العمر 5 أعوام يدرك جيدًا أن يلدريم قال ذلك من أجل الانتخابات ليس إلا؛ لكن هذه التكتيك الذي دأب العدالة والتنمية على استخدامه لن يجد مقابلا وصدى لدى الأكراد".
وذكرت الصحيفة كذلك أن الرئيس أردوغان، الذي يقود العدالة والتنمية، قبل الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي، كان يقول دائما: "لا يوجد مكان اسمه كردستان"، مضيفة "ولا تزال الذاكرة عامرة بالعقوبات التي تعرض لها نواب أكراد بالبرلمان جرّاء استخدامهم هذه الكلمة بين الحين والآخر".
كما سلطت الضوء على هذا التناقض الغريب في مواقف أردوغان ورجاله، مرجعة ذلك إلى أن "الرغبة في الفوز بالانتخابات تجعل الرئيس ورجاله لا يتوانون عن استخدام كل الأوراق دون خجل".
وبيّنت أن في إطار "ذلك النفاق" استهل يلدريم كلمته في ديار بكر بإلقاء التحية على الحضور باللغة الكردية، وأشار إلى التمثيل الذي حظي به الأكراد أيام مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك في بداية تأسيسه للبلاد عام 1923.
النائبة عن ولاية باطمان، نائب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، المسؤولة عن لجنة حقوق الإنسان بالحزب، باشاران، ذكرت تعليقا على الأمر أن "حزب العدالة والتنمية دأب قبيل كل استحقاق انتخابي على مداعبة الناخبين الأكراد من خلال توجيه رسائل له، رغم أن الحزب لا يزال يتبنى سياسات معادية للأكراد".
وتابعت قائلة: "فعلى خلفية ذكره كلمة (كردستان)، تلقى النائب الكردي، عثمان بايدمير، عقوبة بمنعه حضور 3 جلسات بالبرلمان، وقُطع راتبه طيلة هذه الفترة".
وأشارت إلى أنه "حتى البرلمان الذي يعتبر المكان الأكثر حرية لا يمكن للنائب الكردي أن يردد داخله كلمة كردستان، والآن يلدريم يستخدمها لأجل الانتخابات".
بدورها علقت نائبة حزب الشعوب الديمقراطي في مدينة سِرت، وعضو اللجنة الدستورية ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان، ميرال دانيش بَشطاش، على تصريحات يلدريم، قائلة: "إن سرقة ملعقة عسل في فم الأكراد خلال فترة الانتخابات لن يجد فائدة".
وأكدت: "كردستان ليست مكانًا موجودًا عندما تريدون، وغير موجودًا عندما لا تريدون".
وتابعت: "يبحثون عن حسابات سياسية دورية، عندما يذهبون إلى أنقرة، فإنهم يعاقبون النواب بسبب استخدام هذه الكلمة ويقولون لا يوجد مثل هذا المكان، فإن طرحها قبل أو أثناء الانتخابات أمر خاطئ للغاية وله عواقب سلبية".
وسبق أن ذكر الكاتب التركي، صباح الدين أونكيبار، في مقال له منتصف مايو/أيار الماضي، أن مسؤولي العدالة والتنمية بمناسبة شهر رمضان قاموا بزيارة قيادات دينية كردية لم تصوت في الانتخابات الماضية؛ وذلك لإقناعهم بالتصويت لصالح الحزب.
وأضاف "أونكيبار" أن "مسؤولي الحزب طالبوا تلك القيادات بإقناع الناخبين الأكراد المتدينين الذين لم يصوتوا خلال الانتخابات السابقة، أن يصوتوا في جولة الإعادة لصالح حزب العدالة والتنمية"، مفيدا بأن المبلغ الموزع تجاوز 50 مليون ليرة.
ومني العدالة والتنمية بخسارة كبيرة في الانتخابات المحلية الأخيرة؛ حيث فقد أهم وأكبر المدن التركية وعلى رأسها إسطنبول، التي فاز بها المرشح عن حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، متفوقًا على يلدريم، ما مثّل هزيمة معنوية كبيرة لأردوغان وحزبه، لما للمدينة من رمزية كبيرة؛ حيث كانت المحطة التي أوصلت أردوغان للرئاسة.
وعقب انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج الأولية، بدأ حزب أردوغان في تقديم سلسلة من الطعون والاعتراضات التي رُفض بعضها وقُبل البعض الآخر، منها قبول طلب العدالة والتنمية الخاص بإعادة انتخابات رئاسة البلدية الكبرى، وبناء عليها تم اتخاذ قرار الإلغاء.
وعلى إثر ذلك، قررت اللجنة العليا للانتخابات يوم 6 مايو/أيار الماضي، إعادة التصويت بإسطنبول في 23 يونيو/حزيران؛ بزعم وقوع مخالفات تصويتية كبيرة، وسط صدمة كبيرة من الأتراك والمهتمين بالشأن التركي، الذين أجمعوا على عدم قانونية القرار، وأنه جاء نتيجة ضغوط النظام الحاكم.
ويوم 22 مايو/أيار، أصدرت اللجنة العليا للانتخابات تقريراً تضمن أسباب إلغاء انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول وإعادتها الشهر المقبل.
وساقت اللجنة في قرارها المكون من 250 صفحة، ذريعتين اعتمدت عليهما في إلغاء انتخابات إسطنبول، أولاهما مخالفة القوانين المعمول بها في رؤساء 754 صندوق اقتراع، وثانيهما عدم وجود توقيع على محاضر فرز 108 صناديق.