كاتب تركي عن فصل داود أوغلو: "مقصلة الثورة الفرنسية"
فهمي كورو يؤكد أنه "لم تعد هناك مقصلة، وحلت محلها آليات أخرى لمعاقبة السياسيين مثل الفصل والعزل من الأحزاب التي ينتمون لها".
شبّه كاتب تركي، الثلاثاء، فصل حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان لرئيس الورزاء الأسبق أحمد داود أوغلو، باستخدام المقصلة في أحداث الثورة الفرنسية.
- صراع أردوغان وداود أوغلو.. "صندوق أسود" يهدد وجود "العدالة والتنمية"
- قيادي مفصول من "العدالة والتنمية": أردوغان ديكتاتور
وقال الكاتب فهمي كورو إن "هذا القرار أعاد لذاكرته ما حدث إبان الثورة الفرنسية "حينما أرسل ماكسيمليان روبسبيار، أكثر أصدقائه وفاء جورج دانتون، حبيب الشعب، إلى المقصلة (5 أبريل/نيسان 1794)، ولم يتردد فيما بعد أن يرسل المزيد من الأصدقاء إلى المقصلة ذاتها".
وتابع قائلاً: "لكن اليوم لم تعد هناك مقصلة، وحلت محلها آليات أخرى لمعاقبة السياسيين مثل الفصل والعزل من الأحزاب التي ينتمون لها، وهذا ما حدث مع داود أوغلو ورفاقه الذين أعلنوا عن نيتهم تأسيس حزب جديد".
وأضاف: "هناك اتجاه لطرده من الحزب رغم أنه انخرط في الحياة السياسة لأول مرة من داخل أروقة العدالة والتنمية؛ حيث عمل مستشاراً لرئيس الوزراء ثم وزيراً ثم رئيساً للوزراء".
وتابع: "الثورات تأكل أبناءها، وهذا يتضح مع الزمان حيث يأتي يوم ويتحقق ما كنا نراه من قبل مستحيلاً".
وسلطت العديد من الصحف التركية وكتابها، الثلاثاء، الضوء على تداعيات وخلفيات قرار فصل رئيس الوزراء الأسبق و3 من رفقائه، على خلفية مساعيهم الرامية لتأسيس حزب سياسي جديد مناهض لأردوغان.
وفي بيان صادر عنه قال حزب العدالة والتنمية، الإثنين، إن "اللجنة التنفيذية المركزية بالحزب قررت خلال اجتماعها المنعقد 2 سبتبمر/أيلول 2019، وبإجماع الآراء إرسال طلب للجنة الانضباط من أجل فصل الرباعي أحمد داود أوغلو، وأيهان سفر أوستون، نائب الحزب السابق عن مدينة سكاريا (غرب)، وسلجوق أوزداغ، النائب البرلماني السابق عن ولاية مانيسا (غرب)، والذي شغل لفترة نائب الرئيس العام لحزب العدالة والتنمية، وأحد الأسماء المقربة من داود أوغلو".
وفي سياق متصل، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" التركية المعارضة، الثلاثاء، تصريحات جديدة عن سلجوق بوزداغ، أحد المطلوب فصلهم، قال فيها إن "تركيا تدار بعقل رجل واحد وهذا ليس في صالح البلاد".
وأضاف أن "مفهوم الدولة يعني آلية يمكن أن يُظهر من خلالها عدة أشخاص عقلياتهم للنهوض بها على كل المستويات"، معرباً عن انتقاده الشديد للنظام الرئاسي المعمول به في البلاد.
وتابع قائلاً: "حزب العدالة والتنمية يقوم بقطع الغصن الذي يقف عليه، ويفصل رئيس وزرائه (داود أوغلو)، وأحد نواب رئيسه العام (في إشارة لنفسه)؛ والسبب ما قلناه من نقد إيجابي لفتنا من خلاله إلى الأخطاء، لكنهم بدلاً من أن يصححوا أخطاءهم اختاروا الطريق السهل، وهو فصلنا".
وأوضح أن "العدالة والتنمية حتى عام 2013 كان يحل المشاكل، لكن منذ ذلك العام حتى الآن أصبح حزباً تحله المشاكل وتفت عضده، فلقد كان الحزب حركة فضيلة تولي عناية لما يوجه لها من نقد، وتستخلص منه العبر والدروس لتنقد نفسها ذاتياً".
وتابع أوزداغ قائلاً: "العدالة والتنمية لم تكن لديه طاقة لتحمل النقد، فهو يريد الصامتين لا المتحدثين، المادحين لا الناقدين، لكن إذا حاولوا حتى إخراسنا، فالمشاكل والأزمات بادية للجميع ليس منها مهرب، فالشعب ليل نهار يتحدث عن التضخم، والفساد، والبطالة، وعدم تساوي الفرص في التعليم، والظلم في توزيع الدخول".
وأضاف قائلاً: "من الآن فصاعداً القرار للشعب، ونحن سنلتقي رئيس الوزراء داود أوغلو وبقية الأصدقاء، لنصدر بياناً أكثر شمولية حول هذه التطورات".
كما شدد أوزداغ على أن "حزب العدالة والتنمية كان يتعين عليه استخلاص العبر والدروس من الانتخابات المحلية الأخيرة التي مني فيها بهزيمة قاسية أمام أحزاب المعارضة، وخسارته العديد من البلديات الكبرى؛ وفي مقدمتها بلدية إسطنبول التي فاز بها مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو".
في السياق نفسه، تناول الكاتب التركي عبدالقادر سلفي المقرب من أردوغان، القرار في مقال له بصحيفة "حرييت" تحت عنوان "كيف تم اتخاذ قرار الفصل بحق داود أوغلو".
وقال سلفي في مقاله "أردوغان مجدداً فضل خيار المواجهة على المصالحة، وتحرك مبكراً لإجهاض فكرة الأحزاب الجديدة، وبالتالي نحن بعد فصل داود أوغلو أمام مرحلة جديدة بالنسبة لتلك الأحزب المزمعة".
وبيّن أن أروغان خلال مشاركته في أحد التجمعات بمدينة قونيا التي ينحدر منها داود أوغلو، وسط البلاد، كان قد ألمح إلى فصل رئيس الوزراء الأسبق من الحزب، مشيراً إلى أن هذا القرار سيظل مثار جدل على الساحة السياسية التركية خلال الفترة المقبلة.
وتابع قائلاً: "تم اتخاذ القرار بعد اجتماع مطول استمر أكثر من 4 ساعات، وكان أمراً متوقعاً نظراً لانزعاج أردوغان الشديد منذ فترة من التصريحات التي دأب داود أوغلو على الإدلاء بها خلال الآونة الأخيرة".
وأفاد بأن أردوغان "منذ فترة وهو يدرس عملية فصل داود أوغلو مع عدد من القانونيين من كل النواحي، وتم مؤخراً الاستقرار على قرار الفصل، نظراً لاستمرار الرجل في أحاديثه وانتقاداته للحزب".
واعتبر سلفي أن "قرار فصل داود أوغلو يعتبر ولادة مبكرة للحزب الذي كان ينوي تأسيسه، لأن هذا القرار معناه: ها أنت قد فصلت من الحزب الذي ترفضه، فهيا أسس حزبك الجديد".
وجاء قرار فصل داود أوغلو ورفاقه بعد أيام من تلميح أردوغان إلى فصل رئيس الوزراء الأسبق، دون التصريح باسمه؛ حيث قال خلال كلمة له في مدينة قونيا (وسط): "هناك بعض الأشخاص أعضاء بالحزب على الورق، لكنهم قلباً ليسوا معنا، ولن نتوانى عن فصلهم إذا لزم الأمر".
ومن المنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة أن تنعقد لجنة الانضباط بالحزب، لتطلب من الأعضاء الصادر بحقهم طلب فصل أن يدافعوا عن أنفسهم شفاهة أو كتابة، فإذا لم يأتيها رد منهم خلال مدة محددة ستسقط عضويتهم تلقائياً.
يأتي ذلك في ظل فترة يشهد فيها حزب العدالة والتنمية تصدعاً كبيراً؛ بسبب انشقاق عدد من قيادييه السابقين؛ أبرزهم نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان الذي يتجه رفقة آخرين لتأسيس حزب سياسي جديد لمناهضة أردوغان وسياساته.
وفي 8 يوليو/تموز الماضي قدّم باباجان استقالته رسمياً من "العدالة والتنمية"، في خطوة كان لها بالغ الأثر على الحزب الحاكم الذي يعاني من انشقاقات متتالية؛ اعتراضاً على سياسات أردوغان التي أدخلت البلاد في نفق مظلم.
كما يسعى داود أوغلو لتأسيس حزب سياسي جديد لنفس الأسباب التي دفعته في أكثر من مناسبة لتوجيه انتقادات مباشرة للحزب وأردوغان علانية.
وعلى وقع انشقاق باباجان، كشفت وسائل إعلام تركية مؤخراً، عن نية 40 برلمانياً منتمين للحزب الحاكم الانضمام إلى الحزب الجديد.
كما أن 89 عضواً بأمانة حزب العدالة والتنمية في مدينة غازي عنتاب (جنوب)، قدّموا في يوليو الماضي استقالتهم من الحزب، على وقع تراجع أداء الحزب وخسارته بلديات مهمة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة.
وقالت العديد من التقارير الصحفية إنهم يعتزمون الانضمام لحزب باباجان الجديد.
وسارع 4 وزراء سابقين منتمين لحزب أردوغان، الشهر الماضي، إلى تأييد باباجان في خطوته الجديدة.
ويعتزم 40 نائباً من الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية الانضمام لحزب نائب رئيس وزراء تركيا السابق، الذي يؤسس له رفقة رئيس البلاد السابق عبدالله جول، وفقاً لتقارير صحيفة محلية.
ويُرجع النواب الذين يعتزمون الاستقالة من العدالة والتنمية، اتجاههم لهذه الخطوة، إلى إصرار أردوغان على سياساته القائمة حالياً في المجالات كافة.
ويسعى كل من باباجان والرئيس السابق عبدالله جول منذ 3 أشهر تقريباً، لإقناع نواب العدالة والتنمية بالانضمام لحزبهما الجديد.