منذ أن كان طالباً مجتهداً يسعى إلى العمل كبائع فاكهة البطيخ في شوارع إسطنبول كي يدفع مصروفات دراسته، وهو يحلم بأن يعيد المشروع الإسلامي
حلم الرئيس رجب طيب أردوغان أن ينتقل اسمه ومكانته ولقبه، من «فخامة الرئيس» إلى «مولانا الخليفة المعظم».
هذه ليست مزحة، إنها حلم رجل يحلم بإعادة الخلافة العثمانية على نهج فكر جماعة الإخوان المسلمين بأسلوب ومضمون عصري قائم على لغة المصالح.
منذ أن كان طالباً مجتهداً يسعى إلى العمل الشريف كبائع فاكهة البطيخ في شوارع إسطنبول كي يدفع مصروفات دراسته الثانوية، وهو يحلم بأن يعيد «المشروع الإسلامي» إلى المقدمة بعدما عاشت بلاده تحت مظلة العلمانية البغيضة التي فرضها الرئيس التاريخي المؤسس كمال أتاتورك الذي أنهى الموروث العثماني.
بمعنى أن ذلك يتطلب من الرجل أن يتخلى عن أدواره فى قطر والعراق وسوريا وليبيا والسودان، وأن يُحدث انقلاباً كاملاً في سياساته الداخلية والإقليمية. باختصار.. إما أن يتغير الرجل أو خصومه وإما تتغير قواعد اللعبة تماما
من هنا، ومن هذه النقطة الموضوعية، يمكن فهم لماذا يكره الرجل كلًّا من الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد، والأمير محمد بن سلمان.
مبعث الكراهية لهؤلاء أن ثلاثتهم يقفون كعقبة وكسد منيع يمنع ويعطل هذا الحلم التاريخي باستعادة الخلافة.
ثلاثتهم يريدون مشروعاً عربياً معتدلاً، بينما أردوغان يريد مشروعاً إسلامياً عثمانياً إخوانياً متشدداً.
إنها حالة صريحة واضحة في تضارب وتناقض المشروعات بشكل لا يقبل حلولاً وسطاً أو تنازلات من طرف من الأطراف.
مستقبل العلاقة بين أردوغان والزعماء الثلاثة يرتبط بثلاثة احتمالات:
1- أن يرحل أردوغان بعدما تكون قد أطاحت به سياساته المرتبكة في الداخل والخارج وخسائره أمام المعارضة، كما ظهر في نتائج الانتخابات المحلية مؤخراً، وبالذات في انتخابات عمدة إسطنبول، التي فاز فيها مرشح المعارضة بفارق 800 ألف صوت.
2- الاحتمال الثاني أن ينفرط عقد الحلف الثلاثي المصري- السعودي- الإماراتي، وهو أمر لا محل له من الإعراب في الوقت الحاضر، لأن الزعماء الثلاثة لديهم من المصالح الوطنية القوية، والرؤية الإقليمية المشتركة، والعلاقات الشخصية المترابطة ما يجعل هذا الاحتمال شبه مستحيل في الظرف الراهن.
3- أن تتغير الظروف الإقليمية والدولية، بمعنى تغير قواعد اللعبة، مما يضطر أردوغان اضطراراً إلى أن «يتجرع السم» ويسعى لمهادنة التحالف العربي المعتدل. وهذا احتمال ضعيف للغاية؛ لأن ذلك يعني أن يتوقف أردوغان عن أن يصبح أردوغان.
بمعنى أن ذلك يتطلب من الرجل أن يتخلى عن أدواره في قطر والعراق وسوريا وليبيا والسودان، وأن يُحدث انقلاباً كاملاً في سياساته الداخلية والإقليمية.
باختصار.. إما أن يتغير الرجل أو خصومه وإما تتغير قواعد اللعبة تماماً.
وحيث إن المستقبل لا ينبئ بأي تغيير في العناصر الثلاثة، فإن الصراع بين أردوغان وبيننا مستمر حتى إشعار آخر.
نقلا عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة