جرائم المافيا تضع أردوغان ونظامه بمرمى نيران المعارضة
واصلت المعارضة التركية هجومها على النظام الحاكم بسبب الفضائح والجرائم التي أعلن زعيم المافيا مؤخرًا تورط مسؤولين بارزين بها.
وفي هذا الصدد أكد زعيم المعارضة، كمال قليجدار أوغلو، أن صمت نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وعدم تحركه للتحقيق فيما أثير من اتهامات وجرائم من قبل زعيم المافيا، سادات بكر، "دليل على تعاملهم مع المنظمات الإجرامية".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها قليجدار أوغلو، زعيم الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه، الثلاثاء، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو" المعارضة، وتابعته "العين الإخبارية".
هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها التي يدلي بها قليجدار أوغلو، تعليقًا على الفضائح والجرائم التي يواصل زعيم المافيا الكشف عنها منذ أكثر من شهر، في مقاطع فيديو يبثها على قناته بموقع "يوتيوب" وتحظى باهتمام كبير من قبل الأتراك.
زعيم المعارضة وجه سؤالًا للرئيس أردوغان، عن السياسي الموجود بحزب العدالة والتنمية، ويتقاضي 10 آلاف دولار شهريًا من زعيم المافيا، وهو الأمر الذي تحدث عنه وزير الداخلية، سليمان صويلو، حينما وجهت له اتهامات زعيم المافيا، وتكونت جبهة معارضة له داخل الحزب الحاكم.
وتابع قليجدار أوغلو قائلا "على الرغم من علم وزير الداخلية التركي، بشخصية السياسي فإنه لم يدل بأي تصريح أو يوضح من هو هذا الشخص".
وطالب في كلمته، رئيس البرلمان، مصطفي شنطوب، بـ"اتخاذ موقف صارم وأن يضع النقاط علي الحروف في الواقعة، لمعرفة هذا الشخص"، مشيرًا أن "صمت قيادات النظام يدل على أنهم يتقاضون الأموال من زعيم المافيا".
وتكهنت الصحافة التركية أن العضو السابق بحزب العدالة والتنمية، متين كولنوك، يتلقى راتباً شهرياً قيمته 10 آلاف دولار، من زعيم المافيا سادات بكر.
حكومة أردوغان هي الأفشل
وشدد على أن "حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية برئاسة أردوغان، هي الأفشل في تاريخ الجمهورية التركية".
وبيّن، أن "الحزب الحاكم لا يفكر إلا في عائلته ودائرته المقربة، ولا يفكر في تركيا، فضلا عن أنه مرتبط بالمنظمات غير الشرعية"، على حد قوله.
وأردف قائلا "الشعب بحاجة إلى السلام والتعايش، ولا يحتاج إلى سياسيين أو مافيا تدفع الأموال للسياسيين"، لافتًا أن "أردوغان يبحث عن حفرة ليفر إليها، لكن الأمة ستلقنه درسًا قاسيًا في الانتخابات المقبلة".
قليجدار أوغلو أوضح كذلك أن "أردوغان يدير الجمهورية التركية وكأنها مزرعته الخاصه، وأنه لديه قصور أكثر من أي سلطان عثماني، فضلًا عن تحالفه مع العصابات والخارجين عن القانون".
صراع قبيح لخلافة أردوغان
من جانبه اعتبر أحمد داود أوغلو، رئيس حزب "المستقبل" المعارض، رئيس الوزراء الأسبق، أن "تلك الفضائح والاتهامات التي وجهها زعيم المافيا تشير إلى الصراع القبيح بين القيادات على السلطة تمهيدًا لمرحلة ما بعد رحيل أردوغان".
وأضاف الرئيس السابق لحزب العدالة والتنمية، الحاكم، موضحًا أن "كلًا من بن علي يلدريم، آخر رئيس وزراء تركي، ووزيري الداخلية، صويلو، والخزانة والمالية السابق، براءت ألبيرق، صهر أردوغان، كانوا يجدونني عقبة أمام طموحاتهم السياسية".
واستطرد قائلا "من ناحية أخرى، كنت أدير الدولة. اعتقد السيد بن علي يلدريم أن رئاسة الوزراء هي حقه، وأن صويلو جاء من حزب آخر. بينما رأى البيرق أن الحزب هو إرثه".
وأشار أن ألبيرق "جاهل؛ لهذا السبب انهار الاقتصاد، وصويلو جاهل بالأمن، حتى أنه قال بنفسه توليت المهمة دون قراءة مقال أمني".
وأضاف زعيم حزب المستقبل أن “سليمان صويلو رأى -بنفسه- أنه لا يوجد دعم من حزب العدالة والتنمية ولا يوجد دعم شعبي له بعد استهدافه من زعيم المافيا، سادات بكر له. في الواقع، يؤمن 90٪ من المشاركين في الاستطلاعات بإدعاءات سادات بكر عن صويلو”.
وأكد داود أوغلو أن سليمان صويلو سيحرق حزب العدالة والتنمية إذا لزم الأمر.
وأضاف "الصورة التي ظهرت مع مقاطع فيديو بكر هي الصراع القبيح لهؤلاء الأشخاص الثلاثة على السلطة. الكفاح من أجل المضي قدمًا بعد طيب أردوغان".
المخدرات والمافيا والجماعات الإرهابية
على نفس الشاكلة قال الرئيس المشارك بحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، في تركيا، مدحت سنجر، إنه "لا يمكن أن تعمل عصابات المافيا في تهريب المخدرات وغيره، دون علم الحكومة!".
وأضاف في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزبه "أساس هذه الشبكات والعلاقات القذرة هو سياسة الجمود في المشكلة الكردية وسياسات الإنكار، والإبادة والحرب".
وحول تصريحات زعيم المافيا التركي سادات بكر، بأن المخابرات التركية وشركة الأمن التركية "صادات" كانا يرسلان الأسلحة إلى جبهة النصرة السورية، قال سنجار، "هناك اتهامات جدية بشأن أنهم كانوا يمولون الجماعات الإرهابية في سوريا، ونحن سنواصل متابعة هذه الاتهامات، سنكشف الحقيقة بطريقة أو بأخرى»،
واستطرد سنجر قائلا "من تم تمويله بأموال المخدرات؟ إنهم عصابات النصرة وداعش. وسادات بكر يشرح ذلك، يقول أن شركة صادات كانت ترسل الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية. من يقول ذلك هو الهيكل الذي أسسه ورعاه أردوغان في القصر الرئاسي".
وكان بكر قد تطرق في مقطع الفيديو الأخير، الأحد الماضي، إلى واقعة استيقاف شاحنات الأسلحة المزعومة بأنها تابعة للمخابرات التركية، قائلا: "كنت أرسل باسمي شاحنات محملة بالمواد الغذائية والملابس والسترات الفولاذية والعربات المدرعة إلى إخواننا التركمان في سوريا".
وتابع: "وفي وقت لاحق اقترحت علي شركة صادات الأمنية (برئاسة عدنان تانري فردي، مستشار أردوغان السابق)، ضمّ شاحناتهم إلى أسطول شاحناتي لإرسالها إلى قبائل التركمان في سوريا، لكن علمت فيما بعد أن أنها محملة بالأسلحة تم تسليمها لجبهة النصرة بدلا من التركمان”.
وشدد زعيم المافيا على أن الشاحنات المحملة بالأسلحة لم تكن تابعة للجيش التركي والاستخبارات الوطنية وإنما كانت لشركة صادات الأمنية.
كما ذكر أن فريق الوزير السابق، ألبيرق، ومن بينهم، متين قيراط، رئيس الشؤون الإدارية التابعة للرئاسة التركية، يتعاونون مع المجموعات الإرهابية في سوريا ويكسبون مليارات الدولارات من خلال تجارة الأسلحة والنفط الخام والنحاس والشاي.
اتهامات كشفت المستور
اتهامات زعيم المافيا بالفساد والاغتيالات السياسية مرورا بالاتجار بالمخدرات والاغتصاب، والتي كشف عنها على مدار أكثر من شهر، من خلال مقاطع الفيديو، طالت الدائرة المقربة من أردوغان بما في ذلك رئيس وزراء سابق، ومسؤولون كبار وأفراد من أسرهم.
وتركزت التسجيلات بشكل خاص على وزير الداخلية سليمان صويلو، حيث قال بكر إنه "وفّر له الحماية ثم أبلغه عن اتهامات جديدة وشيكة ما أتاح له الفرار من البلاد".
وبدأ بكر بتسجيل الفيديوهات بعد أن دهمت الشرطة منزله في تركيا في أبريل/نيسان الماضي، وأساءت معاملة أسرته كما قال.
ولم يتم إثبات أي من الاتهامات، فيما تصر الشخصيات المستهدفة على البراءة، لكن الفضيحة السياسية التي فجرتها التسجيلات تأتي في أسوأ الأوقات لأردوغان، الذي تتراجع شعبيته وفق استطلاعات الرأي، بسبب ارتفاع معدلات التضخم والانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة التركية.
ولزم أردوغان الصمت أولا ثم دافع الأربعاء وبدون أن يذكر اسم بكر، بقوة عن حكومته ووزير الداخلية صويلو محور الاتهامات.
وقال: "خلال 19 عاما سحقنا المنظمات الإجرامية الواحدة تلو الأخرى"، مؤكدا وقوفه "إلى جانب" وزير الداخلية، مضيفا "نلاحق أفراد العصابات الإجرامية في أي مكان يفرون إليه في العالم".
الفضائح التي كشف عنها سادات بكر جددت لدى الأتراك الشكوك في تعامل الحكومة مع عصابات المافيا، خاصة في حوادث الاغتيالات والاختطاف والاختفاء القسري، وتجارة السلاح والمخدرات.
وقبل عام غادر بكر الأراضي التركية لكنه أطلق تصريحات حول العلاقات المثيرة بين كل من السلطة والسياسة والمافيا والصراع الذي يدور حول مراكز القوى في البلاد، عقب عملية أمنية استهدفت 48 من رجاله في تركيا خلال أبريل/نيسان الماضي.
aXA6IDMuMTYuNzUuMTU2IA== جزيرة ام اند امز