في قوة تركيا "الناعمة".. فتش عن الإرهاب
اكذب ثم اكذب، فإن لم يصدقك الآخرون فسيعتاد دماغك على الكذب بمرور الوقت، وتصدق نفسك.. مقولة تنطبق على الوكالة التركية
موقع إماراتي يُعرّض بقوة تركيا الناعمة... فماذا عن الإمارات؟... عنوان جديد لتقرير نشرته وكالة ترويج الأكاذيب الرسمية التركية، ضمن حملة أردوغانية متواصلة تستهدف الإمارات وإنجازاتها ونجاحاتها وقوتها الناعمة.
اكذب ثم اكذب، فإن لم يصدقك الآخرون فسيعتاد دماغك على الكذب بمرور الوقت، وتصدق نفسك.. مقولة تنطبق على الوكالة التركية التي تحولت إلى آلة لإفراز القصص الملفقة والتسويق للأوهام تحت باب التضليل الإعلامي الفج والمليء بالتناقض والتهافت والمعلومات الخاطئة.
قد يخلق الكذب مغالطات، ويحجب الحقيقة عن الناس، وهذا هدف أنقرة من وكالتها الرسمية لتصدير الأكاذيب، لكن حتى الكذب يتطلب بعض المهارات الاستثنائية، أو على الأقل أقلاما يعتد بها، وليس مجرد حفنة من الجواسيس، ممن يستلون الأقلام بدل السيوف للقتل والتدمير وبث الرعب والتقسيم في كل شبر من العالم.
ومنذ فترة، تركز وكالة تصدير الأكاذيب التركية على دولة الإمارات والسعودية أيضا، مع تراجع مسجل بالفترة الأخيرة بالنسبة لحدة الهجمات على المملكة.
لكن حتى هذا التراجع مرشح للعودة بقوة في أي لحظة، إذ لا مبدأ للوكالة.. اليوم تهاجم وغدا تتودد.. تزيف التاريخ من أجل توظيفه في أكاذيبها بالحاضر ضمن حملات معروفة الهدف، في شكل واضح من أشكال إساءة استخدام مفهوم القوة الناعمة.
استراتيجية خبيثة ترنو إلى محاولة إعادة العلاقات مع السعودية، بحثا عن حصد الانشقاقات بينها وبين دولة الإمارات، في حلم يظل بعيد المنال لإدراك حكام المملكة بحقيقة العبث التركي عبر بوقه الإعلامي المرتعش.
القوة الناعمة والتوسع الاستعماري
بانضمامها إلى قائمة العشر الأوائل عالميا للمؤشر العالمي للقوة الناعمة للدول، ترسخ دولة الإمارات مكانتها الإقليمية والدولية، وتجني ثمار جهودها واستراتيجياتها الفعالة في السياسة الدولية.
اعتراف دولي ترجمته نتائج "التقرير العالمي لمؤشر القوة الناعمة 2020" الدولي، والذي اختار دولة الإمارات ضمن قائمة الدول العشر الأولى عالمياً من حيث التأثير العالمي الملحوظ، مع كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وفرنسا، وروسيا، وكندا، وإيطاليا، في قائمة غابت عنها تركيا.
وبقوة ضاربة، حلقت دولة الإمارات مستندة لاستراتيجية تهدف لتطوير هوية موحدة للدولة، وتعزيز موقعها كبوابة للمنطقة العربية وعاصمة عربية للثقافة والفن والإعلام والسياحة والعِلْم، وتطوير تفاعلها الدولي بما يرسخ سمعتها كدولة حديثة منفتحة، مفعمة بقيم التسامح والتعايش المشترك.
فتحْت شجرة الإمارات الإنسانية، تستظل أكثر من 200 جنسية بثقافات وأعراق وديانات مختلفة، يشكلون جسداً إنسانياً متلاحماً ويتعايشون في أمان، دون خوف من أن يتحولوا يوما إلى ورقة ابتزاز للاتحاد الأوروبي، أو وسيلة لتحقيق مآرب انتخابية داخلية كما تفعل سلطات أردوغان.
وسعيا لمد يد العون وتضميد جراح المنكوبين في جميع أرجاء العالم، تمتد مساعدات الإمارات عبر الهلال الأحمر، منذ عقود، لتطعم الجياع وتربت على رؤوس اليتامى والثكالى، وتضمد جراح البشرية جراء إرهاب أنقرة وأمثالها من السياسات الاستعمارية.
ويحرص الهلال الأحمر الإماراتي على ضمان استمرارية تلقّي المحتاجين كافة الخدمات الضرورية والإنسانية، بعيدا عن أي أطماع في مناطق تدخله، خلافا لمساعي أنقرة المحمومة لتبرير تدخلها في شؤون الدول الأخرى، عبر أقنعة شعارات المساعدات الإنسانية والإغاثية، وعلى رأسها وكالة "تيكا".
تسعى دولة الإمارات لتحقيق القوة الناعمة كمفهوم يعكس قوة النموذج، وجاذبية الثقافة، وسمو القيم والمبادئ، والمصداقية في الالتزام، بينما تريد أنقرة المفهوم المراوغ أو الخبيث للمصطلح، من خلال استغلال حاجة الشعوب مطية لفرض سيطرتها على قرارها الوطني، وهذا ما يفسر تواجد "تيكا" في بلدان محددة دون غيرها.
وعلى أرض الإمارات ولدت وثيقة الأخوة الإنسانية، لتكون منارة العالم للسلام، في المقابل حولت أنقرة بأطماعها أراض سوريا وليبيا إلى محرقة لشعوبها بتأجيج الصراعات، ومحاولات اختراق بلدان أخرى في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء، لأهداف استعمارية بحتة.
وأرض الإمارات الطيبة تحتضن أيضا مقر مجلس حكماء المسلمين، رمز الوسطية والاعتدال، بعكس اتحاد علماء المسلمين لمؤسسه الإرهابي يوسف القرضاوي، عراب تركيا وقطر، وصاحب الفتاوى المتطرفة الحاثة على التقسيم والتشتت والقتل والدمار.
تركيا المستاءة من الإمارات
تركيا المستاءة من الإمارات، أو تركيا ـ وهنا نقصد الحكومة دون أي مساس بالشعب التركي - والتي تستهدف الإمارات بحرب إعلامية تقودها وكالة رسمية تصدر الأكاذيب بأدوات ضعيفة وجيش واهن، نصفه من المأجورين، ونصفه الثاني بحاجة إلى دروس تقوية في اللغة وأبجديات الخارطة الجغراسياسية للتوازنات الدولية.
ففي 3 يناير/ كانون ثان الماضي، نشرت وكالة الأكاذيب تحليلا بعنوان "سياسة المحور السعودي الإماراتي في شرق المتوسط تؤجج التوترات"
فمن يقرأ هذا التحليل سيتأكد أن كل ما التقطه كاتبه وناشره فيه هو اسم السعودية والإمارات وما تلاهما من ادعاءات ومعطيات كاذبة، وقد بدا ذلك كافيا لنشره بوكالة أنباء رسمية من المفروض أن تكون متمكنة من أبسط أبجديات الخارطة الجيوسياسية للتوازنات والبلدان.
تحدث "التحليل" عن "محور إماراتي سعودي" يهدده تعاون منتظر بين "مصر وإسرائيل" من جهة وتركيا من جهة أخرى لنقل كمية كبيرة من احتياطياتهما من الغاز الطبيعي إلى أوروبا.. ويظل السؤال: ما علاقة الإمارات الواقعة بالخليج العربي بنقل الغاز المصري؟ وما علاقة الغاز المصري بتركيا؟.
حشو مثير للشفقة يجوب كافة أنحاء التحليل فيضع الإمارات والسعودية بقفص المتهمين بالاعتداء على الحدود الدولية وعلى الآخرين، ويزج بهما في حرائق الرئيس رجب طيب أردوغان شرق المتوسط، مع أن لا أبوظبي ولا الرياض تملكان أي سفن أو بوارج أو حتى بواخر تنقيب بالبحر المتوسط.
ومن شرق المتوسط إلى ليبيا، حيث ثاني أكبر حرائق أردوغان المشتعلة في عقر البيت العربي بعد سوريا.. هنا أيضا اختارت وكالة الأكاذيب استهداف الإمارات بذات جنودها المتخبطين، معربة عن استيائها من مقاربتها بالشأن الليبي.
استياء أكد أن ذلك الوهم الطاغي على مخيلة سيد الوكالة ـ أردوغان- تحول إلى ما يشبه الأحقية المكتسبة ـ عقب اتفاقه الموقع مع زعيم مليشيات طرابلس فائز السراج ـ ، بحق العبث بليبيا دون السماح لأي يد عربية بأن تمتد لمساعدة الشعب الليبي في محنته.
تحدثت وكالة التلفيق عن "دوافع أيديولوجية وجشعة" للإمارات في ليبيا، وعن قمعها "الحركات الديمقراطية وقوى الإسلام السياسي وجماعة الإخوان" وعن الكثير من المعطيات الملفقة والمضللة، مع أن الإخوان بعيدة عن أن تكون ديمقراطية وهي المصنفة إرهابية من قبل العديد من بلدان العالم.
كما أن أنقرة أغلفت سفن الأسلحة وطائرات الموت المحلقة على رؤوس الليبيين، فعن أي وهم تتحدث وكالة الأكاذيب وأي بدعة تسوق وأي خرافات تنسج من أوهام "سلطان" عاجز.
انقلب السحر على الساحر
في مارس/ آذار الماضي، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو نشرته وكالة أردوغان على أنه للمعارضة المعتدلة في إدلب، ويظهر فيه جنود يضعون شعار تنظيم "داعش" على أذرعهم، قبل أن تحذفه الوكالة لاحقا لاكتشافها الورطة التي وقعت فيها بفضح علاقة أنقرة بالمعارضة التي تسمّيها إرهابية.
ويظهر في الفيديو بوضوح "لوجو" الوكالة، وقد أعادت صفحات إخبارية وناشطون نشره، مؤكدين أن الوكالة فضحت عن غير قصد العلاقة الودية بين تركيا وداعش، قبل حذف الفيديو.
مراقبون يرون أن من يدعم الإرهاب بهذه الطريقة ويستبيح دماء الشعب السوري والليبي، ويتاجر بقضايا المنكوبين والمستضعفين تحت يافطات إيديولوجية بالية، ويؤجج الصراعات والنزاعات من أجل وهم استعادة امبراطورية بائدة، لن يتمكن أبدا من إقناع العالم بأن السم قد يتحول إلى عسل.
aXA6IDMuMTQ5LjIzOS43OSA= جزيرة ام اند امز