"المرأة الحديدية".. هل تُنهي قبضة أردوغان على الحكم؟
الرقاب في تركيا تشرأب وهي تتابع قدرة حزب "الخير" الذي أسسته أكشينار على توفير بديل لحزب أردوغان الذي يمسك البلاد بقبضة شديدة
كان إعلان وزيرة الداخلية السابقة ميرال أكشينار تأسيس عن حزب جديد كإلقاء حجر في بركة ماء راكد، جعل الرقاب تشرأب وهي تتابع قدرته على توفير بديل لحزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يمسك البلاد بيد من حديد.
الإعلان عن حزب "الخير" جاء الأربعاء الماضي في مهرجان حضره المئات في العاصمة أنقرة، وضم 5 نواب حاليين في البرلمان وعددا من الشخصيات السياسية "المستقلة" وآخرين مفصولين من الأحزاب السياسية الكبرى.
ورغم أنها لم تكشف بعد عن برنامجها السياسي يبدي أنصار أكشينار اقتناعا بقدرتها على جذب أصوات حزب "الحركة القومية" وكذلك حزب "الشعب الجمهوري" وحتى الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" في ظل تنامي الغضب من سياسات أردوغان.
وعلى ضوء هذه المعطيات فإن أكشينار (61 عاما) تمثل تحديا لأردوغان لعدة أسباب في مقدمتها أنها تستمد شعبيتها من نفس قاعدته الشعبية وهي فئة الناخبين المحافظين والمؤيدين لقطاع الأعمال والمتدينين والقوميين.
وبينما تجنبت أكشينار تصنيف حزبها بين اليمين واليسار، ترحّمت خلال كلمتها على كل من مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك والرئيس السابق عصمت إينونو وكل من رؤساء وزراء اليمين القومي السابقين عدنان مندريس وسليمان دميريل ورئيس الوزراء الإسلامي السابق نجم الدين أربكان ورئيس الوزراء اليساري السابق عن حزب الشعب الجمهوري (الكماليين) بولنت أجاويد.
ولكنها لم تذكر مؤسس حزب "الحركة القومية" ألب أرسلان توركيش، وهو الحزب الذي انشقت عنه أكشينار.
وبشكل عام قالت إنها ستعمل على محاسبة الفاسدين في البلاد، ورفع المستوى الاقتصادي بما يشمل تخفيض نسبة البطالة، مشيرة إلى أن الحكم الحالي في تركيا (حكم مؤقت).
حظوظ أكشينار
وتباينت آراء المحليين والمعلقين الصحفيين الأتراك حول قدرة الحزب الجديد في مقارعة حزب أردوغان في الانتخابات.
فالمحلل السياسي التركي إسماعيل بالي، قال لـ"بوابة العين الإخبارية" إن الحزب الجديد يعتبر أكبر وأهم نشاط مناوئ لحكم أردوغان منذ فشل المحاولة الانقلابية في يوليو/تموز 2016 التي وقفت ضدها جميع القوى السياسية في البلاد.
وبرر ذلك بأن الحزب من الممكن أن يساهم في تحريك المياه الراكدة، وخلق تكتل جديد للمعارضة ضد الحزب الحاكم.
لكنه لفت إلى ضرورة الحاجة إلى مزيد من الوقت لرصد سلوك ناخبي حزب "العدالة والتنمية".
في المقابل، قلل الكاتب في الشأن السياسي التركي حسن أوزتورك من أهمية تأسيس الحزب الجديد باعتبار أن جميع الأحزاب التي انفصلت عن "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" حتّى الآن لم تستطع الاستمرارية والبقاء.
وأشار إلى أن المعارضة التركيّة ونتيجة لإخفاقاتها المتكررة تمر بفترة تشتّت شديدة تزيد من ضعفها ومن احتمال فشلها مرة أخرى في الانتخابات البرلمانيّة المقبلة.
وفي ظل زيادة محاولات المعارضة لتحدي أردوغان في الانتخابات المقبلة، يواصل الحزب الحاكم حملة تغيير وتجديد في قياداته من أجل الاستعداد وتعزيز فرص فوزه بالانتخابات المقبلة.
وكشفت وسائل إعلام تركية عن نية الحزب الحاكم تغيير قادة الحزب في 22 ولاية تركية من أصل 81، وذلك بعد أن أجبر الرئيس التركي 5 من رؤساء كبرى البلديات على الاستقالة للدفع بشخصيات جديدة تلقى ترحيبا شعبيا.
من هي أكشينار؟
ولدت أكشينار، الملقبة بـ"المرأة الحديدة" عام 1956 لأبوين هاجرا من سالونيك في اليونان وانخرطت في العمل السياسي مبكرا، وتحمل شهادة الدكتوراه في التاريخ، لكنها تركت العمل الأكاديمي عندما فازت بمقعد في البرلمان عام 1994 عن حزب "الطريق القويم".
وبعدها بسنوات قليلة تولت منصب وزيرة الداخلية في حكومة نجم الدين أربكان 1996 إلى أن تدخل الجيش وغيَّر الحكومة في انقلاب ناعم 1997 عبر إصدار إنذار نهائي ضد حكومة أربكان.
وتقول إن أردوغان يرى العالم بلونين فقط هما إما أبيض أو أسود "أما أنا فلا أنظر إلى سيادة القانون بمنظار الخطأ أو الصواب، أنا أؤمن بسيادته".
وانتقدت موقف أردوغان من المرأة وقالت إنه يريد "أن نبقى داخل المنزل".
وعادت أكشينار إلى البرلمان عام 2007 بعد 10 سنوات من الغياب، لكن هذه المرة على قوائم حزب الحركة القومية الذي ارتبط اسمه في سبعينيات القرن الماضي بمنظمة "الذئاب الرمادية" القومية التي ارتكبت العديد من الجرائم ضد النشطاء الأكراد واليساريين في البلاد.
وتعرضت هي نفسها لحملة شرسة من قبل الإعلام الموالي لأردوغان تناولت حياتها الشخصية منذ إبريل/نيسان من العام الماضي.
كما تلقت تهديدات بالقتل، ووصفت ذلك بأنه محاولة لإرهابها. وقالت: "إن هذه الحملة المنسقة منذ إبريل 2016 تهدف إلى إرغامي على التراجع لكنهم فشلوا في ذلك".
وبذلك يبدو أن الهدف القريب لحزب أكشينار الجديد هو كسر حالة الجمود السياسي في ساحة المعارضة التركية التي فشلت على مدى الـ15 عاما الماضية من كسر احتكار حزب "العدالة والتنمية" للحكم في البلاد.
فهل ينجح الحزب الجديد في وقف عجلة حزب العدالة والتنمية الحاكم أم لا؟ هذا ما سنراه خلال الأيام المقبلة.